عزل المعارضة وتحجيم الموالاة... انتخابات 2018: هندسة سياسية لمرحلة اقتصادية قاسية

قياديون في أحزاب تم عزلها أو صرفها عن المشهد- من اليمن: محمد العمادي (إخوان) عبدالحليم مراد (سلف) جواد فيروز  (الوفاق)
قياديون في أحزاب تم عزلها أو صرفها عن المشهد- من اليمن: محمد العمادي (إخوان) عبدالحليم مراد (سلف) جواد فيروز (الوفاق)

2018-10-30 - 8:38 ص

مرآة البحرين (خاص): بدلا من أن تفضي الانتخابات التشريعية عن تشكيل حكومة برلمانية كما هو الحال في الملكيات الدستورية، أصبحت الانتخابات في البحرين لاختيار «المواطنين الصالحين ومن يمثلهم». باتت السلطة تختار من يحق له الترشح ومن يحق له التصويت.

على الرغم من أن التجربة البرلمانية الفاشلة تدفع البحرينيين لمقاطعة الانتخابات في رد فعل عفوي، إلا أن السلطة حذفت عشرات آلاف الناخبين من قوائم الانتخابات، مع إعلان المعارضة قرارها السياسي بمقاطعة الانتخابات. بحسب المستشار القانوني إبراهيم سرحان فإن عزل الكتلة المعارضة يأتي «ضمن مشروع شامل للعزل السياسي».

ويرتكز مشروع العزل على إلغاء جماهير المعارضة من كامل العملية السياسية، بعد أن حظرت عليها التعبير عن نفسها عبر التظاهرات ووسائل الإعلام والصحف، كما حدث بإغلاق صحيفة الوسط  الصحيفة المعارضة الوحيدة في البحرين.

ولأن مقاطعة الانتخابات واحدة من وسائل التعبير السياسي للمعارضة، فإن السلطة تعتقد أن تحييد الكتلة الناخبة سيساعدها على التحكم في نسبة الإقبال التي لطالما كانت محل سباق بين المعارضة والسلطة التي دائما ما كانت تخسر. لقد حدث ذلك عندما قررت المعارضة مقاطعة الانتخابات في 2002/ 2011 (تكميلية)/ 2014، إذ لم تتجاوز نسبة الإقبال 35%.

وتراهن السلطة الحاكمة في البحرين كثيرا على الانتخابات المقررة في 24 نوفمبر المقبل في تحسين صورتها شعبيا. وتعتقد أن نسبة مشاركة مرتفعة يمكن لها أن تمنحها شرعية شعبية بعد حالة التذمر التي سادت الشارع البحريني في أعقاب إصدار الملك مرسوما بفرض ضريبة القيمة المضافة وبصم عليه البرلمان.

ليس ذلك فحسب، إذ تريد السلطة تمرير إجراءات إقتصادية إضافية قاسية بينها إعادة هيكلة الدعم النقدي وأنظمة جديدة للتقاعد. وترى السلطة أن نسبة إقبال عالية وبرلمان خليط يمكن له أن يضفي صبغة شعبية على تلك الإجراءات التي يمكن أن تواجه بردات فعل شعبية غير متوقعة.

برلمان خليط

تمنع السلطة 4 أحزاب رئيسية من المشاركة أو التمثيل الكبير في الانتخابات لأسباب مختلفة. فبينما حلّت أكبر فصيلين معارضين الوفاق ووعد بسبب رفضهما المشاركة في انتخابات 2014. قامت السلطة بالضغط على مواليها الإسلاميين المنبر الإسلامي (إخوان مسلمون) والأصالة الإسلامية (سلف) لتخفيض حضورهم في المشهد السياسي كأحد ضرورات التحالف مع السعودية، الإمارات ومصر.

الإخوان المسلمون (التحالف الخليجي قائم على مواجهتهم) لم يعلنوا عن قائمة لخوض الانتخابات على الإطلاق، واكتفت بترشيح أشخاص قريبين منها. وقال نائب رئيس الجماعة البحرينية النائب السابق ناصر الفضالة، الذي أعلن نيته عن خوض السباق، أنه تراجع ليمنح الفرصة لوجوه جديدة، فيما لم يعلن أي قيادي سلفي عن رغبته في الترشح.

وقال القيادي السلفي عبدالحليم مراد إنه لن يترشح لإفساح المجال لغيره، بينما أعلنت الأصالة عن خوض المنافسة بالصف الثاني والثالث وتخفيض عدد المقاعد التي سيتنافسون عليها للنصف.

على الجانب الآخر، واستنادا لقانون شرّعه البرلمان وصادق عليه الملك، يحظر على أعضاء الأحزاب المعارضة الترشح للانتخابات، أسقطت وزارة العدل أسماء عدد كبير من المترشحين كانوا قد انشقوا منذ سنوات عن الوفاق ووعد.

ومنعت وزارة العدل رئيس مجلس بلدي الشمالية السابق يوسف البوري من الترشح بحجة انتمائه للوفاق، فيما منعت الممثل إبراهيم بحر لانتمائه السابق لوعد. وتنتظر أسماء عديدة اليوم إسقاط أسمائها من عملية سياسية تصفها المعارضة الوطنية في البلاد بـ «الزائفة».

هكذا ترسم السلطة أدق تفاصيل الانتخابات: تحدد المترشحين والناخبين، وتختار عبر مراكز التصويت العامة خليط غير متجانس من النواب يعطي مراسيم الملك وقوانين الحكومة صفة شعبية كاذبة، في وقت تتلاشى فيه شرعية السلطة الحاكمة مع فرض الأتاوات والضرائب وانتهاء الدولة الريعية.