المونيتور: جورجيو كافييرو: تقييم اللقاء البحريني-السوري في نيويورك

جورجيو كافييرو - موقع المونيتور - 2018-10-07 - 11:02 م

ترجمة مرآة البحرين

في أواخر الأسبوع الماضي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، صافح وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة بحرارة نظيره السوري وليد المعلم. وأثار هذا اللّقاء الكثير من الأسئلة بشأن السياسة الحالية للبحرين، وبالتالي، بقية الدول الخليجية، تجاه سوريا. وفي اليوم التالي، دافع خليفة عن قراره بلقاء الدبلوماسي السوري الأرفع بأنه "كان غير مخطط له"، وبأن كلا المسؤولين عقدا اجتماعات سابقة في وقت مبكر من الأزمة السورية.

وقال حرفيًا: "إن التحية بين الأخوة أمر لا بد منه، لكن هذا اللقاء حصل في وقت يمر فيه الموقف العربي بتغييرات إيجابية لضمان العمل والنشاط العربي بشأن القضية السورية. هناك حاجة لإعادة الإمساك بزمام القيادة العربية. سوريا بلد عربي وشعبها أخوان عرب، ومهما كان الذي يحدث هناك، فإنه يثير قلقنا قبل أي أحد آخر. وللأسف، فإن البلاد الإقليمية والدولية تنظر في القضية السورية بينما نحن العرب غائبون".

وقد فاجأ اللقاء ودفاع خليفة عنه عشرات المراقبين، وقد يكون السبب وراء ذلك وجيهًأ. كون زعيمي الدبلوماسية في المنامة ودمشق ودودين للغاية كان أمرًا متناقضًا، على بعض المستويات على الأقل. فبعد اندلاع الأزمة السورية،  استدعت البحرين -بالإضافة إلى أعضاء مجلس التعاون الخليجي باستثناء عمان- سفيرها من دمشق. وفي فبراير / شباط 2016، هددت المملكة الخليجية بالانضمام إلى القوات السعودية في شن تدخل عسكري في سوريا، ما أدّى إلى رد المعلم بأنّ مثل هذه الحملة ضد دمشق ستنتج عنها عودة السعوديين والبحرينيين "بالأكفان" إلى بلادهم. وفي أبريل / نيسان 2017، دعمت البحرين قرار دونالد ترامب بإطلاق عشرات الصواريخ من قاعدة الشعيرات الجوية، قرب حمص، ردًا على هجوم كيماوي. وبعد ثلاثين شهرًا، دعمت المنامة أيضًا الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد الجيش السوري.

ومع ذلك، فإن موقف البحرين الحقيقي من الأزمة السورية نفسها كان متناقضًا، خاصة أن الجيش الروسي تدخل بالحرب المدنية في سبتمبر / أيلول 2015، والتي حوّلت التوازن لصالح بشار الأسد. وفي فبراير / شباط 2016، زار الملك حمد بن عيسى آل خليفة الرئيس فلاديمير بوتين في سوشي في لقاء رمزي رفيع المستوى، قدّم فيه بوتين للملك البحريني حصانًا، في ما قدم الملك للزعيم الروسي سيفًا مصنوعًا من فولاذ دمشقي، واسمه "سيف النصر". وفسر بعض المحللين هذه الكلمات بأنها تعكس دعم المنامة للتدخل العسكري المباشر لموسكو في سوريا، والذي كان في النهاية بمثابة دعم مباشر أو غير مباشر لنظام الأسد.

ومباشرة بعد لقاء الملك حمد مع بوتين، شدّد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على أنّ "كلًّا من روسيا والبحرين تريدان رؤية سوريا مستقرة، كبلد تتم فيه تقوية المؤسسات والدولة العلمية، ودولة تضمن سلامتها الإقليمية ويتم في داخلها ضمان حقوق جميع المواطنين، من دون استثناء".

ربما، كما الأردن، غيرت البحرين آراءها بشأن الأزمة السورية، بعد صعود قوة الدولة الإسلامية (داعش) في العام 2014. ونظرًا للتهديد الجهاديين السّلفيين البحرينيين الذين انضموا إلى صفوف داعش في بلاد الشام للمملكة والحلفاء العرب للمنامة، قد تكون القيادة البحرينية رحّبت في نهاية المطاف بالتّدخل الروسي على أساس أن موسكو يمكن أن تضعف داعش فعليًا، حتى لو استلزم الأمر بقاء النظام في دمشق في السلطة بما يتوافق مع مصالح الكرملين.

وبغض النّظر عن نظرة نظام المنامة للأزمة السورية، واحتمالات عودة دمشق إلى المحور العربي، يجب أن تتلقى جميع سياسات الخارجية الرئيسية في البحرين الضوء من المملكة العربية السعودية. مما لا شك فيه أن سيادة البحرين كانت ثمنًا باهظًا للمساعدات السعودية للمملكة منذ اندلاع أزمة 2011. كانت سياسة المنامة الخارجية متماشية مع الرياض في الفترة التالية للربيع العربي، كما يتضح من موقف البحرين من الاتفاق النووي الإيراني، والاستيلاء العسكري على مصر في العام 2013، والتمرد الحوثي في اليمن، وحصار قطر، والتمدد العربي [في العلاقات] مع إسرائيل.

لذلك، من الجيد أنّ وزير الخارجية البحريني احتضن نظيره السوري فقط بعد حصوله على إذن من الرياض، وهو مؤشر آخر على ابتعاد المملكة العربية السعودية عن موقف "يجب أن يسقط الأسد"، والذي كانت تتبناه بشدة في وقت سابق من الحرب الأهلية في سوريا.

حقّقت دمشق خطوات مهمة في تسوية علاقاتها الدبلوماسية و / أو الاقتصادية مع العالم العربي، كما فعلت مع مصر في العام 2013، وتونس في العام 2015، والأردن في وقت سابق من العام الحالي. مع ذلك، فإنّ إعادة العلاقات بين دمشق وممالك الخليج التي دعمت بقوة التّمرد السني من شأنها في الغالب أن تشكل حدًا فاصلًا في عودة الأسد من الفتور إلى الدّبلوماسية العربية.

مما لا شكّ فيه أنّ تسوية المنامة أو الرّياض للعلاقات الدبلوماسية مع دمشق قد لا يؤدي إلى نتيجة في المستقبل القريب، حيث ستكون هناك حاجة للمزيد من الوقت للتّحضير للقرار الأشد إيلامًا، ومع ذلك الأكثر واقعية على الأرجح، لقبول النّظام السوري، والتعامل معه على كل المستويات. وقد تدفع القضايا الحساسة، بما في ذلك ردود الفعل السلبية من قبل الإسلاميين في الداخل، مسؤولين مماثلين في الخليج إلى التّحرك بحذر في إشراك حليف لإيران، نظام يتزعمه العلويون.

وأخيرًا، من الجدير السؤال كيف يمكن للقادة السعوديين أو البحرينيين أن يسوقوا مثل هذا التحرك للجمهور على أنه شيء مختلف عن الانتصار الإيراني في الحرب الأهلية السورية. والإجابة هي أنه من المرجح أن تقدم الرياض والمنامة دعمًا قويًا لجهود إدارة ترامب في إخراج نفوذ طهران من سوريا، على أمل أن تستطيع الدول الغربية والإقليمية الضغط على نظام الأسد لإبعاد نفسه عن إيران، وإعادة تنظيم علاقاتها مع الدول العربية وقبول روسيا -وليس إيران- على أنها المحور الأجنبي المهيمن في الهندسة الأمنية لسوريا.

النص الأصلي 

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus