التعليق السياسي: إلى الخارجية الأمريكية... هكذا استغفَلَتْكم البحرين!

عشرات آلاف العمال المهاجرين يواجهون خطر الموت تحت الأبنية الآيلة للسقوط
عشرات آلاف العمال المهاجرين يواجهون خطر الموت تحت الأبنية الآيلة للسقوط

2018-10-13 - 9:23 م

مرآة البحرين (خاص):

إلى من يهمه الأمر... في وزارة الخارجية الأمريكية؛

لا بد وأنّكم تلقّيتم نبأ انهيار مبنى في العاصمة المنامة يقطنه أكثر من 100 عامل مهاجر. 4 راحوا ضحية الحادث، وأصيب العشرات إصابات بعضها خطيرة، ولحسن الحظ لم يكن جميع السكّان بالداخل وقت وقوع الحادث.

كانت صور الضحايا تبعث على الهلع. لا يعرف أولئك الذين خرجوا من تحت الأنقاض أيصرخون لإصابتهم أم لمن فقدوا أم لمدّخراتهم (أموالهم) التي أكلتها النار؟ لقد انهار المبنى المكون من 3 طوابق على رؤوسهم بعد انفجار أسطوانة غاز في إحدى الغرف.

إنه مبنى لا تتجاوز مساحته 120 مترا مربعا، جدرانه متهالكة ويفتقر لأبسط الخدمات. ولكن، كان يتكدّس فيه هذا العدد الهائل من العمّال مكدسين فوق بعضهم البعض في غرف صغيرة، لا ينزلونها إلا للنوم، ويعيشون فيها إلى جانب مواقدهم وبقربها أسطوانات الغاز.

ليس هؤلاء وحدهم من يعيشون في مثل هذه الأوضاع في البحرين، عشرات الآلاف من العمال حياتهم مهددة، جميعهم يسكنون في أبنية آيلة للسقوط تفتقر لأبسط اشتراطات السلامة والأمان، على الرغم من أن بعضهم يعمل لصالح شركات مملوكة لأفراد في العائلة الحاكمة أو تجار تقترب ثرواتهم من ثروة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه.

تدفع الأوضاع المالية القاسية هؤلاء الفقراء إلى التشارك لاستئجار سكن يأويهم، لذلك يتركزون في المنامة حيث الأبنية القديمة الرخيصة وبعض القرى البحرينية.

أيها السادة في الخارجية الأمريكية؛

هل تملكون المخيّلة التي تؤهلكم لتصوّر كيف يعيش 55 عاملا، مثلا، في غرفة واحدة لا تتجاوز مساحتها 16 مترا مربعا؟ هل تتخيلون أن مطابخ هؤلاء وسط غرف نومهم؟ هل يمكن أن تتخيّلوا كيف لنحو 100 عامل أن يتشاركوا دورة مياه واحدة؟

يعمل بعض العمال المهاجرين برواتب لا تتجاوز 200 دولار في الشهر، بينما يهرب آخرون من كافليهم ليعملوا في أعمال رخيصة. أما بعضهم فقد حصلوا على رخصة عمل مستقلة من الحكومة البحرينية مقابل دفعهم آلاف الدولارات الأمريكية، ضمن ما سمّي بالتصريح المرن!

أيها السادة في الخارجية الأمريكية؛

ليس من الصعب أن تكتشفوا أن الجهود التي تقوم بها البحرين في مجال مكافحة الإتجار بالبشر إنما هي جهود زائفة، وأن منحكم الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي جائزة في هذا الصدد (27 يونيو/ حزيران 2018)، إنما كانت رسالة خاطئة.

كانت الرسالة تقول لحكومة البحرين: إننا نضعكم في الفئة الأولى التي نجحت في مجال حفظ حقوق العمالة المهاجرة ومكافحة الاتجار بالبشر، إنكم تقومون بما عليكم فعله. وهذه الرسالة تفهمها البحرين كالتالي: واصلي تكديس العمالة المهاجرة  فوق بعضهم البعض في الأبنية المتهالكة والآيلة للسقوط، 100 عامل أو يزيد، مثل هذا البناء الذي سقط وراح ضحيّته أربعة.

لكن هل تقوم البحرين بما عليها؟

ما تفعله البحرين لا علاقة له بمكافحة الإتجار بالأشخاص. إنه يتعلّق بجني المال من العمال المهاجرين، ومنح التجّار كل التسهيلات لاستقدام أكبر عدد منهم لتسيير أعمالهم وزيادة أرباحهم. تجني الحكومة المال من هؤلاء الفقراء، وتسمح باستقدامهم دون حدود ولا معايير، ثم تتركهم في الشارع لأداء أعمال بأجور رخيصة، والعيش في مساكن يشترك فيها العشرات، ومواجهة الموت تحت الأبنية!

إن حكومة البحرين تعتقد اليوم أنها نجحت في استغفال الإدارة الأمريكية والحصول على تصنيف متقدم، وأنها غير معنية بالقيام بأي جهد لحماية أرواح هؤلاء العمّال. والأبعد من ذلك، هي تعتقد أنها بهذا التكريم نجحت في قطع الطريق على مؤسسات المجتمع المدني التي تطالب بتحسين أوضاع العمال المهاجرين وأوضاع حقوق الإنسان في هذا البلد.

ألا تشكّل هذه الحادثة لكم داعيا لمراجعة منحها هذا التكريم؟