وزير خارجية البحرين وتدشين خطاب المرحلة الجديدة: اسرائيل الصديقة

صورة أرشيفية للقاء الملك البحريني حينما كان ولياً للعهد مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق شيمون بيريز
صورة أرشيفية للقاء الملك البحريني حينما كان ولياً للعهد مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق شيمون بيريز

2018-11-04 - 12:41 ص

مرآة البحرين (خاص): أكثر من 1200 تعليق مستهجن ومستنكر من جميع أنحاء العالم، قوبلت به تغريدة وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد حول رئيس الوزراء الاسرائيلي، فضلاً عن التلقّيات المختلفة في وسائل التواصل الاجتماعي. كتب على صفحته: "رغم الخلاف القائم، إلا أن لدى السيد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل موقف واضح لأهمية استقرار المنطقة ودور المملكة العربية السعودية في تثبيت ذلك الاستقرار".
اعتبرت التعليقات المنهمرة أن كلام الوزير ضرب بعرض الحائط كل آلام الشعب الفلسطيني ومعاناتهم مع هذا الكيان الغاصب، واستخف بكل مشاعر الشعوب التي تشّكل فلسطين جرحاً نابضاً في وجدانهم، يرقّق وزير خارجية البحرين مسمّى العلاقة مع اسرائيل من (العدو والمحتلّ والمغتصب) إلى مجرّد (خلاف قائم)، ويعظّم رئيس وزرائها المجرم والقاتل فيسبغ عليه كنية (السيد) احتراماً وتقديراً، ويقدّمه باعتباره الراعي المستقبلي للاستقرار في السعودية والمثبّت له، أي أن نتنياهو يمثّل المختلف الصديق والشريف!
قد لا نستغرب تغريدته تلك بعد أن كشفت صحيفة "جيروزالم بوست" الصهيونية قبلها، أن إسرائيل باعت أنظمة تجسس الأكثر تطوراً إلى السعودية بـمبلغ 250 مليون دولار.
وبشكل عام، باتت الهرولة الخليجية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل أمراً مفروغاً منه، وبات محسوماً تهافت الدول الخليجية على نيل رضا واشنطن من بوابة إسرائيل. وصار شبه مؤكداً، أن البحرين هي الوجهة القادمة لرئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بعد زيارته الرسمية المفاجئة لمسقط نهاية أكتوبر الماضي.
صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت إن البحرين عقدت محادثات سرية مع إسرائيل للتهيئة للإعلان عن علاقات علنية بين البلدين، وأعلنت أن المحادثات تأتي في إطار "تطبيع العلاقات مع الدول العربية قبل تطبيق الخطة الأمريكية المعروفة بـ «صفقة القرن» الهادفة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
تزامن ذلك الترحيب الرسمي مع رفع علم اسرائيل وعزف نشيدها الوطني للمرة الأولى في بلد خليجي هو الإمارات بحضور وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف وفريقها الرياضي، ومع وجود منتخب إسرائيل للجمباز في بطولة العالم في الدوحة.
كل ذلك ليس من قبيل المصادفة ولا التجاوز، إنّه ضخّ متعمّد مقصود منه البدء في تحويل الأمر المستنكر لدى شعوب المنطقة إلى أمر طبيعي تدريجياً. لا تخشى هذه الأنظمة صدمة شعوبها ولا استهجانهم وغضبهم الأولي، تعلم أن الصدمة تكون أول الأمر فقط، ثم تخف تدريجياً حتى تبدأ بالتلاشي مع التكرار وتصير أمراً واقعاً ومسلّماً به. الأنظمة التي تتعامل مع اسرائيل طوال السنوات الماضية من تحت الطاولة صار مطلوباً منها الآن العمل من فوق الطاولة، هذا ما تريده صفقة واشنطن الآن، والمسافة بين الأنظمة الخليجية الحاكمة واسرائيل ليست سوى ممانعة الشعوب ورفضها، وهو ما أوضحه حساب مستشار الأمير محمد بن نايف في تغريدة له: "الآن وبعد إظهار التطبيع مع إسرائيل الى العلن، بات تنفيذ صفقة القرن أكثر سهولة وسلاسة، حيث كانت مسألة اعتراف دول الخليج بإسرائيل كدولة أكبر العقبات التي تواجه هذا المشروع".
صار على تلك الأنظمة مواجهة شعوبها أولاً، ثم إقناعها بصداقة اسرائيل ثانياً، وصار ضرورة إرساء مصطلحات جديدة في العلاقة معها بدلاً من القديمة، مثل أن "الزمن قد تغير"، وأن "إسرائيل دولة موجودة في المنطقة ونحن جميعاً ندرك هذا"، وأنها "تمتلك من الإمكانيات التي تجعلها تفيد وتستفيد" كما قال بن علوي وزير خارجية عمان. والبدء بترويج خطاب المصالح الذي أعلنه أحد مروّجي التطبيع في البحرين عبدالله جنيد: "إذا كان لدينا مصالح في أن تكون لنا علاقات مع إسرائيل فلن نستأذن أحد في ذلك"، وسيكون هناك خطاب الواقعية مقابل التخلف وعدم الواقعية "اتمنى من الفلسطينيين أن يعودوا ويمارسوا الواقعية"، وسيكون هناك خطاب أنّها هي التي ستحفظ أمن المنطقة واستقرارها الذي أورده وزير خارجية البحرين. صارت الأنظمة العربية تعلن أن التطبيع مع إسرائيل هو ضمان لبقائها.
تغريدة وزير خارجية البحرين الأخيرة، تأتي في سياق تدشين خطاب رسمي وإعلامي جديد سيتم تركيزه في أسماعنا وأذهاننا كثيراً منذ الآن، حتى تتحوّل معه صورة اسرائيل من العدوة إلى الصديقة، وأقرب مما نتصوّر سيتم إعلان اسرائيل حليفاً استراتيجياً جنباً إلى جنب مع أمريكا.