ريم خليفة في لقاء مع ’مرآة البحرين’: أريد أن أكون صحفية فقط

2012-05-03 - 7:42 ص

‪ ‬

                              ريم خليفة في لقاء مع "مرآة البحرين":
أريد أن أكون صحفية فقط، ولا أعترف بجمعية الصحفيين، و14 فبراير غيّر كل الأشياء

مرآة البحرين (خاص): منذ ظهورها في المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية بعد الضربة الأولى لدوار اللؤلؤة في 17 فبراير/شباط 2011، وحتى اليوم، مرت ريم خليفة بتجربة استثنائية، وتعرضت للكثير من الأحداث والأزمات.

بعد أكثر من عام على ثورة 14 فبراير، وفي لقاء خاص مع "مرآة البحرين"، تستعرض ريم خليفة تفاصيل تجرتها الثرية، وبعض أسرارها!
 
الصحافة بديلا عن السلك الدبلوماسي


"الصحافة اختارتني، كنت أريد التوجه للعمل في الدبلوماسية الدولية بعد انتهائي من الدراسة الجامعية، ولكن وزارة الخارجية لم تكن تقبل توظيف البنات، كما أن معايير العمل الدبلوماسي في البحرين ليست معايير دولية" تقول ريم خليفة.

سحبها إلى العمل منذ كانت طالبة أساتذتها في الصحافة، كما تعبر، وهما الصحفية البحرينية عصمت الموسوي، والصحفي البحريني سعيد محمد. عصمت كانت مرة تحاضر عن الصحافة، تحدثت إليها ريم فتلمست ميولها، وسحبتها للتجربة. أول نهار صحافي لها كان في مستشفى السلمانية مع سعيد محمد، أول مادة صحفية لها كانت عن الأطباء، وبنك الدم.

عائلتها أيضا أثرت على خيارها، عاشت وترعرعرت في أجواء من الحرية خلال حياتها في الكويت، وخالها علي دويغر هو مؤسس "جبهة التحرير الوطني البحرانية" في الخمسينات، وهي تنظيم يساري معارض كان والدها ووالدتها أعضاء ناشطين فيه أيضا. خلال دراستها في بريطانيا تركت العمل في الصحافة، لكن الصحافة كانت في طريقها دائما. تدربت في مجلة "المجلة" في لندن، وحين رجعت إلى البحرين طلبتها الصحف المحلية للعمل.

نقطة التحول في حياة ريم الصحفية كانت "غزو الكويت"، في ذلك الوقت، ذهبت ريم مع الصحفي سعيد محمد لجسر الملك فهد، ليلتقوا بطلبة بحرينيين عائدين من الكويت، أحدهم كان لديه فيلم لصور التقطها من "سكن الشويخ" للحظات الغزو الأولى "لم تكن هناك أي صور تنشر للغزو بعد، على مستوى الخليج ربما، حمضنا الفيلم وكان سبقا صحفيا، أول صور في الخليج تنشر عن الغزو إلى جانب مقابلات مع من شهد هذه اللحظات بعينيه". كانت ريم وقتها لا تزال على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية، لكن وكالة أنباء أسوشيتد برس اتصلت لتطلب منها العمل معهم!
كذلك، فإن الصحفي سعيد محمد ظل له تأثير كبير على ريم "لا أعرف إذا كان من باب المصادفة أن يكون معي في بدايتي الصحفية كأستاذ وزميل، وأن يشهد معي أيضا المؤتمر الصحفي الشهير لوزير الخارجية والذي كان أيضا نقطة تحول أخرى في حياتي"

صحافة المواطنة والتلفزيون الذي لم يتغير

ترى ريم أن صحافة المواطنة تطورت مع الأحداث الأخيرة، بدليل سقوط الشهيد أحمد إسماعيل، الإعلام الجديد، وأنها قدمت خدمات كثيرة إليه، وكانت توجهه إلى أماكن التظاهرات وأوقاتها وأية أحداث أو أمور تقع هنا وهناك "صحافة المواطنة كانت تحرك الإعلام التقليدي"
الإعلام التقليدي والصحافة التقليدية تطورت شكليا ولم تطور المضمون ولا الأداء، بحسب ريم، "العالم كله تغير عدا تلفزيون البحرين. الإعلام الرسمي هو إعلام الصوت الواحد، وإعلامها الجديد هو إعلام البذاءات"

بعد 14 فبراير

حراك 14 فبراير فرز الإعلاميين، بين الصادق والمخلص والمهني، وبين أصحاب الغيرة والحسد والحقد. أصبح من السهل إصدار مواثيق شرف في الصحافة البحرينية، ولكن من الصعب أن تفعل أخلاقيات المهنة أو تعمل بمهنية.
قدمت ريم استقالتها من صحيفة الوسط حين استقال زوجها منصور الجمري في أبريل/نيسان 2011، إثر قضية الفبركات الكاذبة، أي قبل عام تحديدا، تأثرت كثيرا بما حدث لزملائها الصحفيين العراقيين، علي الشريفي ورحيم الكعبي، ووليد نويهض "كان أمرا غير إنساني وغير حضاري ولا يليق"

بقيت ريم تعمل كمراسلة لوكالة أسوشيتد برس، أدت عملها كصحفية، تتنقل على الأرض ما سمحت لها الظروف "كنا نتصل بالناس نسمع آهاتهم وأصوات الهجمات عليهم مباشرة. كنا كطاقم صحفي نتوزع على أهم المناطق بين 14 و17 فبراير" لا يوجد بيت في البحرين لم يفتح بابه لريم، كانت تغطي محاكمات "السلامة الوطنية"، تحركات المفصولين وقضيتهم، وكل المستجدات والأحداث.

كنت أريد أن أكون صحفية فقط

لكي تستمر ريم، الصحفية "البحرينية" التي تعمل لمؤسسة إعلام دولية، كان يجب أن تقاوم كل الضغوطات وتتحدى الظروف "كانت حركة الشارع ومآسيه تفرض علي الاستمرار والمقاومة" في مارس/آذار 2011 كانت ريم حاصدة أخبار، عملها هو أن تتابع: كم شخص مات، كم شخص أصيب، كم شخص فقد؟ "كان ذلك مأساة! أذهب للناس لأسألهم: هل صحيح أخوك أو أبوك مات؟ كان موقفي صعبا جدا، هل أعزي أم أسأل؟ كنت أحس نفسي ساذجة في بعض الأحيان"

تطورت ريم كثيرا من هذه التجربة في نقل الحدث، ميدانيا، مع أخذ كل الاحتياطات. كصحفية، المصداقية هي رقم 1 لديها، مهما كانت الكلفة. تشعر بالضيق حين لا تعطي للحدث حقه، وبالأخص الجوانب الإنسانية، الأحداث كانت ولا زالت متسارعة ولم يكن هناك مجال لتغطيتها كلها.
"لكنني اكتشفت أنني صرت فجأة القصة الصحفية" بعد تعرضها لعدة أحداث. "لم أكن أريد أن أكون الحدث أو القصة الخبرية، كنت أريد أن أكون من يكتب الحدث وينقله. أنا أريد أن أكون صحفية فقط، لكنني أعيش في مجتمع لا يؤمن بالرسالة الصحفية الصادقة والمتكاملة" يتطلب ذلك أن يصبح الصحفي مدافعا عن حقوق الإنسان وناشطا، ليس هنا فقط، في مصر، تركيا، وكل المنطقة "فرض علينا ذلك فرضا. كان عليّ أن أدافع عن قضيتي وعن موقفي ومبادئي"

ضد أخلاقيات مهنتك أو السجن

الأحداث التي تعرضت لها ريم أثرت في حياتها وشخصيتها كثيرا. تعرضت لتهديدات بالقتل أكثر من مرة، منذ 14 فبراير 2011. المضايقات كانت كثيرة في مجال عملها، ملاحقات، استفزازات، شتائم، وتحت المراقبة في السيارة والهاتف دائما. استهدفت عائلتها، اعتقلت أختها رغم أنها لم تعالج الجرحى ولم تذهب نهائيا للدوار، زوج أختها الجراح الدكتور صادق عبدالله اعتقل وعذب.

منذ أول تقاريرها عن 14 فبراير وحين كنت تغرد في تويتر، كانت تتعرض للتهديد. زادت التهديدات بعد أن تكلمت في قناة الجزيرة وغيرها ووصفت ما حدث في 17 فبراير بالمجزرة، وتقرير بسيوني وثق ما تعرضت له من انتهاكات.

"كنت أنا من يسأل الناس: هل اعتقل أخوكم فعلا؟ فجأة صرت أنا نفسي في هذا الموقف، يتصلون بي، ليسألونني هل فعلا أختك اعتقلت؟" الأطباء والصحفيون شهدوا جرائم النظام، فصاروا ضحايا ومتهمين ويجب عقابهم، لماذا تعالج؟ ولماذا تفضح وتغطي؟ ببساطة يجب أن تكون ضد أخلاقيات مهنتك حتى ترضي السلطة.

رسالة الوزير  بعد المؤتمر الصحفي

"قبل الذهاب للمؤتمر، أحسست بأن أمرا ما سيئا سيحدث، في المؤتمر لم أكن أحس بنفسي" كانت تحت التهديد قبل أن تدخل، وكانت مفجوعة جدا مما حدث يوم الخميس "كنا خائفين، حتى أننا استفسرنا من الجهات المنظمة ما إذا كانت الطريق آمنة للمؤتمر أم لا؟"
"لم أحس أن هناك أحداً ما يتجه لي لإسكاتي" تشكر ريم الوزير أنه أعطاها الفرصة لإكمال حديثها، وتعاطف معها. بعث لها الوزير على هاتفها رسالة بعد نهاية المؤتمر "لقد حطمت قلبي" لكنه مع الأسف في الضربة الثانية للدوار 15 مارس/آذار 2011، قام بعمل ريتويت لتغريدة قالت "ريم كاذبة"

في المؤتمر كانت تبدو على الوجوه كل معالم الريبة: وجوه لا تنظر، وجوه شامتة، وجوه منكسرة، وجوه الوزراء كانت مرتاحة وسعيدة، كأنهم في حفلة انتصار ونشوة، كأنه ليس هناك أي شيء، إحدى الصحفيات قالت كلاما مسيئا جدا وقبيحا، وإحدى الموجودات قالت: الحمد لله، كان هذا ما يجب أن يحدث منذ زمن.

"تفاجأت من هذه الشماتة، فقررت أن أتحدث" المؤتمر تحول إلى علامة، سعيد محمد تكلم وقال كلاما قويا: ما هي مشكلتكم مع الشيعة هل تعتبرونهم عرب أم عجم أم غير مواطنين؟ ودفع ريم لأن تتكلم: كانت تبكي، ووصفت ما حدث بالمجزرة.

"لم يكن يجدر بي مهنيا أن أتكلم هكذا، لكن الصحفي في النهاية إنسان، كنت أريد أن ألفت انتباه بيت الحكم بكل احترام إلى أن الذي فعلوه خطأ"

ثم في المحكمة

"كانت قضية كيدية يراد منها الانتقام من مهنيتي، وأحس أنها مدبرة" تحرشوا بها رغم أنهم لم يكن من حقهم حضور المؤتمر لأنه مؤتمر صحفي، جاءوا ليخربوه فقط، شتموها وأهانوها بكل وقاحة، وكانوا يصورونها أيضا "كنت أريد أن أسحب الكاميرا منهم، زوجي منصور وضع يده، ولم ألمسهم بيدي حتى"

وسائل إعلام دولية صورت الحادثة، ووضع الحدث في تقريرهم، لكن القاضي رفض حتى أن يرى الفيديو كدليل نفي، ورفضت النيابة العامة تحويل قضيتها المرفوعة ضد الطبيبتين للقضاء رغم وجود الشهود والفيديو ورغم أنه حق خالص لها، وبدلا من ذلك رفعت عليها قضيتان في المحكمة، والقضية كانت تسير بالصورة التي يريدونها.

في غضون 30 دقيقة من الحادثة، أصدرت جمعية الصحفيين بيانا ضدها، كان ذلك أسرع بيان في تاريخ الجمعية، في حين لم تصدر أي بيان عن اعتقال وتعذيب الصحفيين أمثال فيصل هيات، حيدر محمد، نزيهة سعيد، وغيرهم.

"لا يهمني الحكم الذي خرج، أنا ضحية لا متهمة، أنا في موقع أن أدافع عن مهنتي وكرامتي، أعرف تماما أن العدل لن يتجاوز كل من ظلمني"

لا أعترف بجمعية الصحفيين

يوم الصحافة، في الدول التي ترتكب انتهاكات جسيمة بحق الصحفيين، يستغل للبهرجة والاحتفالات، الدول التي تحترم الصحافة تكرم الصحفيين بصور أخرى، مهنية مبدئية معنوية، لا التشهير في الصحفي في قوائم كما فعلت قناة العربية.

تقول ريم خليفة "أنا لا أعترف بجمعية الصحفيين، ليس بسبب المواقف التي تعرضت لها منها، فلم أكن أتوقع أنهم سيدافعون عني ولا عن غيري. والسبب أن عقلية أمنية تبعية تدير هذه الجمعية وهي لا تؤمن بانفتاح الإعلام ولا إبداعه ولا حرياته عقلية تقمع الرأي الآخر وتصده بكل شكل. نحن نريد للبحرين نقابات صحفية وليس جمعيات، تحت مظلة النقابات العمالية، لتدافع عن الصحفيين ومهنتهم"

تتطلع ريم أن تصل البحرين إلى ما وصل إليه بعض صناع الإعلام في العالم، خصوصا في أمريكا وفرنسا، وخصوصا في معايير وأخلاقيات المهنة "نريد للبحرين مؤسسات إعلامية وصحفية متكاملة، إذاعية ومرئية، دون رقابة ودون توجيه ودون فرض لون واحد تبعي. لماذا لا نكون كالكويت على أقل تقدير؟"

الناس تصنع التغيير، وستصنع التغيير في السلطة الرابعة، التغيير قادم قادم. هكذا ترى ريم خليفة الإعلام جزءا من تطور أي مجتمع "لدينا استعداد كبير على مستوى الكوادر والطاقات والناس. الصحافة لم تعد دراسة تدرسها في الجامعة، ربما هناك قواعد، ولكن المجال الصحفي مثل الرسم، فيه إبداع وحس صحافي"

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus