القضاء في البحرين مُستقِلٌ أم مُستغَل؟... العريان يجيب

مجمع الدانة التجاري
مجمع الدانة التجاري

2018-06-24 - 10:33 ص

مرآة البحرين (خاص): بعد العام 2011 تزايدت الاتهامات للقضاء البحريني باستخدامه كأداة لمعاقبة المعارضة. كانت الحكومة في كل مرة ترد على تلك الاتهامات بالتأكيد على "استقلالية القضاء ونزاهته".

حمل وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة آخر تلك الردود، تعليقا على تداول قناة الجزيرة بيانا للخارجية الأمريكية طالبت فيه الادعاء العام في البحرين بعدم استئناف الحكم ببراءة زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان من تهم التخابر مع قطر، والإفراج عنه.

وقال وزير الخارجية عبر حسابه على تويتر "القضاء البحريني لا يسمح ولا يقبل بأي تدخل في اختصاصه، ولا يُعطي أي اعتبار لتعليقات تأتي من جهات خارجية. و لن تنجح الجزيرة في التأثير على العلاقة بين البحرين وحلفائها، ولتبحث عن موضوع آخر تشغل نفسها به".

لكن هل صحيح أن القضاء البحريني لا يقبل بالتدخل في اختصاصه؟

لا يتعلق الأمر بجماعات الضغط ومنظمات حقوق الإنسان هذه المرة، بل يتعلق الأمر بمستثمر يصارع من أجل استرجاع حقوق مالية ضخمة من عضو بارز في العائلة الحاكمة البحرينية.

فالوزير البحريني أرسل تغريدته في وقت كان فيه القضاة يتنحون خوفا من الحكم في منازعة تجارية بين رجل الأعمال المصري من أصل فلسطيني أحمد العريان ونائب رئيس الوزراء خالد بن عبدالله آل خليفة، المالك لمجمع الدانة (غرب المنامة).

تعود تفاصيل المنازعة إلى العام 2002 حين استأجر العريان مجمع الدانة من خالد بن عبدالله، وتفاجأ العريان أن حرارة المجمع مرتفعة. وبناءً على تقرير فني من مستشاري المالك قام المستأجر بدفع 415 ألف دينار لتحسين جودة التكييف.

وأكد العريان، في تسجيل مصور، أن المشكلة تصاعدت عندما أقر المالك أن الخلل لم يكن في التكييف وإنما كان خللا إنشائيا، حيث تم بناء المبنى خلافا للمواصفات الهندسية التي تقدّم بها مالك المجمّع التجاري إلى بلدية المنامة.

وأضاف أن المشكلة تصاعدت العام 2008 عندما تم اللجوء إلى المحاكم، وأضاف "أنا أشتكي من ارتفاع درجة الحرارة وهو يشتكي من عدم دفعي الأجرة الشهرية، التي استخدمتها في إصلاح التكييف".

وعيّنت المحكمة المهندس منير يعقوبي الذي أشار في تقرير مفصّل أن الخلل هندسي وإنشائي وأن المالك هو المسؤول عن إصلاح الخلل في هيكل المبنى وسطحه الذي يجب عزله، كما أن المحكمة انتدبت خبيرا لتقييم نقص المنفعة من 2002 وحتى 2009 وقدّر تعويضات للعريان بـ 20 مليون دينار.

ويضيف العريان "بطلب من (الشيخ) قامت المحكمة بانتداب مهندس آخر علي عبدالله بهزاد الذي أكد وجود ذات المشكلة، وقال المهندس بهزاد إن الإنشاء صناعي وليس تجاريا ما يعني أن المالك قام بالغش حيث قام بالترخيص لمجمع تجاري وليس صناعي".

حكمت المحكمة بضرورة إصلاح سطح المبنى لخفض درجات الحرارة، وقام العريان بدفع التكاليف التي بلغت حوالي 3 ملايين دينار. انتدبت المحكمة 5 خبراء من جديد لتقييم خسائر العريان. وفي 26 نوفمبر 2017، وبعد 8 سنوات من الدراسة، قضت اللجنة بتعويضه 69 مليون دينار وأن يكون من حقه استئجار المبنى حتى مارس 2026 دون سداد الأجرة.

بأمر من التفتيش القضائي التابع للمجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه ملك البحرين، رفضت المحكمة تسلم تقرير لجنة الخبراء المكونة من 5 أشخاص، وقال العريان "تنحى القاضي بعدما رفض استلام التقرير (...) و15 قاضيا آخر تنحوا، لا أحد يريد أن يحكم في هذه القضية، 15 خبيرا رفضوا كتابة تقارير أيضا".

وقال العريان إن القضية نُقلت إلى دائرة أخرى ورفض القاضي الجديد تسلم مستندات وتقارير من 11 ألف ورقة وقضى بطرد العريان من المجمع.

بهذه البساطة أمر (القضاء) بطرد المستثمر العريان، رغم تقارير الخبراء التي أكد على حقه في الاستثمار في المجمع الذي يضم شاشات للعرض ومراكز تسوق محلية وإقليمية. يكون القضاء مْستقَلا من عائلة آل خليفة عندما يكون للأمر علاقة بمصالحهم.

ويمكن التذكير، إلى جانب قضية العريان، هناك "400 ملف في محاكم التنفيذ ضد أفراد من الأسرة الحاكمة"، وفقا لتصريحات أدلت بها محامية بحرينية فبراير/ شباط 2014. وأضافت فاطمة الحواج "في دولة القانون جميع قضاة التنفيذ يرفضون أن يتخذوا أوامر تنفيذية ضد أفراد الأسرة، كل الذي يفعله إرسال خطاب لمجلس العائلة و لا من مجيب".

فعن أي قضاء مستقِل يتحدث وزير الخارجية إذا كان الأمر بهذه السوء؟!