أزمة قطر أسفرت عن تحالفات جديدة في الشرق الأوسط

الرئيس الأمريكي وخلفه أمراء الخليج خلال قمة الرياض التي سبقت الأزمة الخليجية
الرئيس الأمريكي وخلفه أمراء الخليج خلال قمة الرياض التي سبقت الأزمة الخليجية

2018-06-05 - 10:44 ص

مرآة البحرين (أ ف ب): بعد مرور عام على اندلاع الأزمة الخليجية بين قطر وجيرانها، يرى محللون أن الخلاف الذي يزداد حدة أدى إلى قيام تحالفات جديدة في المنطقة من دون أن يسفر عن خاسر أو رابح.

ومع انعدام بوادر حل في الأفق رغم جهود وساطة قامت بها الولايات المتحدة والكويت، يقول محللون إن تداعيات هذه الأزمة ستكون عميقة وطويلة الأمد.

ويقول الأستاذ المساعد في كلية كينغز في لندن ديفيد روبيرتس "لا أعتقد أننا نبالغ في القول إن هناك مراكز قوى جديدة تظهر في الشرق الأوسط".

في الخامس من حزيران/يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن والمالديف علاقاتها الدبلوماسية مع قطر متهمة إياها بدعم "الإرهاب"، لا سيما عبر تمويل جماعات إسلامية متطرفة والتقرب من إيران، خصم السعودية الرئيسي في المنطقة.

ورافقت قطع العلاقات الدبلوماسية إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين.

وسلمت الدول المقاطعة قطر قائمة من 13 طلبا من ضمنها إغلاق قناة "الجزيرة" والحد من علاقات قطر مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر.

ولم تطبق الدوحة أيا من هذه المطالب. وقامت بدلا من ذلك بتعزيز علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول أخرى، ومحاولة تأمين اكتفاء ذاتي. كما أبرمت اتفاقات تجارية وعسكرية وتكنولوجية على الساحة الدولية.

وأوردت صحيفة "لوموند" الفرنسية السبت أن السعودية طلبت من فرنسا إقناع قطر بالتخلي عن شراء دفاعات جوية روسية من طراز إس-400، وإلا فإن الرياض أبدت استعدادها للقيام بـ"تحرك عسكري" ضد الدوحة.

ولم يشأ أي من قصر الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية التعليق على هذه المعلومات ردا على أسئلة وكالة فرانس برس.

وتستمر الحرب الباردة في الصحراء، مع أن قطر تواصل تزويد الامارات العربية المتحدة بالغاز.

وتبدو قطر الآن أقرب إلى تركيا ولديها علاقات دبلوماسية وتجارية تمتد إلى ما وراء الخليج.

وشكر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الشهر الماضي إيران على دعمها بلاده في أزمة الخليج.

وأشارت السعودية والإمارات إلى أن هذه الأزمة قد تستمر لفترة طويلة.

وتبدو الوحدة الخليجية الآن في وضع حرج ما يهدد وجود مجلس التعاون الخليجي، بينما نأت عمان والكويت بنفسيهما عن اتخاذ موقف من الازمة.

ويشير كريستيان اولريشسن الباحث في جامعة "رايس" إلى أن "تأثير هذه الأزمة على الوحدة الإقليمية في الخليج العربي من المرجح أن يكون مدمرا ومحددا مثل الفترة التي غزا فيها صدام حسين الكويت واحتلها في عام 1990".

وأضاف "من الصعب للغاية رؤية كيف يمكن للخليج العربي أن يعود معا".

ويرى الكثيرون أن قطع العلاقات كان بمثابة محاولة من السعودية والإمارات لدفع قطر "المزعجة" التي تدعم الإخوان المسلمين وحماس، إلى الاصطفاف وراء سياستهما، إلا أن الرهان لم يؤت ثماره.

ويقول اولريشسن "لا يوجد رابح أو خاسر" بشكل واضح في هذه الأزمة.

وبحسب اولريشسن، "أظهر القطريون مرونة والكثير من البراغماتية عبر التكيف بسرعة مع الواقع الجديد ووضع ترتيبات تجارية ولوجستية بديلة أدت إلى خفض تكاليف الأزمة، من دون إزالتها".

والأحد، أكد وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية أن بلاده لن تقبل بأن تنجرّ إلى نزاع مع جارتها إيران.

وقال خلال مؤتمر دولي للأمن في سنغافورة إنه رغم وجود "الكثير من الاختلافات" بين البلدين، فإن الدوحة "لن تشعل حربا" في المنطقة. وتساءل العطية "هل من الحكمة دعوة الولايات المتحدة وإسرائيل لخوض حرب مع إيران؟ إيران جارة لنا".

"ثقة محطمة" 

وهناك احتمال ضئيل للتوصل إلى حل دبلوماسي فوري.

وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله في 30 أيار/مايو لوكالة فرانس برس إن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها بلاده لاحتواء الأزمة "مستمرة ومتواصلة".

وقال الجار الله إن "آخر الأفكار والجهود المتعلقة بالأزمة ستعرض خلال القمة الخليجية الأميركية في أيلول/سبتمبر المقبل. هذه القمة ستكون فرصة لوضع حد لهذه الأزمة".

وفي مرحلة أولى، تجاوب ترامب مع الاتهامات السعودية لقطر بدعم الإرهاب ودعا الدوحة إلى التوقف "فورا عن دعم الإرهاب على مستوى عال".

إلا أن ترامب سرعان ما عدل موقفه من قطر خلال الأشهر اللاحقة. واستقبل في نيسان/أبريل الماضي في البيت الابيض أمير قطر، واصفا إياه بـ"الصديق والجنتلمان والرجل الذي يحظى بشعبية كبيرة في بلاده"، مؤكدا أنه يعمل على عودة الوحدة إلى دول الخليج.

وهناك مزاعم فساد متعلقة بمستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر ومرتبطة بتعامله مع دول الخليج.

وأثرت الأزمة أيضا على دول أفريقية لديها تحالفات مع دول الخليج، وأدت إلى إبرام عقود دفاعية مع الدول الأوروبية وقد تكون لديها تداعيات على استضافة قطر لكأس العالم في 2022.

ويمتد تأثير الازمة إلى أبعد من السياسة.

وبرزت نزعة قومية متصاعدة في الخليج مؤخرا مع ازدياد العداء بين سكان الدول الخليجية.

ويستخدم السعوديون وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من حجم قطر، ويصفونها بأنها أكثر من شارع في الرياض، ويتنازع الإماراتيون والقطريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويشير روبيرتس إلى أن "الأزمة شكلت فرصة للقطريين لإظهار حماسهم الوطني".

ويرى اولريشسن أن ما حصل "حطم روابط الثقة"، مؤكدا أن الأزمة "خلقت عداوات قد تستغرق سنوات أو جيلا كاملا لتجاوزها".