لوبلوغ: جورجيو كافييرو: رؤية البحرينيين للولايات المتحدة

ضباط في البحرية الأمريكية في مقر قيادة الأسطول الخامس في الجفير شرق المنامة  (فليكر)
ضباط في البحرية الأمريكية في مقر قيادة الأسطول الخامس في الجفير شرق المنامة (فليكر)

جورجيو كافييرو - موقع لوبلوغ - 2018-09-21 - 3:23 ص

ترجمة مرآة البحرين

شكّل اندلاع الأزمة السياسية في البحرين قبل سبعة أعوام ونصف نقطة تحول في العلاقات بين المنامة وواشنطن. كما أنها غيّرت كيفية رؤية كل من النّظام البحريني والمعارضة ذات الغالبية الشيعية للولايات المتحدة. لطالما نظرت القيادة البحرينية للولايات المتحدة على مدى عقود على أنّها الضامن الأمني للمملكة، ومعقلًا ضد الطموحات السياسية للقوى الإقليمية.

خلال ثورة 2011 وبعدها، صوّر كل من السلفيين السنة المدعومين من قبل النظام الملكي السني، والشخصيات البارزة داخل المعارضة ذات الغالبية الشيعية أنفسهم على أنهم ضحايا للسّياسة الخارجية الأميركية. وفي بعض الأحيان، اتهم أعضاء في النّظام لاعبين رئيسيين داخل المعارضة البحرينية الشيعية بالعمل مع واشنطن. في غضون ذلك، فإن رواية بحرينية شيعية تتحدى الشرعية الأصلية للنظام بأن الولايات المتحدة تتلاعب بشكل كلي بحكام آل خليفة لأهدافها الإمبريالية في العالم الإسلامي العربي.

أجّج غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في العام 2003، والذي احتج عليه البحرينيون بشكل علني وغاضب في ذلك الحين، الكثير من الاستياء العربي السني -من الشارع إلى أعلى المستويات الحكومية - بسبب السياسة الخارجية الأميركية. رأت الحكومة [البحرينية] في سلوك واشنطن دعمًا مباشرًا أو غير مباشر لنفوذ إيران الإقليمي.

سقوط صدام حسين، الذي جعل البحرين الدولة الوحيدة الخاضعة لحكم أقلية سنية، أدى بسرعة إلى إحداث تأثير مضاعف في المشيخات الخليجية، بما في ذلك البحرين، حيث العلاقات الدينية والعائلية والقبلية مع العراقيين كانت قوية على مدى التاريخ.

ورفعت الأحداث الرئيسية في العراق في الفترة التالية للعام 2003، مثل معركة الفلوجة في نوفمبر / تشرين الثاني 2004، وصعود داعش إلى السلطة بعد مرور عقد تقريبًا عليها، درجة الطائفية في البحرين بشكل ملحوظ. وعندما رأى البحرينيون السنة النظام الشيعي في بغداد، وتهميش العراقيين السنة، خشي كثيرون داخل النخبة السنية في المملكة أن تؤدي سيطرة الشيعة على البحرين إلى تحديد مصيرهم بشكل مشابه. وبدأت الشخصيات السلفية بالربط مباشرة بين الهيمنة الشيعية والإمبريالية الأميركية. ووصف نواب من جمعية المنبر الإسلامي، المنتمية للإخوان المسلمين، القتال بين القبائل والميليشيات السنية ضد القوات الأميركية في الفلوجة بـ "المقاومة الشرعية"، في حين أشار السياسيون الشيعة إلى أولئك الذين يقاتلون القوات الأميركية بـ "الإرهابيين". وخلال الحصار الذي قادته الولايات المتحدة على هذه المدينة ذات الغالبية الشيعية في العراق، انتشرت صور على الإنترنت تظهر رجال الحرس الوطني العراقي يحملون صورًا لآية الله علي السيستاني وللدبابات الأميركية مع سبحات عليها. وبعد شهر، وصف ملك الأردن عبد الله الثاني ما رآه بأنه "هلال" شيعي من إيران إلى ساحل المتوسط في لبنان، وحذر من أن ذلك "سيزعزع بشدة" استقرار البحرين وغيرها من دول الخليج.

منذ اندلاع الاحتجاجات في دوار اللؤلؤة في العام 2011، زعم عدد من السلفيين البحرينيين من بين أعضاء من العائلة الحاكمة والجيش بأن الولايات المتحدة عملت مع المعارضة الشيعية في الأرخبيل لإنهاء الحكم السني في البلاد. وذهب القائد الميداني خليفة بن أحمد آل خليفة، وهو قائد قوة دفاع البحرين، بعيدًا في اتهامه إدارة أوباما بتمويل الجمعية المعارضة الشيعية الأكبر آنذاك في البلاد، جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، التي حلها النظام منذ ذلك الوقت. وأشار النظام في المنامة إلى وجود نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان في واشنطن كدليل إضافي على أن الحكومة الأميركية كانت تعمل مع العناصر الشيعة في البحرين للطعن في شرعية آل خليفة.

وفي الوقت نفسه، أجّج دعم إدارة أوباما، وكذلك، البيت الأبيض برئاسة دونالد ترامب، للعائلة الحاكمة في البحرين أيضًا استياء كبيرًا لدى عناصر من المعارضة الشيعية.

وتعكس الاحتجاجات المناهضة للولايات المتحدة في مقرات الأسطول الخامس الأميركي في الأرخبيل العربي وإدانة واسعة لمبيعات الأسلحة من قبل واشنطن للمنامة رواية سائدة مفادها أن نضال البحرينيين الشيعة ضد حكامهم هو، بالتالي، موجه أيضًا ضد القوى الغربية التي تتحالف مع نظام المنامة، وبشكل رئيسي الولايات المتحدة.

إنّ التّكتيكات العدوانية المتزايدة لإدارة ترامب لمجابهة إيران، والتي أدت إلى تعزيز دعم واشنطن للنظام الملكي البحريني، لا تفرض أي ضغط فعلي على حكام المنامة لإجراء الإصلاحات أو معالجة المظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمعارضة. وإصرار القيادة البحرينية على أن إيران وحزب الله اللبناني وراء الاضطرابات في البلاد لا يزال يؤطر حججها -التي تتلقاها إدارة ترامب المناهضة لإيران بشكل جيد- بأن الدعم الغربي لحكام آل خليفة في المنامة أساسي لمجابهة السلوك الإقليمي الحازم لطهران. في الواقع، ستواصل المنامة على الأرجح حملة القمع القاسية التي تمارسها ضد ما تبقى من المعارضة. ويدعو بعض المعارضين البحرينيين الشيعة إلى التّعاون مع الجمهورية الإسلامية. وفي حال كسبوا الكثير من النفوذ داخل المعارضة، فإن أسوأ مخاوف النظام من تزايد النفوذ الإيراني قد تتحول إلى نبوءات تحقق ذاتها.

في التحليل النهائي، منذ العام 2011، وجدت الولايات المتحدة نفسها في موقف صعب تجاه البحرين.  كان على واشنطن الموازنة بين قيمها التي تروج للديمقراطية وحقوق الإنسان مع المصالح الاستراتيجية المهمة في الدولة الخليجية. لقد تم استبدال نهج أوباما المتمثل بتطبيق ضغط محدود وانتقائي على نظام المنامة بالاستراتيجيات الحالية للبيت الأبيض المتمثلة بإلغاء التشديد على حقوق الإنسان والتركيز على علاقة أكثر تصالحًا. وقد خففت العلاقات الوثيقة لإدارة ترامب مع النظام البحريني كثيرًا من التوتر الذي كان قائمًا خلال فترة رئاسة أوباما. لكن النّظام يشعر الآن بأنه مدعوم ليرفض التنازل للمعارضة الشيعية، ما يقدم لإيران المزيد من الفرص للاستفادة من الأزمة السياسية المستمرة في البحرين، وخصوصًا مشاعر المعارضين الشيعة، المناهضة لأميركا.

في الواقع، يخاطر اصطفاف واشنطن مع النظام البحريني بدفع الطائفة الشيعية في المملكة باتجاه التطرف والتشدد ردًا على الدعم المتجدد للعائلة السنية الحاكمة في فترة ما بعد أوباما.

النص الأصلي