فورين بوليسي: سيمون هندرسون: من البحرين إلى القدس

سيمون هندرسون - فورين بوليسي - 2018-01-13 - 6:36 ص

ترجمة مرآة البحرين    

يبدو أنّ البحرين قد تجاوزت السّعودية والإمارات العربية المتحدة في السّباق إلى إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل. في 9 ديسمبر / كانون الأول، وصل وفد من المملكة الخليجية الصغيرة، مؤلف من 23 شخصًا، في زيارة مدتها 4 أيام إلى إسرائيل، بما في ذلك القدس. المجموعة، التابعة [لمنظمة] "هذه هي البحرين" كانت تقوم برحلتها الأولى إلى البلاد لإبراز مزاعم البحرين بالتّسامح مع كل الدّيانات، وهي مُكَرسة لدعم تعهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتعزيز الحريات الدّينية، والتّعايش في أرجاء العالم، على الرّغم من أنّه لا يبدو أنها تمتلك صفة رسمية. ليس لدى البحرين علاقات رسمية مع إسرائيل، على الرّغم من أنّه يبدو أنّ الملك حمد يعتقد أنّه يمكن التّمييز بين العلاقات الدّينية والعلاقات الدبلوماسية المفتوحة، وهي فكرة مشكوك بأمرها، وقد تكون على الأرجح مثيرة للإعجاب فيما بتعلق بالشرق الأوسط.

لقد كان، كما قد يمكن أن يكون الذين تابعوا الأخبار الأجنبية قد لاحظوا، أسبوعًا  معتبرًا لوفد مماثل لزيارة القدس. اعتراف الرّئيس الأميركي دونالد ترامب في 6 ديسمبر / كانون الأول بالقدس عاصمة لإسرائيل أثار ضجة رسمية  صاخبة  في أرجاء العالم العربي، مع قول وزارة الخارجية البحرينية إنّ القرار "يهدد عملية السّلام في الشّرق الأوسط ويعيق كافة المبادرات والمفاوضات للوصول إلى الحل النّهائي المأمول". وحتى لو افترضنا أن استخدام العبارة غير المشّجعة "حل نهائي" كان خطأ غير مقصود، فإنّ هذا يشير إلى أنّ وزارة الخارجية لم تكن تعرف بالأمر. غير أنّ الملك حمد  وافق  بنفسه على الرحلة، وفقًا لمصادر داخلية.

مع ذلك، تأتي هذه الزّيارة في الوقت الذي تُعَزز فيه دول الخليج علاقاتها الأمنية والاستخباراتية مع إسرائيل بسبب المصلحة المُشتركة في مواجهة ما يرونه تهديدًا إيرانيًا. ومن الجدير ملاحظة ردود فعل الرّياض وأبو ظبي على زيارة الوفد لرؤية ما إذا كانت البحرين تشقّ الطّريق أو تحاول فقط زيادة نفوذها الدّولي.

كل من السّعوديين والإماراتيين كانوا قد قاموا أيضًا بتفاهمات علنية مع الإسرائيليين في السّنوات الأخيرة، على الرّغم من أنّ ذلك كان أكثر ترددًا. أقامت السّعودية علاقة مفتوحة مستندة إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين، غير أنّ مرونتها بشأن هذا [الأمر] قد تتزايد. الأمير تركي الفيصل، الرّئيس السّابق للاستخبارات السّعودية، أعاد إبراز نفسه في [فترة] تقاعده كمتحدث رسمي مع المسؤولين الإسرائيليين السابقين، وهو عمل سيحتاج إلى موافقة الرياض. وأفيد أيضًا أن ولي العهد السّعودي محمد بن سلمان -وهو [أمر] مؤذٍ وغير أكيد على الأرجح- قد زار أيضًا إسرائيل، على الرّغم من أنّ ذلك علامة على تغير الأزمنة، أنّه لا يمكن استبعاد الفكرة على أنّها عبثية. وتستضيف الإمارات أساسًا بعثة دبلوماسية إسرائيلية معتمدة لدى الوكالة الدّولية للطّاقة المتجددة، ومركزها أبو ظبي -لكن إن كان المسؤولون الإماراتيون قد زاروا إسرائيل، فإنهم قد قاموا بذلك بشكل  فائق السرية.

وقد ظهرت زيارة الوفد البحريني إلى العلن في 9 ديسمبر / كانون الأول، حين صوّرت القناة الإسرائيلية الثانية وفد "هذه هي البحرين" أثناء تجواله بين المحلات التّجارية في الحي المسيحي في المدينة القديمة، التي تشكل جزءًا من القدس الشّرقية. وقد ترأسته زعيمة المنظمة، بيتسي ماتثيسون، ذات الأصول الاسكتلندية، غير أنها الآن مواطنة بحرينية. وآخرون، يرتدون في غالبيتهم ملابس دينية تعود إلى دين ما أو غيره، بمن في ذلك رجل دين شيعي رأى نشطاء المعارضة أنّه موالٍ للحكومة [البحرينية]. وقد التقى الوفد أيضًا بوزير الاتصالات أيوب كارا، العربي الوحيد في مجلس الوزراء الإسرائيلي وعلى رأسه بنجامين نتنياهو.

وكان من اللافت غياب أي شخص من الطائفة اليهودية الصغيرة في البحرين، والتي تُقَدّر عادة بأنها أقل من 40 [شخصًا]، وتُذكَر غالبًا من قبل الملك حمد على أنّها مثال على التسامح بين [أفراد] شعبه.  وعلى نحو فريد من نوعه، يوجد في البحرين كنيس يهودي، أعيد بناؤه بعد أن كان قد هُدِم في العام 1947 في أعمال شغب معادية للسامية. وقد تم اصطحابي لرؤيته خلال زيارة إلى البحرين في يناير / كانون الثاني الماضي: إنه بناء صغير ومجهول، يقع على مفترق طرق في منطقة السوق القديم، وتحيط به الآن مبانٍ شاهقة. وقد رمقني السّكان المحليون بنظرات غريبة وإن لم تكن عدائية، في الأزقة، أثناء محاولتنا العثور عليه. وتُقام الاحتفالات الدّينية في منازل أفراد الطّائفة،  لذلك كان ارتياد الكنيس، الذي يضم بعض الطاولات والكراسي، وشمعدانًا تساعيًا كبيرًا، ملفوفًا بالبلاستيك.

كان الشمعدان هدية من وفد من الحاخامات الأوروبيين الذين زاروا البحرين، والذين أثار رقصهم مع البحرينيين المسلمين احتفالًا بالهانوكاه الجدل قبل شهر [من زيارتي]. وقد انتشر الفيديو الذي يظهر ذلك على الإنترنت، ما دفع المتطرفين السّنة في البحرين إلى إقامة طقوس تنظيف وغسل على مدخل سوق المنامة لتطهير أي أثر لزيارة الحاخامات. وقد ظهرت صور الاحتجاج على مواقع الإنترنت المناهضة للحكومة.

غياب عضو يهودي في الوفد [الزائر] للقدس أمر غريب -ليس واضحًا ما إذا كانت الطائفة اليهودية في البحرين تعرف بشأن المخطط لزيارة إسرائيل. أكثر عضو مشهور في الطائفة [اليهودية] هي هدى النونو، التي كانت سفيرة البحرين في واشنطن لخمسة أعوام، حتى العام 2013، ولديها علاقات مع مجموعات يهودية (وليس إسرائيلية). ويزور وفد من اللّجنة اليهودية- الأميركية البحرين سنويًا، وقد كانت الزيارة الأحدث في أكتوبر / تشرين الأول، حين التقوا بوزير الداخلية [البحريني].

الأميركيون اليهود كانوا على ما يبدو مشاركين في التّخطيط للرّحلة. وأبرزهم الحاخام مارفن هيير من مركز سيمون فيزنتال في لوس أنجلوس، الذي شارك في حفل تنصيب ترامب في يناير / كانون الثاني. وقد استضاف الحاخام هيير ابن الملك حمد، البالغ من العمر 30 عامًا، الشّيخ ناصر بن حمد آل خليفة، في حفل في متحف التّسامح في لوس أنجلوس في سبتمبر / أيلول. وألقى ناصر كلمة في هذا الحفل، الذي كان لافتًا للانتباه ليس فقط بسبب عزف النشيدين الوطنيين البحريني والأميركي من قبل فرقة شرطة البحرين، ولكن تخلله أيضًا غناء حماسي للنشيد الوطني الإسرائيلي باللّغة العبرية، "الهاتيكفاه".

وقد أفاد موقع مصر اليوم في 10 ديسمبر / كانون الأول أن وكالات الأنباء الفلسطينية كانت تقول إنّ الوفد البحريني مُنِع من الدّخول إلى مسجد الأقصى، وهو ثالث مكان مقدس في الإسلام، على الرّغم من وجود شكوك بأمر الحادث. قد تتسبب الزيارة بردة فعل عنيفة في البحرين نفسها، حيث أصدرت السفارة الأميركية رسالة أمنية تُحّذر فيها المواطنين الأميركيين من أنّ إعلان القدس عاصمة لإسرائيل "قد يؤجج الاحتجاجات، وقد يصبح بعضها عنيفًا".

ومنذ انقطاع أخبار زيارة الوفد، زعمت تقارير [واردة] من إسرائيل أن كارا ينوي زيارة البحرين في الأشهر المقبلة. وقال [كارا] في مقابلة معه إنّه "سيكون هناك المزيد من المفاجآت خلال العام المقبل. ونحن نرى اهتمامًا كبيرًا من قبل الدّول الخليجية في إقامة علاقات مع إسرائيل".

 

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus