رويترز: البحرين تعول على التكنولوجيا المالية والعلاقات السعودية في إنعاش اقتصادها

2018-03-15 - 8:24 م

مرآة البحرين (رويترز): في مكاتب جديدة أنيقة تشرف على الخليج ينهمك العاملون في أكثر من عشر شركات في العمل على العملات الرقمية والمدفوعات القائمة على سلسلة الكتل وغيرها من وسائل التكنولوجيا المالية.

يمثل مشروع خليج البحرين للتكنولوجيا المالية الذي افتتح الشهر الماضي جانبا من مساعي المملكة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة لإحياء سمعتها كأكبر مركز للمصارف والأعمال في الشرق الأوسط.

فقد تضررت صورة المملكة جراء احتجاجات الشيعة على حكام البلاد من السنة في 2011. واتجه بعض المستثمرين بدلا من البحرين إلى دبي المنافسة.

أرسلت السعودية جنودها للمساهمة في قمع الاحتجاجات في البحرين وتباطأ النمو الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية.

ثم تسبب هبوط أسعار النفط من عام 2014 في انخفاض إيرادات الدولة بشدة وانخفضت تصنيفاتها الائتمانية وارتفعت ديونها.

ولا تزال الديون الكبيرة تمثل خطرا مع ارتفاع أسعار الفائدة غير أن البحرين بدأت تشهد بوادر أولى على الانتعاش بعد دفعة تهدف لتغيير مسار الاقتصاد.

وستنشيء شركة بيتابس السعودية المتخصصة في حلول المدفوعات الإلكترونية قاعدة لها في خليج البحرين للتكنولوجيا المالية خلال مايو أيار المقبل.

وقال فيليب بيرار رئيس العمليات الرقمية في بيتابس في بيان في وقت سابق من الشهر الجاري "موقع البحرين المحوري في الشرق الأوسط يجعلها مركزا شديد الأهمية للمدفوعات الإلكترونية".

وأضاف "انتشار الإنترنت في المملكة يفوق 90 في المئة وهو من أعلى المعدلات في العالم ومن الطبيعي أن تزدهر التجارة الإلكترونية في ظل تلك الظروف".

وفي الشهر الماضي انتقلت شركة تاب بيمنتس للمدفوعات الرقمية التي تأسست في الكويت إلى مركز الخليج. وقال علي أبو الحسن الرئيس التنفيذي للشركة إن البحرين لديها مزايا تنظيمية عند مقارنتها بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

وفي العام الماضي قررت شركة أمازون ويب سيرفسز، وحدة الحوسبة السحابية التابعة لعملاق التجارة الإلكترونية أمازون، تأسيس نشاط لها في البحرين.

وتوضح بيانات مجلس التنمية الاقتصادية التابع للحكومة البحرينية أن الاستثمارات الأجنبية من عدد قياسي من الشركات بلغ 71 شركة وصلت إلى 733 مليون دولار العام الماضي ارتفاعا من 281 مليون دولار من 40 شركة في 2016.

وأسهم ذلك في وصول متوسط النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لأكثر من 3.5 في المئة في أول ثلاثة أرباع من العام الماضي بعد أن كان المعدل أقل من ثلاثة في المئة في 2015 و2016.

وفي الشهر الماضي قال رشيد محمد المعراج محافظ مصرف البحرين المركزي إن وتيرة النمو قد تتسارع أكثر من ذلك مع ارتفاع أسعار النفط مجددا إلى نحو 65 دولارا للبرميل بعد أن كانت دون 50 دولارا في منتصف 2017.

ومن المؤشرات المهمة لدور البحرين كمركز مالي أن أصول الجهاز المصرفي استقرت فيما يبدو. فأحدث البيانات توضح أن إجمالي الأصول المصرفية زاد 1.4 في المئة من نهاية 2016 إلى 188.7 مليار دولار في نوفمبر تشرين الثاني الماضي رغم أنها لا تزال أقل من المستوى الذي بلغته قبل عام 2011 وكان يتجاوز 200 مليار دولار.

* الاستراتيجية

يقوم جانب من الانتعاش البحريني على حسن الحظ متمثلا في تحسن أسعار النفط. وقد قالت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية إن ذلك ساهم بنصف الانخفاض في العجز الحكومي العام الماضي.

وتظهر تقديرات صندوق النقد الدولي أن العجز في الموازنة انكمش إلى 13.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وإن كان لا يزال مرتفعا جدا، مقارنة مع 17.8 في المئة في 2016.

غير أن البحرين طورت أيضا بيئتها التنظيمية لجذب الاستثمارات بوتيرة أسرع من أغلب الدول الخليجية الأخرى.

وفي بعض الأحيان ينطوي ذلك على تخفيف القيود التنظيمية ومن أمثلة ذلك "بيئة رقابية تجريبية" يمكن من خلالها لشركات التكنولوجيا المالية التجريب دون إشراف كبير ودون قيود الترخيص.

وفي مجالات أخرى تعمل البحرين على تشديد القواعد التنظيمية. فقد أطلقت هذا الشهر وكالة لتنظيم القطاع العقاري من أجل تضييق الخناق على المخالفات وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

كما ستنفق الحكومة 32 مليار دولار على خطة للبنية التحتية تتضمن توسعة المطار وتطوير شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) التي تسيطر عليها الدولة لواحد من أكبر مجمعات صهر الألومنيوم في العالم، كما تتضمن مشروعا تنفذه شركة نفط البحرين لتحديث مصفاة التكرير بتكلفة خمسة مليارات دولار.

ورغم أن ذلك قد يزيد الضغط على مالية الدولة فمن المنتظر أن يتحسن المركز الخارجي للبحرين بزيادة الصادرات.

في الوقت نفسه تعمل البحرين على تسويق نفسها كمنصة للشركات الساعية للاستفادة من الإصلاحات الاقتصادية في السعودية والتي تزيد من تكلفة العمل فيها مع اتجاه السلطات للتشجيع على توظيف المواطنين السعوديين.

مع ذلك فالبحرين لا تخلو من المشاكل.

فالعنف السياسي مستمر بشكل متقطع وفي الشهر الماضي قالت السلطات إنها ألقت القبض على أربعة أفراد من خلية وراء تفجير قنبلة في خط لأنابيب النفط.

أما الخطر الاقتصادي الكبير الآخر فيتمثل في كلفة الدين الحكومي.

وتقدر وكالات التصنيف الائتماني العالمية الثلاث الكبرى الآن تصنيف ديون البحرين بما يقل عن الدرجة الاستثمارية في حين تقدر وكالة ستاندرد آند بورز أن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الاجمالي قفزت إلى 81 في المئة في 2017 من 34 في المئة في عام 2012.

وقالت مؤسسة كابيتال ايكونوميكس التي تتخذ من لندن مقرا إنه في ضوء التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة العالمية خلال 12 إلى 18 شهرا فقد يزداد وضع الدين البحريني سوءا "ومن المرجح أن ترتفع مدفوعات الفائدة لما يصل إلى 15-20 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي".

وتبلغ النسبة في الوقت الحالي نحو 11.5 في المئة.

ولأسباب من بينها المعارضة الداخلية للتقشف لم تنشر السلطات خطة شاملة لإحكام السيطرة على مالية الدولة. وفي يناير كانون الثاني الماضي قالت الحكومة إنها ستمضي قدما في خطوات تقشف جديدة إلى أن يوافق البرلمان على كيفية تعويض المواطنين عن ارتفاع كلفة المعيشة.

إلا أن البحرين قد تتمكن من إرجاء حل المشكلة. ويعتقد المستثمرون أن البحرين يمكنها أن تعول على الدعم المالي من السعودية في الأزمات.

وقالت فيتش للتصنيفات الائتمانية هذا الشهر "لقد عزز توقع مثل هذا الدعم قدرة البحرين على الوصول للأسواق وربط العملة بالدولار الأمريكي رغم الانخفاض الشديد في احتياطيات النقد الأجنبي".

ويتيح ذلك للمنامة الاستمرار في الاقتراض بنجاح في الأسواق الدولية رغم تصنيفها العالي المخاطر.

إلى جانب ذلك تقول مصادر رسمية ومصرفيون في المنطقة إن البحرين تبحث منذ العام الماضي إمكانية الحصول على مساعدات إضافية من دول مجاورة مثل الكويت رغم أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus