إلى ناصر بن حمد آل خليفة... لكي لا تكون "السيد منشار العظم" البحريني
2018-10-27 - 10:37 م
مرآة البحرين (خاص): معك حق في أن تغضب. فنصرك المزعوم الذي أتيتَ به لم يبلعْه أحد. اضطررت تحت سطوة الضغط والحقيقة الساطعة لأن تعترف في النهاية بأنك فزت في مسابقة للهواة Executive Challenge Division لا في بطولة الرجل الحديدي العالمية للمحترفين. وهو كما تعلم، ليس ما قلته في أوّل مرّة، ولا هذه هي بطولة العالم للرجل الحديدي IRONMAN World Championship. لقد كذبتَ فأوقعت عائلتك والصحف المحلية في ورطة. كتبت لهم في حسابك الرسمي إنك حققت بطولة العالم للرجل الحديدي المقامة في "كونا". فمشوا وراءك رافعي الرّايات يطبّلون كالنّعاج الهُبْل.
بصدق، كان منظرك مضحكاً. تلك الصورة التي تظهرك لحظة اجتيازك حاجز النهاية نافخاً قفصك الصدريّ كبالونة من غاز الفريون، ومكوّراً قبضتك في الهواء كما لو أنك أحضرتَ "الذيب" من ذيله، مثيرة للشفقة حقاً. تسع ساعات يا ظالم، تسع ساعات! في الوقت الذي أنهى 250 شخصاً السباق قبلك ما بين 7 و8 ساعات. هل كنت تنافس على مستوى بطولة الرجل الحديدي فعلاً أم كنت في مسابقة للرخويّات!
أي نوع من "رجال الحديد" أنت! أحرزت نتيجة مضحكة لم تكتب عنها ولا صحيفة محترمة في العالم ولا حتى موقع المسابقة. 251 على مستوى السباق و57 على مستوى فئتك العمرية و229 على مستوى المتسابقين الذكور و22 على مستوى المتسابقات النساء. هذه هي نتائجك الحقيقية لمشاركتك في بطولة العالم للرجل الحديدي ولا داعي لاختراع بطولات أخرى هامشيّة تنافس فيها متسابقين أغنياء VIP في عمر أبيك وجدّك لكي توظب نصراً خاصاً على مقاسك.
في مقابلتك الأخيرة قلت إنك مستعد لإثبات فوزك. نحن نتحدّاك أن تأتي برابط واحد من موقع المسابقة ironman.com أو أي صحيفة عالمية يتطرّق إلى فوزك المزعوم بأيّ بطولة عالمية حقيقيّة. اعتبرْ هذا رهاناً.
لقد بدوتَ منزعجاً جداً في غضون المقابلة. يمكن للمشاهد رؤيّة العروق المقطعيّة في رقبتك وهي تضخّ الدم بقوة. توحي حركاتك وسكناتك بأنّك كنت شديد التأثّر بحملة التهكم التي طالتك. هدّدتَ من يشكّك في "إنجازك" بأنك ستريه "العين الحمراء" وتشن عليه "حرباً كبرى". سعادة الأمير الشاب، اسمح لنا أن نخبرك بأنك مسخرة! أنت الرّياضي الوحيد في العالم الذي يطلق تهديدات لإجبار مواطنيه على البصم على نتائجه الخائبة في المنافسات. من الجيّد أن تعرف أن موجة التهكم على المزاعم التي أطلقتها في حساباتك بوسائل التواصل الاجتماعيّ عن فوزك بالبطولة لا تقتصر على منتقديك المحليين؛ أولئك الذين تملك سلطة تهديدهم مرّة بإسقاط طوفة فوق رؤوسهم، ومرة بالعين الحمراء. العالم كله يسخر منك.
على موقع reddit.com مثلاً انطلق حوار حول مصداقيّة مزاعمك بين معلّقين كلهم أجانب. وقد سلخوا جلدك سلخ البعير الأجرب. أحد حاضري السباق كان يقف عند سكة الحديد على بعد 200 ياردة من خطّ النهاية. تحدّث عن كيف كان منظر موكب مرافقيك الذي اصطحبته معك وقحاً وهزليّاً؛ حيث كانوا ينخرطون بأعلامهم وعَبوسهم في موجة من التصفيق الحار والضجيج ما إن يروا أحد المتسابقين قد أطلّ مقترباً من حاجز النهاية ظانين بأنه أنت. وما إن يكتشفوا أن القادم ليس أنت كانت تلفّهم الخيبة فيتوقفوا عن الهتاف. لقد خيّبتهم يا أبا حديد.
أحد المعلّقين المهووسين بهذه الرّياضة كشف عن أنك أحضرتَ معك 62 شخصاً مرافقاً هذا العام إلى مدينة "كونا" عبر طائرة "بوينغ" شخصية 747 لأداء تمثيلية الفوز التافهة. كما تطرق إلى إنفاقك الكثير من الأموال على هذه المسابقة. نحن ترجمنا هذه المعلومات ونضعها برسْم الداعمين الخليجيين والقائمين على برنامج التوازن المالي لأغراض ترشيد الإنفاق الحكومي وما إذا كانوا يرضون فعلاً أن يجري هدْر أموال الدعم بهذا الشكل.
هذا المعلّق نفسه "Elite" كتب عن أنه شاهدك في العام الماضي تستقلّ إحدى السيارات الخاصّة المرافقة لك خلال تحدّي الدرّاجات؛ مما يمنحك ذلك وضعاً مُريحاً للغاية. وهو يفترض أنك فعلت الشيء نفسه هذا العام في "كونا". ثمّة معلقون أجانب آخرون كتبوا عنك كلمات خادشة تعذّر علينا ترجمتها. ولكنّ رسالة ذلك واضحة: لا أحد يصدّقك ولا مقتنع بإنجازك أيّ شيء في أيّ شيء. فماذا ستفعل لهؤلاء؟ هل ستريهم "العين الحمراء" أيضاً وتشن عليهم "الحرب الكبرى". إما أن تكون شيخاً أو تكون رياضياً؛ لكن لا يمكنك جمع الاثنين. الشيخ يعني السلطة، والرّياضة تعني الرّوح الرياضية. ثمّة رابط مشترك بين جميع الرياضات، وهو أنها جميعها تقوم على السيطرة على النفس والتحكم في الغرائز. لا يمكن أن تكون رياضيّاً وحيواناً في الوقت نفسه. لن تكون رياضيّاً أبداً ما دمتَ تطلق التهديدات. لقد جرّب هذا شابٌّ غُرّ طائش في مثل عمرك، وهو ولي عهد السعودية أو "السيد منشار العظم" كما بات يعرف الآن في كل العالم، فأطلق العنتريّات وها أنت تراه في وضع محرج للغاية. "العين الحمراء" التي تتوعد وتهدد بها لن تأخذك إلى مكان آخر غير المكان الذي تراه فيه الآن. هناك تقرير لنائبة رئيس تحرير صحيفة The Financial Times البريطانية نشرته مؤخراً تطرّقت فيه إلى سقوط خرافة أبناء الملوك والرؤساء الشبّان في الشرق الأوسط الذين كان يجري التسويق لهم على أنهم وجوه إصلاحيّة ستتولّى محْو عنجهية آبائهم. وقد أثبتت الأيّام العكس تماماً، أنهم كانوا أشدّ قسوة بكثير. سيف الإسلام القذافي، عديّ صدام حسين، جمال مبارك، محمد بن سلمان، محمد بن زايد. أنت لا تفعل بتهديداتك الرّعناء سوى أنك تقدّم أوراق اعتمادك في هذا النادي المجرم والمليء بالقسوة. وفي مقامك، كمسئول أوّل عن الرّياضة، تبدو أقرب شبهاً بين كلّ هؤلاء بعديّ صدّام حسين. حظّاً سعيداً.