الفاينانشيال تايمز: شيعة البحرين يرفضون الاعتراف بمصداقية الانتخابات المقبلة

أندرو إنغلاند وسيمون كير - صحيفة الفاينانشيال تايمز - 2018-10-04 - 3:01 ص

ترجمة مرآة البحرين

لم يفلت سوى القليل من المنازل والمتاجر المحيطة بالشوارع الضيقة الممتدة في قرى جزيرة سترة في البحرين من غرافيتي المعارضة. صور مرسومة للشّبان الذين قُتِلوا في الاحتجاجات المناهضة للحكومة مع شعارات تهاجم عائلة آل خليفة الحاكمة. يقول أحدها: "أيها الشهداء، لن نبكي، سننتقم"، والآخر "يا آل خليفة، غادروا" والثالث: "لا حوار". وكل واحد منها بمثابة تذكير بالاضطرابات التي ابتُلِيَت بها الأمة الخليجية، والتي تتحضر للانتخابات النّيابية في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني. الحكومة، الحريصة على الترويج لصورة البحرين كمركز مالي مزدهر، تأمل أن يمحو التصويت سبع سنوات من الاحتجاج من قبل الغالبية الشيعية في المملكة. لكن شخصيات معارضة تقول إنّ الاقتراع سيتم في محيط قمعي يعكس تزايد الاستبداد في الشرق الأوسط منذ اندلاع الانتفاضات في المنطقة في العام 2011.

"إنهم يريدوننا أن نستسلم. لا يقدمون للمعارضة أي فرصة للمشاركة. إنهم لا يكلمونك، بل يضعونك في السجن"، هذا ما قاله معارض سياسي، طلب، كالآخرين، عدم ذكر اسمه خوفًا من التعرض للانتقام.

سحقت الحكومة أسوأ الاضطرابات وأسكتت غالبية منتقديها. تم سجن أكثر من 3000 شخص، وحل الجمعية المعارضة الأساسية، الوفاق، وسجن زعيمها. فرّ مئات الأشخاص إلى المنفى أو سُحِبت جنسيتهم، وفقًا لما ذكره نشطاء. وتواجه المنامة الآن تحدي إقناع الناخبين الشيعة، الذين اشتكى غالبيتهم من التّمييز، للمشاركة بأعداد كافية لمنح الانتخابات المصداقية التي ترغب بها.

منع أعضاء من جمعية الوفاق، وجمعية وعد، وهي حركة علمانية تم حلها أيضًا، من الترشح للانتخابات. وتشجع الحكومة الأفراد غير المرتبطين بالمعارضة على خوض الانتخابات بشكل مستقل. وقال مسؤول غربي إن حكام البحرين يحاولون "إعادة توجيه الحياة البرلمانية للابتعاد عن الجماعات السياسية الدينية".

البحرين، وهي حليف للغرب يستضيف الأسطول الخامس الأميركي، تُعتَبَر حصنًا ضد إيران، فريدة في الخليج لكونها موطنًا لغالبية شيعية يحكمها نظام ملكي سني.

وقد أفسدت دورات من الاضطرابات [وضع] المملكة، لكن عائلة آل خليفة واجهت التهديد الأكبر لحكمها عندما نزل آلاف الأشخاص إلى شوارع المنامة في العام 2011. وتم قمع الاحتجاجات بعد أن أرسلت السعودية المجاورة قواتها لدعم قوات الحكومة. لكن تواصلت المواجهات بين الشرطة والمحتجين في قرى الشيعة التي تقع في ظل الارتفاعات المضيئة للعاصمة.  

دوار اللؤلؤة الذي كان مركز انتفاضة العام 2011، أعيد افتتاحه في العام الماضي فقط -بعد إعادة تصميمه كتقاطع للطرق، وتغيير اسمه، وإبقائه تحت أنظار قوات الأمن.

وتوجه الحكومة اللوم  للوفاق، وهي حركة إسلامية شيعية، على إثارة الاضطرابات، وتزعم أن إيران زوّدت المقاتلين، الذين هاجموا قوات الأمن البحرينية، بالأسلحة والمتفجرات. ولطالما أصرت الوفاق على أنها دعمت الاحتجاجات السلمية فقط. وقد فازت بثمانية عشر مقعدًا  من المقاعد الأربعين في البرلمان في انتخابات العام 2010، لكنها انسحبت من البرلمان -الأمر الذي يصفه النقاد بأنه عديم الفاعلية- بعد انتفاضة العام 2011. وقد قاطعت الانتخابات على مدى أعوام بعد ذلك، فتراجع الإقبال [على التصويت] بشكل كبير. زعيم الوفاق، اشليخ علي سلمان، سُجِن آنذاك على خلفية تهم من بينها "الترويج لتغيير سياسي بالقوة".

وقد نفى وزير الصناعة والتجارة، زايد الزياني، الادعاءات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وأكد أن "المشاكل" التي واجهتها البحرين في العام 2011 "أصبحت خلفنا". وأضاف أنه "تمت معالجة هذه المشاكل، وما زلنا نعمل على ذلك. المجتمع البحريني أصبح أكثر نضجًا". ويعتقد بعض الشيعة أيضًا أنّ الوقت مناسب لتعيد طائفتهم عملية التشارك مع الدولة. وقال مجيد العلوي، وهو وزير شيعي سابق شارك في المفاوضات بين العائلة المالكة والوفاق في العامين 2011و2014، إنّه "لدينا مشاكل، يمكن فقط حلها ببناء الثقة مجددًا.. إن أردتم تطوير النّظام، عليكم العمل من الداخل". وقال إن الوفاق فشلت "في فهم سياسات الخليج".

وتحولت ديناميات المنطقة بعد انتفاضات 2011. السعودية وحليفتها، الإمارات العربية المتحدة، أصبحتا أكثر حزمًا وواجهتا المجموعات الإسلامية في المنطقة. الرياض وأبو ظبي، اللتان تعتمد البحرين، المُثقلة بالديون، بشدة على دعمهما المالي، تتزعمان أيضًا الجهود العربية لمواجهة نفوذ إيران الشيعية. ويقول محللون إنّ انتخاب دونالد ترامب شجع أيضًا الأنظمة الملكية الاستبدادية في المنطقة.

وقد لفت نشطاء إلى أن قوات الأمن البحرينية شنّت هجومًا على منزل رجل الدين الأبرز في المملكة بعد أيام فقط من لقاء الرئيس الأميركي بملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وزعماء عرب آخرين في قمة في الرياض في مايو / أيار 2017.

وفي الهجوم، قُتِل خمسة أشخاص وتم اعتقال 286 شخص. وقالت الشرطة إنها تعرضت للهجوم. ودعت وزارة الخارجية الأميركية إلى الإفراج عن الشيخ علي سلمان، زعيم الوفاق، في يونيو / حزيران.

وفي تقريرها لوضع حقوق الإنسان في العام 2017، قالت الخارجية الأميركية إن أبرز قضايا حقوق الإنسان في البحرين تضمنت "تقارير عن أعمال قتل تعسفية  أو قتل خارج نطاق القانون على يد قوات الأمن؛ وادعاءات من قبل السجناء والمعتقلين بشأن تعرضهم للتعذيب". والسؤال الآن ما إذا كانت السلطات نجحت في إنهاء الاضطرابات أو قمعتها في الخفاء. وفي سترة، تسيطر حالة من الاستياء والتحدي الهادئ. وفي مقهى يحتسي فيه الرجال القهوة ويلعبون بالطاولة، تحدث محمد نيابة عن كثيرين حين قال إنهم "فازوا بالمعركة، لكني لا أعتقد أنهم انتصروا في الحرب".

وأضاف محمد أنّ "الاقتراع لن يغير أي شيء. هذه ليست ديمقراطية حقيقية، نريد شيئًا يتمتع فيه الأفراد بصوت فعلي". وختم قائلًا إنه "في حال كان هناك أي فرصة للعودة إلى الشوارع، فأنا متأكد جدًا أن غالبية الناس سيقومون بذلك".

النص الأصلي