حقل "خليج البحرين" يقترب من الحدود المائيّة السعودية… فما هو موقفها؟

2018-04-06 - 2:41 م

مرآة البحرين (خاص): امتنعت السعودية حتّى الآن عن الإدلاء بتعليق رسمي حول الاكتشاف النفطي الضّخم في البحرين. وسواء كانت تنتظر المزيد من المعلومات، أو المزيد من التّوضيحات؛ فإن حقيقةً مهمّةً ينبغي التوقف عندها: حقل النفط الصخريّ الممتد من الشمال الغربي حتى الجنوب الغربي من البحرين يقع على الحدود المائية مع المملكة العربيّة السعودّية.  (الخريطة 1).

إذ تظهر الخرائط التي قامت اللجنة العليا للثروات الطبيعية والأمن الاقتصاديّ والّتي أشرفت على عمليّة التنقيب أن الحقل يمتدّ طبوغرافيّاً على طول الحدود الشرقية للسعوديّة وبشكْل يكاد ينتصف  فيه الجزء البحريّ من الخليج العربيّ الواقع بينهما إلى نصفيْن. النصف الأوّل يقع فيه الحقْلُ المُكتشف والممتدّ على هيئة حدوة حصان، والنصف الآخر هو المياه الإقليميّة السعودية. ما يعني أنّ الحدود المائية بين البلديْن متلاصقة مع منطقة الاستكشاف.

وقد تنبّه توم كوين، كبير المحللين  في شركة "Wood Mackenzie" في تصريح لمجلة "أوفشور" إلى هذا الأمر قائلاً إن الحقل المكتشف "ليس بعيدًا عن الحدود البحرية السعودية".

ليس معلوماً بعد ما هو موقف السعوديّة من هذا الاكتشاف، وهي الّتي تتشارك مع البحرين منذ العام 1996 حقلاً آخر هو حقل "أبو سعفة" البحري أيضاً. لكن هذه حقيقة مهمّة ثانية: حقل النفط الصخريّ المكتشف هو أقرب جغرافيّاً إلى اليابستيْن السعوديّة والبحرينيّة على السواء من حقل "أبو سعفة" المُشترك. فالمسافة من البلدين إلى حقل "أبو سعفة" تزيد بنحوِ ضعفيّ المسافة من البلدين نفسيْهما إلى منطقة الحقل المُكتشف الجديد. (الخريطة 2)

ويجادل كوين بشأن ذلك قائلًا إنّ "التشكيل النفطي يمكن أن يحدّد على أنّه مجموعة من الحقول النفطية التقليديّة وغير التقليديّة على الحدود".

ثالث الحقائق المهمّة في هذا الصّدد هي أنّ منطقة الاستكشاف النفطيّ كبيرة جدّاً. فلو أخذنا حقل "أبو سعفة" المُشترك على سبيل المثال فنحن نتحدّث عن حقل مساحته 190 كيلومترا مربعاً وتبلغ  موجوداته 6.1 مليار برميل من الزّيت.

أمّا الحقل المُكتشف الجديد فتبلغ مساحته 2000 كيلو متر مربّع وتصل موجوداته إلى 80 مليار برميل من الزيت الصخريّ ومن 10 إلى 20 تريليون قدم مكعّب من الغاز، بحسب الإعلان البحرينيّ. بما يعني أنّ مساحته أكبر من حقل "أبو سعفة" بنحو عشرة أضعاف، وموجوداته أكثر بنحو الثلاثة عشر ضعفاً.

الجديد في هذا كلّه هو إطلاق اسم "خليج البحرين" على منطقة الاستكشاف. وهو اسم جديد لم يكن مستخدماً على الإطلاق كاسم للتّجويف البحريّ الواقع بين البحرين والسعوديّة. وهذه حقيقة مهمّة رابعة. فلا يُوجد شيء في خرائط البلديْن الجغرافيّة السّابقة والمُعتمدة اسمه "خليج البحرين".

ولغاية الأيّام القليلة السّابقة للاستكشاف النفطي كان اسم "خليج البحرين" يُطلق على الواجهة البحرية المطوّرة عقارياً منذ العام 2006 على الساحل الشمالي للمنامة والّذي يُسمّى أيضاً "بحرين باي". لكنها المرّة الأولى الّتي يُستخدم فيها هذا الاسم كمُسمّى للحدود المائيّة المُتشاطَرة بين البلديْن.

ليس هناك تاريخ لخلاف جدّي بين البلديْن على موارد الطّاقة. عدا أنّ المملكة العربية السعودية كانت تمنح البحرين كامل إنتاج حقل "أبو سعفة" البالغ 300 ألف برميل يومياً لغاية العام 1996. قبل أن تقرّر بالتّفاهم اقتسامه معها نصفاً بنصف منذ هذا التّاريخ.

لكن لا يُعرف ما إذا كان هذا التفاهم الودّي سيصمد مع حقل "خليج البحرين" والّذي تقول المنامة إنه الأضخم في تاريخها منذ اكتشاف أوّل بئر نفط في العام 1932. في مثل هذه الحالات عادةً ما تُدار الخلافات داخليّاً في ظل الخصوصيّة القائمة للعوائل الخليجيّة الحاكمة. لكن حين يتعلّق الأمر بموارد النفط ينبغي أن لا نطمئنّ لذلك كثيراً.

فقريباً منّا فقط في أكتوبر/تشرين الأول 2014 شهدنا توتّر العلاقات بين السعودية والكويت بسبب "حقل الخفجي" العملاق الذي تبلغ قدرته الإنتاجية حوالي 700 ألف برميل يوميّاً وتتقاسمه الدولتان مناصفة. وقد وصل الأمر إلى حدّ قيام السعوديّة بإغلاق الحقل ووقف إنتاجه وتلويح الكويت باللجوء إلى محكمة العدل الدوليّة. كما يدور خلاف آخر أيضاً بين البلدين حول حقل "الدرة" للغاز الذي يوجد في منطقة الزور، وهو حقل مشترك أيضاً بين السعودية والكويت وإيران. فالكويت تريد استغلاله تجاريا، ولكنّ السعودية ترفض الدخول في أي محادثات ثلاثية تكون إيران طرفاً فيها.

حين يتعلّق الأمر بموارد الطّاقة ينبغي أن نطمئنّ أكثر للغة المصالح.

ـــ خريطة 1:  صورة تظهر امتداد الحقل النفطيّ المكتشف

خريطة 1:   صورة تظهر المسافة من اليابستين البحرينية والسعودية إلى حقل "أبو سعفة"

خريطة 2

 خريطة 2:  صورة تظهر امتداد الحقل النفطيّ المكتشف  

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus