ذا أمريكان كونسيرفاتيف: ترامب يدعم القمع الوحشي في البحرين

دوغ باندو - مجلة ذا أمريكان كونسيرفاتيف - 2018-03-17 - 4:00 م

ترجمة مرآة البحرين

كثيرًا ما انتقد الجمهوريون إدارة أوباما بسبب "إساءة معاملتها" لحلفائنا. وبدا أنّ عددًا منهم يعتقدون أنّ جمع الحلفاء كان يشبه إلى حد ما جمع الأصدقاء على الفايسبوك: كلما كان العدد أكبر، كان الأمر أفضل، بغض النظر ما إذا كانوا يؤمنون بالقيم الأميركية.  بعض أعز "الأصدقاء" الأجانب للرئيس ترامب مستبدون في أوطانهم، ينتهكون حقوق الإنسان التي يزعم غالبية الأميركيون أنّهم يُقَدّرونها.

ليست المشكلة أنّ واشنطن تسوي ترتيبات صعبة مع دول قوية ومهمة. المسألة أنّ المسؤولين الأميركيين يبدون حمقى عندما يتجاهلون الهوة، التي يراها الآخرون بوضوح، بين الخطاب والممارسة.

إحدى أسوأ الحالات هي البحرين، المملكة ذات الغالبية الشيعية التي تستضيف الأسطول الخامس الأميركي في عاصمتها المنامة. لطالما فضّلت المملكة هناك الأقلية السّنية، وأسّست نظامًا قارنه بعض النّقاد بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

في العام 2011، ولّد الرّبيع العربي حراكًا بحرينيًا ديمقراطيًا قادته الغالبية الشيعية المُضطهدة التي أحرجت المملكة الدكتاتورية. وكان على النظام الاعتماد على القوات السّعودية لسحق المعارضة كلّها بوحشية. ووفقًا لما أشارت إليه صحيفة النّيويورك تايمز، "استخدمت العائلة المالكة في البحرين الدّبابات وقوات مكافحة الشّغب والاعتقالات الواسعة النّطاق والرّقابة الصّارمة لإحباط المطالبة بالديمقراطية لدى الغالبية المسلمة الشيعية".

وثبت أنّ الحوار المفترض مع النّقاد لم يكن سوى واجهة، إذ أدّى النّقد إلى الاعتقالات والسّجن. وقد صدر حوالي 14 حكمًا بالإعدام على خلفية جرائم "إرهابية" مزعومة. وتم تجريد العشرات من المعارضين من جنسياتهم. كما تم حظر سفر بعض المعارضين إلى الخارج، في حين اختفى آخرون، لينتهي بهم الأمر لاحقًا أمام محاكم عسكرية. لم يكن أحد بأمان. وقد أفاد ماكلاتشي في ذلك الوقت أنّ:

السّلطات عقدت محاكمات سرية حيث حُكِم على المحتجين بالإعدام، واعتقلت سياسيين معارضين بارزين في البلاد، وسجنت ممرضين وأطباء عالجوا محتجين مصابين، واستولت على نظام الرّعاية الصّحي الذي كان يديره الشّيعة، وطردت 1000 موظف شيعي وألغت معاشاتهم التّقاعدية، واعتقلت الأساتذة والطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات وضربت واعتقلت الصحافيين وأجبرت الصحيفة المعارضة الوحيدة على إغلاق أبوابها.

وجلب النّظام سنة باكستانيين وسوريين إلى أجهزة الأمن المزدهرة. كما سعى إلى جذب المهاجرين السّنة، ومتابعة طلبات تجنيسهم بسرعة لتقليص عدد السّكان الشّيعة (70 إلى 75 بالمائة من عدد السكان البحرينيين). حتى أنّ المنامة أطلقت حملة لهدم مساجد الشّيعة، واصفة إياها بأنها "مبان غير شرعية".

إدارة أوباما أبدت على الأقل بعض الاستياء إزاء حملة القمع المشينة. وعلى الرّغم من أنّ وزارة الخارجية الأميركية ما تزال تبدي قلقها من وقت لآخر، فقد تجاهل الرّئيس ترامب حملة القمع. في الواقع، قال الرّئيس في الربيع الماضي، خلال لقائه بحاكم البحرين الشّيخ حمد بن عيسى آل خليفة إنّ "بلادنا لديها علاقات رائعة معًا". وأضاف أنه "على الرّغم من أنّه كان هناك بعض التّوترات سابقًا، فلن يكون هناك قيود مع هذه الإدارة".

الاعتداء الأخير على حقوق الإنسان من قبل النّظام البحريني هو حكم بالسّجن خمس سنوات على نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان. في العام 2012، حُكِم عليه بثلاثة أعوام في السّجن بسبب دعمه للاحتجاجات. وهو يقضي حاليًا حكمًا بالسّجن لعامين لانتقاده جرائم المملكة [البحرينية] في مقابلة تلفزيونية. والعقاب الأخير أتى بسبب "إهانته مؤسسات حكومية" في تغريدات أفاد فيها عن تعذيب السّجناء. ويواجه رجب أيضًا تهمًا إضافية بسبب افتتاحية كتبها في صحيفة النيويورك تايمز في العام 2016 أثناء وجوده في السّجن، اشتكى فيها من أن النّظام [البحريني] كان ذلك النوع من الحليف الأميركي الذي "يعاقب شعبه بسبب التفكير ويمنع المواطنين من ممارسة حقوقهم الأساسية".

العام الماضي، استهدفت حكومة آل خليفة عائلة النّاشط من أجل حقوق الإنسان سيد الوداعي، الذي سُحِبَت جنسيته، وأُجبِر على المغادرة إلى المنفى. واعتقلت الحكومة البحرينية قريبه ووالدة زوجته وأخاها، وحكمت على الثلاثة في أكتوبر / تشرين الأول بالسّجن بتهم مشبوهة.

وذكرت هيومن رايتس ووتش "انتهاك الإجراءات القانونية والادعاءات بسوء المعاملة والاعترافات القسرية. وكان النّظام قد هدّد سابقًا زوجته، وابنه الصغير، وأقارب آخرين بالاعتقال والتّعذيب.

لطالما كان القمع نهجًا ثابتًا في السّياسة البحرينية. في أعقاب حملة القمع في العام 2011، أنشأ الملك حمد اللجّنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق للتّحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان. وأفادت لجنة بسيوني أنّ مئات الأشخاص أُدينوا على خلفية الاحتجاج السّلمي وانتقاد الحكومة. وأوصت بأنّ "تتم مراجعة إدانات جميع الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بالتّعبير السّياسي، ولا تشمل الدّعوة إلى العنف وتخفيف أحكامهم، أو بحسب مقتضى الحال، إسقاط التّهم المعلقة ضدّهم".

للأسف، بعيدًا عن تصحيح الجرائم السابقة، ضاعف النّظام [انتهاكاته]، محاولًا إقصاء المعارضة.

وأفادت هيومن رايتس ووتش في العام 2014 أنّه "لم يتغير الكثير في إدارة القضايا الجنائية في البحرين"، وأضافت أنّه "في عدد من الحالات أدين المتهمون "بجرائم" تستند فقط إلى التعبير السّلمي عن الآراء السّياسية أو ممارسة الحقوق في حرية تكوين الجمعيات أو حرية التّجمع السّلمي".

وتتواصل الانتهاكات من قبل قوات الأمن وتظل بشكل عام في مأمن من العقاب. وهذا الوضع "غير قابل [أبدًا] للتّوفيق مع الحد الأدنى من معايير العدالة" وفقًا لما لفتت إليه هيومن رايتس ووتش.

علاوة على ذلك، فإن التعذيب سياسة حكومية [أيضًا]. أفادت اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق أنّ الأجهزة الأمنية "اتبعت نهجّا منتظمًا من سوء المعاملة الجسدية والنّفسية، والذي بلغ في كثير من الحالات حد التّعذيب، فيما يتعلق بعدد كبير من المحتجزين أثناء الاعتقال".

وعلى الرّغم من وعود النّظام بالإصلاح، وجد تقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش في العام 2015 أنّ "السّلطات البحرينية فشلت في أن تنفذ فعليًا توصيات توصيات لجنة بسيوني في محاربة التّعذيب، وأنّ المكاتب الجديدة المُنشَأة فشلت في تأدية مهامها وأن قوات الأمن البحرينية تواصل تعذيب المعتقلين". والنساء مستهدفات على وجه الخصوص: فلقد تم ضرب النّاشطة البحرينية ابتسام الصّائغ والاعتداء عليها جنسيًا بعد اعتقالها في العام 2017.

قوّض القمع الواسع النّطاق ما شكل في يوم من الأيام مجتمعًا متناميًا وإن بشكل محدود. وفي وجه الرّقابة الخاصة، كان هناك منظمات سياسية ونقابات عمالية. ولفت تقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش في العام 2013 إلى أنّ "السّلطات استخدمت القانون لقمع المجتمع المدني وتقييد حرية التّجمع من خلال ثلاثة طرق أساسية: رفض طلبات التّسجيل بشكل تعسفي والإشراف على المنظمات غير الحكومية والاستيلاء على المنظمات التي كان زعماؤها ينتقدون مسؤولي الحكومة أو سياساتهم وحلها - نوعًا ما وفقًا لرغبة [الحكومة]؛ والحد بشكل كبير من قدرة الجماعات على جمع الأموال وتلقي التّمويل الأجنبي".

ويستمر القمع كل عام. في الشّهر الماضي، أفادت هيومن رايتس ووتش أنّ "البحرين واصلت تدهورها في مجال حقوق الإنسان خلال العام 2017 حيث قامت الحكومة بمضايقة واضطهاد وترهيب وسجن ومقاضاة المدافعين عن حقوق الإنسان وأقاربهم بتهم لم يكن ينبغي توجيهها إليهم أبدًا". وقالت سارة ليا واتسون، وهي من منظمة هيومن رايتس ووتش، إن "تسامح البحرين مع المعارضة يكاد يكون منعدمًا، ويمحو أي تقدم أحرزته بعد أن وعدت بإجراء إصلاحات في أعقاب الاضطرابات في العام 2011".

في الواقع، وفي وقت سابق من العام الحالي، صنّفت منظمة فريدوم هاوس البحرين "غير حرة" فيما يتعلق بالحريات المدنية والحقوق السّياسية على المستوى الدّولي. وأفادت المنظمة أنّ "البحرين، بعد أن كانت في السّابق نموذجًا واعدًا للإصلاح السّياسي والانتقال الدّيمقراطي، أصبحت واحدة من أكثر الدّول قمعًا في الشّرق الأوسط"، وقد كثّفت الحكومة مؤخرًا "حملتها لتجريم المعارضة السّياسية السّلمية". وعلى نحو غير مفاجئ، تم تصنيف البحرين بأنها "غير حرة" في مؤشرات أخرى تتعلق بحرية الصّحافة وحرية الإنترنت أيضًا.

حتى وزارة الخارجية الأميركية لا تستطيع إنكار ما هو جلي. ويشير تقريرها الأخير الصّادر في 47 صفحة حول حقوق الإنسان إلى "القيود [المفروضة] على قدرة المواطنين على اختيار حكومتهم بشكل سلمي، بما في ذلك بسبب قدرة الحكومة على أن تغلق الجمعيات السّياسية المنظمة تعسفيًا أو أنو توجد صعوبات في تسجيلها؛ والقيود المفروضة على حرية التّعبير وحرية التّجمع وحرية تكوين الجمعيات؛ وانعدام الإجراءات القانونية الواجبة في النّظام القانوني، بما في ذلك الاعتقال من دون مذكرة جلب أو تهم وفترات الاعتقال الطويلة قبل المحاكمة -المستخدمة خصيصًا في حالات أعضاء المعارضة والنّشطاء السّياسيين أو النّشطاء من أجل حقوق الإنسان".

لكن هذا ليس كل شيء. ذكرت الخارجية [الأميركية] أيضًا "مشاكل أخرى مهمة في مجال حقوق  الإنسان بما في ذلك انعدام المساءلة القضائية فيما بتعلق بعناصر الأمن المتهمين بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان؛ وعدم قدرة وصول المدعى عليهم إلى المحامين وعدم قدرتهم على الطعن في الأدلة؛ واكتظاظ السّجون؛ وانتهاك الخصوصية؛ وقيود أخرى [مفروضة] على الحريات المدنية؛ بما في ذلك حرية الصّحافة وحرية تكوين الجمعيات". وأضافت أيضًا أنه يوجد تمييز اجتماعي ضد الشيعة، ,"حظر سفر [مفروض] على النّشطاء السّياسيين" وسحب الجنسية.

لا عجب أن نبيل رجب استخدم مقالته في صحيفة النيويورك تايمز ليسأل وزير الخارجية الأميركية آنذاك جون كيري" "هل هذا هو نوع الحليف الذي تريده أميركا". كيف سيرد خليفة كيري، وزير الخارجية ريكس تيلرسون؟ والرّئيس ترامب؟

العالم مكان فوضوي. ويجب في بعض الحالات اتخاذ قرارت صعبة وغير سارة. لكن دعم الأنظمة المستبدة أمر مكلف: غالبية البحرينيين لا يسعهم أن يروا إلا أن أميركا تساعد مضطهديهم. وتسامح واشنطن مع الأنظمة الدّكتاتورية الوحشية يقوض انتقادها لإيران وغيرها من الحكومات المستبدة.

يجب على الولايات المتحدة على أقل تقدير أن تتجنب الالتصاق الوثيق وخطاب الصداقة. وبشكل أساسي، على واشنطن أن تعيد النّظر في السياسات التدخلية التي تجبرها على الاعتماد على مثل هذه الأنظمة الدكتاتورية. لم يعد الشّرق الأوسط يسيطر على الطاقة في قبضته. وإسرائيل قوة إقليمية عظمى قادرة على الدفاع عن نفسها، وقد خلق تحالفها النّاشئ مع دول الخليج توازنًا قويًا من النّفوذ ضد إيران. يمكن لأميركا أن تبدأ بالتّراجع.

في هذه الأثناء، يجب على الرّئيس ترامب أن يتواصل مع صديقه الملك ويحثه على الإفراج عن نبيل رجب. وإذا كان الرّئيس سيتصادق مع بعض الحكام المستبدين، يمكنه كذلك أن يحقق شيئًا إيجابيًا لورطته. الإفراج عن بطل في مجال حقوق الإنسان سيشكل بداية جيدة.

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus