» رأي
المرآة.. استثناء في إعلام المعارضة
عباس بوصفوان - 2012-05-13 - 6:11 ص
عباس بوصفوان*
ليست "مرآة البحرين" استثناء من كونها نشاطا إبداعيا، ارتبط بحراك 14 فبراير، الذي هو بحق انتفاضة بحرينية إبداعية وغير مسبوقة. والإبداع لا يعني التمام والكمال، وأنه لا يحتمل النقد، بل لعل الإبداع هو ما يحرك النخبة والجمهور للانخراط فيه، والحديث عنه بهدف إغنائه، واعطاء وصفات لتطويره والنهوض به، وترديد عبارات: لو كان كذا لكان أفضل.
وإذا كانت "المرآة" بهذا المعنى إبداعا، كما هو إبداع الأطباء والمعلمين والحقوقيين والنقابيين والمدونين.. النساء والرجال والشباب.. والأطفال.. مما لا يحيل المرآة استثناء ضمن مفردات جلها إبداعية في مشهد الثورة المجيدة، فإن "المرآة" بحق هي خطوة رائدة للإعلام المعارض.كيف؟
لقد شكلت صحيفة "الوسط" على الدوام، ومازالت، نموذجا إيجابيا لإعلام يحاول وضع مسافة بينه وبين النظام، ويجتهد للتواصل مع الجمهور، ويبث معاناته وطموحه. وتفضل "الوسط" أن تعتبر نفسها صحيفة وطنية تتلاقى فيها كل الأصوات، وهي تفخر باستقلاليتها، ولا تستخدم ضمن تعريفها لنفسها مصطلح صحيفة معارضة، أو حزبية.
وقد أتاح لها ذلك مساحة معتبرة من الحديث باسم تيار يسعى للإصلاح، بما في ذلك جهات داخل منظومة الحكم، وأخذا بالاعتبار ضوابط اللعبة السياسية القائمة، في بلد مازال يعيش تحدي تقليص صلاحيات العائلة الخليفية الحاكمة.
بيد أن اعتدال "الوسط" ذاك لم يوفر عليها غضب سلطة فاجرة، تعتبر كل من ليس معها: ضدها. وإذ يغيب عن "المرآة" عبارة "من نحن"، التي تعرف عادة هوية الموقع الإلكتروني وأهدافه، فإن المتابع لابد وأن يلحظ أنها جهة إعلامية معارضة، داعمة لانتفاضة اللؤلؤة صراحة، ودون لبس، لدرجة أن قراء كثر يعتبرونها ناطقا، أو أحد أبرز الناطقين باسم تيار 14 فبراير العريض .
هذا التيار الذي يضم خليطا من الفاعلين السياسيين المختلفين في التوجهات والرؤى وأساليب العمل السياسي والميداني، بدأ بالتجمعات الشبابية الميدانية، مرورا بتحالف الجمهورية، وانتهاء بالجماعات السياسية المرخصة، وبينهما جماعات مهنية ونقابية وتجارية وحقوقية وإعلامية عريضة.
إذا، فإن المرآة بهذا المعنى ليست أداة إعلامية حزبية، إنها تعبير عن تيار جامع يدفع بالمطلب التغييري في البحرين. ويمكن أن أدعي أنها لتجربة رائدة، بأن تجد قناة إعلامية معارضة يلتقي فيها تيار يطالب بإسقاط النظام، ويرفع شعار يسقط حمد، وآخر يتبنى مقولات الملكية الدستورية، وخيارات تسووية.
ذلك أن النشرات الإعلامية للوفاق ووعد والتجمع القومي وحركة أحرار البحرين وغيرها.. عادة ما تغطي جل صفحاتها أفكار القائمين عليها، لكن في "المرآة" يحضر الجميع، دون استثناء. وإذا يقول البعض بأن الوفاق تحضر أكثر، فلأنها ـ حقيقة ـ حاضرة أكثر من غيرها في جل المحافل الإعلامية.
بيد أن ما يحضر أكثر في "المرآة" هم الفاعلون الحقيقيون على الأرض، الذين يواجهون الرصاص والدبابات والمسيلات الخانقة، وأولئك الذين في المصانع والوزارات والمحاكم والمعتقلات والمشافي والمقابر، حيث يحظى الشهيد والسجين والمفصول بما يليق بدوره في الثورة، فيما يرتبك المعذبون والمدافعين عنهم لأن أسماءهم تحضر صراحة، وليس بين السطور. أقول ذلك، لأن تواري القيادات السياسية لصالح أبطال الميدان للفتة عظيمة تستحق المرآة والقائمين عليها التصفيق الحار.
وصحيح أن المرآة صحيفة معارضة، بيد أنها تعتمد المعلومة أساسا لكتابة الخبر وما وراء، فيما نعرف أن الأقنية المعارضة تتجه تقليديا للتهويش والتهويل والمبالغة والتفليق، وهو أمر يكاد يختفي في تجربة تحتفي اليوم بالذكرى الأولى لانطلاقتها.
وفي الحقيقة، فإنه يكاد يجمع الكل بأن المعارضة انتصرت إعلاميا على السلطة. وصحيح أن لذلك بعدا جوهريا يتعلق بصعوبة الدفاع عن الدكتاتورية والقتل والتعذيب، لكن الصحيح أيضا أن لا يحسن صاحب الحق الدفاع عن قضيته، بيد أن المرآة طالما أحسنت قول الحق والدفاع عنه.
* صحافي بحريني.