الجريمة في البحرين: حين يشعر الأجنبي بأنه في بلد «سائب»
2018-08-13 - 1:58 ص
مرآة البحرين (خاص): تصاعدت الجرائم التي يرتكبها أجانب في البحرين بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، في مؤشّر على تبعات الطفرة الكبيرة في تعدادهم سنويا.
ووصل عدد الأجانب المقيمين في البحرين إلى 823 ألف أجنبي، مقابل 677 ألف بحريني، بزيادة سكانية تبلغ 3.5% سنويا، وتعتبر من أعلى النسب في العالم.
الباب مفتوح في البحرين للأجانب وعوائلهم، ليعملوا، ويمتلكوا الشركات، بل والعقارات في بعض المناطق، فضلا عن أن يكونوا مؤذنين في المساجد، أو مستشارين حتى لدى الحكومة.
لكن في المقابل يعيش آلاف منهم في ظروف قاسية. كثير منهم يعملون في وظائف دنيا، وبحسب ما بينت إحصاءات فإن أكثر من 384 ألف عامل أجنبي (75% من القوى العاملة الأجنبية المؤمّن عليها) يتلقون رواتب شهرية تقل عن 200 دينار (500 دولار).
وبين فترة وأخرى تبرز إلى العلن احتجاجات من عمّال أجانب على عدم دفع رواتبهم، وتتكشف أحوالهم المعيشية بما فيه ظروف مساكنهم العامّة والتي لطالما تلقّت انتقادات. فضلا عن ذلك، يحصل عدد كبير من الأجانب في البحرين على إقامة ورخصة عمل قانونية شكلية، مقابل مبالغ يدفعونها بشكل مخالف للقانون لبعض أصحاب المؤسسات، ومن ثم يعملون لصالح أنفسهم، فيما يعرف بـ«الفري فيزا».
وقامت السلطات بفتح المجال أكثر لهؤلاء عبر السماح بتعديل أوضاعهم، والبقاء في البلاد مقابل دفع رسوم، أو الخروج منها دون أي محاسبة.
وفي بلد يعلم فيه الأجنبي أنه قد يحصل على الجنسية مقابل بضعة دنانير، لا بد وأنه يشعر بأن المناخ السائد فيها حر ومفتوح جدا، ولا تقيّدة رقابة ولا قانون.
خلال الأسبوع المنصرم، أوردت الصحف المحلية تقارير عن قضايا عدة معروضة أمام المحاكم والنيابة العامة، سواء كانت قضايا قتل، أو سرقة، أو اختلاس، أو تهريب مخدرات، أو تحرّش.
وبخلاف قضية مقتل إمام مسجد بحريني على يد مؤذّن من جنسية أجنبية الأسبوع الماضي، وتقطيع جسده ورميه في إحدى الخربات، رصدت الصحف خلال ذلك الأسبوع قضية قتل رجل آسيوي طعنا على يد آخر، لأنه «صفعه بالقلم»، في حين بينت الحادثة أنهما كانا يتناولان المشروبات الكحولية وقت الحادثة.
وخلال هذا الأسبوع أيضا أيّدت محكمة بحرينية سجن مقيم أجنبي 10 سنوات وتغريمه 5 آلاف دينار لبيعه المخدرات، وقد وجد المتّهم العام الماضي يبيع حشيش "الماريجوانا"، كما وجد لديه مؤثرات عقلية وأنواع أخرى من الحشيش.
وحاول أحد الأجانب (من الجنسية الآسيوية) تهريب 1900 قرص مخدر ومؤثّر عقلي في مقبض حقيبة سفر بالمطار، خلال مايو/أيار الماضي، وذلك عن طريق الشحن الجوي.
وبدأت محكمة بحرينية الأسبوع الماضي النظر في محاكمة 7 متهمين بتشكيل عصابة للاتجار في المواد المخدرة، بينهم خليجي يتكفل بإرسال المواد المخدرة عبر جسر الملك فهد عن طريق إخفائها في إطارات السيارات، بينما يقوم باقي أفراد التشكيل بينهم فتاة في بيع المخدرات في البحرين.
وعثر بحوزة المتهمين على 13 كيسا لمخدر الحشيش، و7 قنينات بلاستيكية بها مادة غير معروفة في غرفة نوم يعتقد أنها تستخدم في زراعة المواد المخدرة، وأقراص طبية متنوعة.
ونظرت المحاكم الأسبوع الماضي أيضا قضية عصابة من جنسيات أجنبية تقوم باختلاس أموال عن طريق جهاز السحب الآلي، وذلك عن طريق حيلة إلكترونية يتم فيها تزوير رقم التفويض الخاص بالبطاقات البنكية، وقد اعترفت السلطات الأمنية بأن العصابة نجحت في إتمام بعض العمليات، قبل أن تقبض عليها مطلع العام الجاري.
وأدين المتهمون في العصابة بالشروع في الاحتيال على معرض سيارات وشراء مجموعة من السيارات تقدر قيمتها بـ700 ألف دينار، وهي الحادثة التي كشفتهم.
ومنذ فترة قريبة، اكتشفت شركة مقاولات عملية اختلاس كبيرة قام بها مديرها العام بمعونة مسئولين آخرين وجميعهم من جنسيات أجنبية. وتصل قيمة الاختلاسات إلى مليون ونصف المليون دينار، حذفت من دفتر الحسابات رغم أنها تخص مخلفات نواتج عمليات الحفر ومنقولات أخرى تكون موجودة في مواقع الإنشاءات، وأوهم المتهمون شركتهم بأنهم اتفقوا مع شركة أخرى لجمع المخلفات وأخذها مقابل إمدادهم بمواد ردم وبناء، والقضية لا زالت تنظر أمام محكمة بحرينية.
وفي سرقة أخرى، ألقت السلطات القبض على 17 آسيوياً لتورطهم بسرقة كابلات كهربائية من أحد المصانع المتوقفة عن العمل بمنطقة الحد الصناعية بقيمة إجمالية قدرت بمليون دينار بحريني.
النشل والاختلاس انتقل من الشركات إلى الشارع أيضا، إذ قبضت السلطات على آسيوي قام باعتراض طريق أحد المارة بالقرب من محطة النقل العام بالمنامة ثم قام بالبصق على بنطاله والادعاء أنه لم يقصد وأصر على تنظيف بنطال المجني عليه فأخرج تي شيرت من حقيبة كان يحملها وقام بالادعاء أنه ينظف البنطال فسرق 150 دينارا كانت بحوزة المجني عليه من دون أن يشعر الأخير.
على صعيد تهريب الخمور والمسكرات، أيدت محكمة بحرينية مؤخّرا عقوبة الحبس 6 أشهر لـ 14 متهما بتهريب خمور بقيمة 200 ألف دينار عن طريق سفينة نقل رمال، وقضت بإبعاد المتهمين عن البلاد.
واتّهمت المجموعة بحيازة وجلب المواد المسكرة من دولة خليجية بقصد البيع، بدعم من أحدهم الذي كان يعمل حارسا في بوابة الميناء، وعليه قام بتسهيل دخول الآخرين إلى الميناء من دون تسجيل دخولهم وخروجهم ومن دون تفتيش الشاحنة التي يستقلونها.
ويوم الثلاثاء الماضي 7 أغسطس/آب 2018 قبضت الشرطة على 3 آسيويين يبيعون مواد مسكرة في منطقة العكر الغربي، وذلك في قضيتين منفصلتين.
ووصلت أعمال العنف حتى إلى أفراد الشرطة، إذ تحاكم أجنبيتان إحداهما آسيوية والأخرى أثيوبية بالاعتداء على شرطية خلال عرضهما على النيابة العامة لاتهمامها بالإقامة غير المشروعة في البلاد، وقامت المتهمة الإثيوبية بعض يد الشرطية ودفعها، كما قامت المتهمتان بإثارة الفوضى والصراخ داخل قاعة النيابة.
أما أكثر الحوادث غرابة، فهو قضية امرأة عربية الجنسية اتُهمت بالتحرش آسيوي يعمل في مغسلة ملابس بهدف سرقته. ويقول الآسيوي إن هذه المرأة دخلت المحل وطلبت منه الماء فأحضره لها، ثم طلبت منه الدخول إلى الحمام، إلا أنه أبلغها بعدم وجود حمام في المحل، ليفاجأ بدخولها إلى المنطقة الداخلية والتحرش به، وشعر بها تحاول سرقته، فأمسك بمحفظته وعرضت عليه القيام بأعمال منافية للآداب ثم أدخلت يدها في جيب بنطاله وسرقت 8 دنانير.
وحين قامت السلطات بمواجهة المرأة بالعامل، قامت بضربه بحذائها وسبه، وقالت إنه يدعي عليها ذلك، لكن كاميرا المراقبة أثبتت حدوث الواقعة.
واعترفت المرأة لاحقا في تحقيقات النيابة بأنها حضرت مع زوجها إلى البحرين منذ 7 أشهر ولديهما 7 أبناء أصغرهم رضيع «موجود معها في الحبس»، وكانت تخرج أحيانا لتتسول لكن تم القبض عليها في واقعة سرقة.
هكذا يعيش الأجانب في البحرين، ليس في سوق عمل منتجة ونامية، بل في مناخ من الفقر والتسول والجريمة. والسؤال: هل كانوا وحدهم المجرمون والجناة، أم أن من يسّر لهم الطريق إلى هذه البلاد، مشترك في الجريمة؟