القيادي في الوفاق علي الأسود متحدثا في البرلمان الفرنسي: من دون إرادة حقيقية لن نستطيع إنقاذ البحرين

علي الأسود يقدم مداخلة في البرلمان الفرنسي 14 حزيران 2018
علي الأسود يقدم مداخلة في البرلمان الفرنسي 14 حزيران 2018

2018-06-14 - 10:58 م

مرآة البحرين: ألقى القيادي البارز في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية علي الأسود مداخلة في البرلمان الفرنسي، عن الوضع الحقوقي والسياسي في البحرين.

وتناول الأسود في كلمته التي ألقاها (الخميس 14 يونيو/حزيران 2018) مطالب المعارضة في وثيقة المنامة، كما تطرق إلى استهداف النشطاء والقيادات السياسية والازدياد في عدد السجناء السياسيين.

كما تحدث أيضا عن اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني)، مشيرا إلى عدم تطبيق توصيات اللجنة التي شكلها ملك البحرين، وخصوصا ما يتعلق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وأثار القيادي في الوفاق علي الأسود أيضا قضية استهداف جمعية الوفاق وإغلاقها، واستحداث تشريع يمنع أعضاء الجمعيات السياسية (المنحلة) من الترشح للانتخابات، مشيرا إلى عدم وجود رغبة في الحكم للحوار مع المعارضة.

وأكد الأسود على ضرورة إنهاء التمييز والتحول إلى ملكية دستورية حقيقية، مشيرا إلى أن حل الأزمة لا يكون إلا بإجراء حوار حقيقي بين السلطة والمعارضة، والالتزام الكامل والمطلق بالاحتجاج السلمي غير العنيف، والحصول على دعم المجتمع الدولي على حد قوله.

 

وفيما يلي نص الكلمة:

 

أتوجه إليكم بالشكر لدعوتي للتحدث هنا اليوم، وأود أن أبدأ بأن أعرب عن مدى سعادتي لكوني أناقش هذه المسألة المهمة: ما هي المرحلة المقبلة للبحرين؟

من بين الجوانب الأكثر إيلامًا على مدى السنوات السبعة الماضية في البحرين، كيف بقينا عالقين في الدائرة ذاتها؛ الشعب يطالب بالإصلاح الديمقراطي، والحكومة ترفض حتى النظر في التغييرات الأساسية.

في الواقع، الأمر الوحيد الذي تغير فعليًا منذ العام 2011 هو مستوى القمع الذي استخدمته السّلطات في وجه هذه المطالب، وأيضًا، ازدياد عمق مدى تحول البحرين إلى نظام دكتاتوري -بعيدًا عن الملكية الدستورية التي تدعي أنّها تمثلها.

أنا نائب سابق عن الوفاق، الجمعية المعارضة الأساسية في البحرين. ومن أجل توضيح سياق الوضع الحالي، والنظر في كيفية المضي قُدُمًا، لا بد من شرح الخلفية التي تسمح لنا بفهم كيفية وصولنا إلى هذا الوضع اليوم.

كما تعلمون، في فبراير / شباط 2011، نزل آلاف البحرينيين إلى الشوارع، وسط موجة احتجاجات الربيع العربي، للمطالبة بالإصلاحات الديمقراطية في البلاد. وبطبيعة الحال، كان هناك مجموعة من وجهات النظر والمطالب المختلفة، لكن أبرزها كان يتفق مع ما دعونا إليه كجمعية سياسية.

وقد تمت بلورة هذه المطالب في أكتوبر / تشرين الأول من العام ذاته، عندما أطلقت جمعيات المعارضة "وثيقة المنامة" التي كانت تمثل موقفنا، ومن بين النقاط الرئيسة:

  1. الحاجة إلى حكومة منتخبة.

  2. الحاجة إلى دوائر انتخابية نزيهة لإنهاء عملية التزوير التي تصب لصالح المناطق الموالية للحكومة.

  3. برلمان منتخب بالكامل.

  4. نظام قضائي مستقل.

  5. إصلاح جهاز الأمن للسماح بالمشاركة الكاملة لجميع أفراد المجتمع البحريني فيه.

 

وقد حدّدت وثيقة المنامة ثلاثة مجالات رئيسة أخرى للإصلاح:

  1. إنهاء عملية التّجنيس المُسيسة لغير البحرينيين، والتي وُضِعت لتغيير ديموغرافية البلاد.

  2. إنهاء التّمييز في التّوظيف والمدارس والرعاية الصحية وفي جميع المؤسسات العامة والخاصة.

  3. الانفتاح في وسائل الإعلام والسّماح بالتعبير للآراء والأصوات المنتقدة في وسائل الإعلام الحكومية.

 

كانت هذه المقترحات معتدلة بطبيعتها، وهي تمثل بشكل كبير مطالبنا بعد مرور سبعة أعوام. في الواقع، كانت متوافقة مع مبادئ الحوار التي أعلنها ولي العهد في مارس / آذار 2011 بعد بضعة أسابيع من بدء الاحتجاجات.

كان ولي العهد قد طرح سبعة مبادئ للنقاش مع الحكومة، غير أن هذه الخطط أُوقِفت عندما دعا الملك القوات السعودية إلى سحق الاحتجاجات بعنف عشية اليوم الذي كان من المقرر فيه إجراء المحادثات.

ومنذ ذلك الحين، لم يُبدِ أي فرد من العائلة المالكة أي رغبة في تغيير الوضع بشكل جدي.

يجب أن يكون واضحًا، عبر هذه المجموعة من المطالب، أن ما نسعى إليه هو مملكة دستورية ديمقراطية حقيقية. لم نطالب يومًا بإسقاط النّظام، ولا بالإطاحة بالعائلة الحاكمة. رؤيتنا تتمثل في نظام سياسي  ديمقراطي شامل، حيث يكون النظام الملكي منفصلًا عن السياسة، والشعب هو مصدر السلطة.

وكذلك، نريد أن نشهد نهاية التمييز، وأن نرى مجتمعًا يتمتع فيه جميع المواطنين بحقوق متساوية وبالفرص ذاتها في الوصول إلى الخدمات والأمن، بغض النظر عن ديانتهم.

وقد أكدنا، كجمعيات سياسية معارضة، التزامنا بسياسة اللاعنف واللا كراهية، ولذلك، تمت بلورة تلك القيم في وثيقتي اللاعنف واللا كراهية، واعتمدناهما في السنوات السبع الأخيرة. غير أن مطالبنا قوبلت بالقمع والازدراء والعنف، وحتى الفصل من العمل. أي  محاولات للتقدم بالبلاد وُضِعت جانبًا.
أبرز مثال على ما أقول، هو اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي أُنشِئت بتفويض من الملك في يوليو / تموز 2011 للتحقيق في الوقائع التي حصلت في احتجاجات الربيع العربي، وللتوصية بالتغيير.

وأمضت اللجنة عدة أشهر وهي تحقق في أحداث فبراير / شباط ومارس / آذار 2011، وهي عملية أبدينا فيها، كمعارضة، تعاوننا بالكامل، وكانت لدينا آمال كبيرة بشأنها. وفي نوفمبر / تشرين الثاني 2011، نشرت اللجنة تقريرها بالإضافة إلى حوالي 27 توصية. وتضمنت هذه التوصيات وضع حد للتعذيب، ومحاكمة المحتجين السياسيين أمام محاكم مدنية، والانفتاح في وسائل الإعلام الحكومية، ووقف عقوبة الإعدام، وكذلك الإفراج عن السجناء السياسيين.

في الوقت الذي أقف فيه أمامكم هنا اليوم، لا يزال المعتقلون في سجون البحرين يشتكون من التعذيب. ولا يزال المدنيون يُحاكَمون أمام محاكم عسكرية ويُحكم عليهم بالإعدام. وما تزال وسائل الإعلام تهاجم المعارضة، وتعبر فقط عن آراء ومواقف العائلة الحاكمة. وقد ازداد عدد السجناء السياسيين. لم يتم الإفراج عن أي من الذين دعت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق إلى الإفراج عنه، بل بدلًا من ذلك، تضاعف عدد الذين يقبعون وراء القضبان.

من بينهم، الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق. إنه رجل دعا المحتجين علنًا إلى عدم استخدام شعارات مثل "إسقاط النظام"، وحث دائمًا على اللاعنف، ودعا إلى الحوار مع السلطات. هو يقضي حاليًا حكمًا بالسجن أربعة سنوات، وتسعى السلطات إلى زيادة هذه المدة، إذ اتهمته حاليًا بالتآمر مع قطر ضد البحرين.

في الوقت ذاته، تم حظر جمعية الوفاق. وتمت مداهمة مكاتبنا من قبل قوات الأمن، واعتقال مسؤولي الجمعية، واعتبار كل أنشطتها غير شرعية.

وفي واحدة من أكثر الخطوات قمعًا، التي تجرأت البحرين على اتخاذها، صدق المجلس النيابي الشهر الماضي على مشروع قانوني يحظر على أعضاء المعارضة من الترشح أو حتى الإدلاء بأصواتهم في انتخابات العام 2018. لقد حظروا حق الاقتراع كليًا على أعضاء المعارضة، الذين كان البعض منهم نوابًا في الفترة الماضية.

لم تخفق السلطات فقط في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، بل انتهكتها. لقد أصبحت هذه التوصيات ذكرى بعيدة، وتم تقويضها كليًا عبر الإجراءات المستمرة لدولة ترفض بكل بساطة التحدث مع المعارضة.

وفي ضوء الواقع الحالي، كيف يمكننا تجاوز هذه الأمور؟ إنه سؤال صعب، ومن الواضح أنه لا توجد إجابة ويبدو أنه ليس هناك إجابة واضحة.

على مدى الأعوام السبعة الماضية، كنا نطرق الأبواب المغلقة، وتم رفض كل طلبات للحوار.

لا نستطيع إجبار الحكومة على الحوار معنا، يجب أن ترغب هي نفسها بذلك، الأمر الذي سيعزز الثقة بجديتها.

مع ذلك، فإن وجهة نظرنا منذ البداية بسيطة للغاية:

  1. يمكننا فقط إخراج البحرين من هذه الأزمة من خلال حوار حقيقي ذي معنى، بين السلطات والمعارضة.

نحتاج إلى إعادة إطلاق عملية تفاوض يتم فيها الاستماع إلى آرائنا واحترامها. ولا نتوقع أن تتحقق رؤيتنا في البحرين  بين ليلة وضحاها، لكن يجب أن يكون هناك حوار جدي.

بالطبع، للمعارضة دور مهم في هذا المجال. علينا أن نظهر أننا جاهزون للحوار أيضًا، وقد عبرنا عن ذلك مرارًا وتكرارًا. وسأفعل ذلك الآن. إذا تواصلت معنا الحكومة غدًا للبدء بحوار، فنحن سننضم إليه.

لكننا سنحتاج لمشاركة قادتنا القابعين وراء القضبان. يجب أن يكون الشيخ علي سلمان، أميننا العام، حاضرًا على طاولة الحوار، لا في السجن. ويجب أن يكون الإفراج عن السجناء السّياسيين إجراء مهمًا لبناء الثقة، يظهر مدى جدية السلطات في المضي قُدُمًا بالبلاد .

 

2. الالتزام الكامل والمطلق بالاحتجاج السلمي غير العنيف.

منذ اليوم الأول دعونا المحتجين إلى نبذ العنف ولأن يبقوا سلميين. نريد بناء مستقبل للبحرين، أن تولد بلادنا من السلم، لا من العنف. نواصل الدعوة إلى ذلك بشكل عام أو خاص، وسنؤكد أن جميع أعمال العنف التي تحصل ليست صادرة عنا.

لقد عمل زعماؤنا بشكل جدي على مدى السنوات الماضية لإقناع الشبان المحرمين بعدم انتهاج مسار العنف. وعندما تعتقل السلطات زعماءنا، سيكون من الصعب تحقيق ذلك.

 

3. الحصول على دعم المجتمع الدولي. إنها واحدة من أهم الركائز بالنسبة إلينا. ومن أجل ذلك، أتوجه إليكم اليوم.

تهتم البحرين بما يعتقده حلفاؤها. ليست البحرين كوريا الشمالية أو دولة بمعزل عن بقية المنطقة والعالم. حين تنتقد الحكومة الفرنسية البحرين، سيدركون ذلك. سيشعرون بالضغط لأنهم يعلمون أنه لا يمكن لهم البقاء من دون الدعم الذي يقدمه لهم حلفاؤهم الدوليين. ولهذا تنفق البحرين كل عام مبالغ هائلة على العلاقات العامة، لمحاولة إخفاء جرائمها وتبييض سمعتها.

هذا هو السبب وراء أهمية الضغط الذي يمارسه الغرب بالنسبة لنا. نحتاج لأن تدعم الحكومات التقدمية رؤية البحرين الديمقراطية. يمكنكم فعلًأ إحداث مثل هذا الفرق.

 

في كثير من الأحيان، على مدى السنوات القليلة الماضية، فشلت الحكومات، مثل الحكومتين البريطانية والأميركية، في محاسبة البحرين. وعند اعتقال زعمائنا، التزمت هذه الحكومات الصمت، ورفضت إدانة هذه الأفعال.

إنها تمنح الضوء الأخضر للبحرين لتستمر في إجراءاتها، بل لتزيدها سوءًا في الواقع. ليس من قبيل المصادفة أبدًا، أنه بعد خفت الاحتجاجات، كان مستوى القمع أقل مما هو عليه الآن. لقد وصلت البحرين إلى نقطة تشعر فيها أنه بإمكانها حرمان المواطنين من حقهم حتى في التصويت، من دون أن يقول لها أحد شيئًا.

 

يجب أن يتغير هذا الواقع، ونحن بحاجة ماسة لدعمكم.

مستقبل البحرين في خطر. على مدى السنوات السبعة الماضية، كنا عالقين في مجموعة من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بلادنا غير قادرة على التخلص من هذا الوضع المحبط.

لا نريد للبحرين أن تكون دولة فاشلة، تعتمد على أموال جيرانها لدعمها. نريد للبحرين أن تكون مستقلة وناجحة، تعمل من أجل كل فرد في المجتمع. نريدها أن تكون شريكًا تجاريًا قويًا لبقية العالم، ودولة ترفض التطرف والطائفية.

وفي حال حققت ذلك، ستكون البحرين قصة نجاح الربيع العربي. وفي منطقة خطيرة تعاني من عدم الاستقرار، ستكون معقلًا للاحترام والوحدة والتعايش السلمي.

هذه هي البحرين التي نرغب في رؤيتها، وعلينا أن نسلك مسارًا طويلًا للوصول إليها.

من أجل ذلك، أطلقت جمعيتنا، الوفاق، "إعلان المبادئ والمصالح المشتركة" الذي تضمن رؤيتنا في إطار مشروع سياسي لحل الأزمة في البحرين. نريد أن نتقدم للأمام، وأن نجد حلولًا أساسية دائمة من شأنها "إقامة دولة، تؤطر لبلد متقدم سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، بلد مستند إلى المساواة والتعددية والحريات، يعتمد على الكفاءة والمهنية والقدرة التنافسية". وكنا نأمل تلقي جواب إيجابي من السلطات.

لن تكون مبادرتنا مثمرة من دون إرادة حقيقية، ونواجه بعض النقص في ذلك.

للأسف الشديد، في الوقت الذي كنت أحضر فيه خطابي هذا، صدق ملك البحرين على تعديل القانون المتعلق بممارسة الحقوق السياسية، الذي يحظر على بعض الأفراد، ومن بينهم أنا، خوض الانتخابات النيابية كمرشحين.

السلطات البحرينية تسلك مسارًا خاطئًا. ونعم، الأمور سيئة ويبدو أنها ستزداد سوءًا.

لكن، بدعمكم، آمل أن البحرين، التي سيراها أطفالي يومًا ما، ستجعلني فخورًا لكوني بذلت ما بوسعي لتحقيق هذه الرؤية.

شكرًا لكم.