الحشد الشعبي يتجه للإعمار بعد انتهاء المعارك مع الجهاديين في العراق

2018-03-07 - 8:04 م

مرآة البحرين (أ ف ب): قبل ثلاثة أشهر، كان إبراهيم يفتح سواتر شيدها جهاديون لعرقلة تقدم القوات العراقية واليوم يركز جهوده مع بعض رفاقه على فتح قنوات إروائية لحقول زراعية وتنفيذ مشاريع مدنية في جنوب العراق الذي كان بمنأى عن المعارك لكنه يعاني نقصا في البنى التحتية.

يقول هذا الشاب الذي يحمل وجهه آثار أشعة الشمس، "إن ما أفعله يجعلني سعيدا".

في عام 2014 ، استجاب أبراهيم كما هو حال عشرات آلاف أخرين لدعوة المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني وانضم إلى فصائل الحشد الشعبي، وحدات شبه عسكرية شكلت آنذاك بهدف مقاتلة تنظيم داعش.

وفي سن 23 عاما، ترك هذا الشاب والداه في محافظة بابل (جنوب بغداد) وتوقف عن عمله اليومي في البناء، ولكونه يتقن قيادة الجرافات وآليات البناء أنخرط في الجهد الهندسي للحشد الشعبي تحت شعار "الحشد يبني ويقاتل".

ورغم إعلان العراق في كانون الأول/ديسمبر، النصر الكامل وهزيمة تنظيم داعش، مازال هذا الشاب متمسكا بقفازاته وبزته العسكرية.

- "السلطات لا تأتي هنا " -

توجه إبراهيم مع مهندسين وسائقي سيارات وآخرين بعد القتال في صفوف الحشد إلى جنوب البلاد، وتحديدا محافظة البصرة ذات الغالبية العظمى من الشيعة والتي تعد أغنى المناطق بالنفط في البلاد، لكنها تعاني رغم ذلك نقصا حادا في البنى التحتية.

يقول كاظم أكرم المهندس المشرف على فريق العمل الذي يضم إبراهيم، "بدأنا بالقتال، لكننا الآن نبني، إنه وسيلة أخرى لمواصلة القتال".

وأضاف هذا المهندس وهو أب لثلاثة أولاد، شارك في القتال ضد الجهاديين في الموصل وحتى قرب الحدود مع تركيا شمالا وفي صحراء الأنبار باتجاه سوريا غربا، إن "الحشد لديه استراتيجية طويلة المدى يعتمد خلالها على كوادره، المهندسين مثلي وكذلك الأطباء والمحامين وجميع المواهب التي انضمت إليه".

بدوره، التحق محمد كريم وهو مهندس أيضا (24 عاما) بالحشد عام 2015 بعد تخرجه من بغداد. وخلافا للكثير من الشباب العاطلين عن العمل والذين يقدر عددهم بواحد من كل خمسة أشخاص بعمر 25 عاما، أكد هذا الشاب حصوله على فرص عمل، لكنه فضل الانخراط في صفوف الحشد.

وبعد أن قضى أكثر من عامين في المعارك، يشرف كريم اليوم على إعادة تأهيل مدرسة في أحد الأحياء الجديدة في البصرة، مدينة الميناء البحري التي يسكنها أكثر من مليوني نسمة.

وذكر هذا المهندس بأنه "عند هطول الأمطار تتحول الشوارع إلى أوحال، لا يوجد نظام مجاري مياه، والأطفال يسيرون وسط الوحول للوصول إلى المدرسة" مشيرا إلى أن الحشد يتولى مسؤولية الموقع بالتنسيق مع البلدية.

من متجره الواقع قبالة المدرسة، يراقب أبو رائد وهو في الأربعينات من العمر، و 11 عشر شخصا الى جانبه، الأعمال التي تنفذها الجرافات.

ويقول هذا الرجل متحدثا لفرانس برس، إن "البصرة هي بقرة العراق الحلوب نلقبها بأم النفط، لكننا لا نحصل حتى على الحد الأدنى من الخدمات".

وتابع "السلطات لا تأتي هنا أبدا، ما عدا الحشد الذي بذل دمائه من أجل العراق، (جاء) هنا من أجلنا".

- "الحشد سيبقى "-

تفخر مدينة البصرة ذات الغالبية الشيعية بكونها المدينة التي قدمت أكبر عدد من "الشهداء" في الحرب ضد تنظيم داعش، وتغطي جوانب طرقاتها لوحات وصور لشباب سقطوا في المعارك.

لا يزال الحشد الشعبي يضم عشرات آلاف المقاتلين. ويرى محمد كريم "أن ما قام به كل هؤلاء لا يمكن أن يتلاشى فجأة".

ويتقاضى المهندسون 750 ألف دينار (حوالى 600 دولار) شهريا ضمن الحشد الذي يضمن لهم الوظيفة، لكن البعض الآخر مثل كريم يقول إن سبب استمراره بعمله "هو أنه يقوم بعمل إنساني".

وقال كريم إن "الحشد سيبقى" لأنه يلعب دورا مهما، فيما تتزايد شعبية هذه القوات حتى في مناطق ذات الغالبية السنية، بسبب دورها الحاسم في الحرب ضد تنظيم داعش.

بدوره، يقول خالد فهد رئيس مديرية الماء في القرنة إن الحشد يقدم منذ شهرين مساعدة كبيرة لهذه البلدة الواقعة إلى الشمال من البصرة. مشيرا إلى أنهم فتحوا قناة إروائية تمتد أربعين كيلومترا.

وأضاف فهد "إنها عملية إنقاذ، المزارعون مهددون بالجفاف" بينما لا تملك السلطات المحلية الإمكانات أو المعدات أو العناصر لمواجهة الأمر.

وفي موقع آخر، كان هناك فصيل آخر من الحشد الشعبي يقوم بإزالة الألغام قرب الحدود مع إيران، شرق البلاد، فيما يقوم آخرون من عناصر الحشد بتعبيد شوارع وترميم حفر هنا وهناك.

وتعد البصرة، أول محافظة يشرع فيها الحشد الشعبي بتنفيذ مشاريع من هذا النوع وستتبعها مدن أخرى.

وأكدت قيادة الحشد الشعبي أن عددا كبيرا من قادة الحشد تفرغوا خلال الفترة الأخيرة من أجل الترشح في الانتخابات التشريعية المرتقبة في أيار/مايو المقبل.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus