عباس بوصفوان: المرسوم الملكي رقم (1)
عباس بوصفوان - 2017-08-25 - 4:03 ص
النسخة الجديدة لـ "غرف الموت" دشنت في ٥ يناير ٢٠١٧، حين صدر المرسوم الملكي رقم (1) لعام ٢٠١٧، مُنح بموجبه جهاز الأمن الوطني (كان اسمه جهاز أمن الدولة حتى ٢٠٠٢) كل الذخيرة "القانونية" التي - ما كان - يحتاجها للقيام بالمهمة ـ غير الوطنية ـ المطلوبة.
ضوء أخضر
مع إعطاء القصر البحريني الضوء الأخضر لجهاز مخابراته، لإخماد حراك الناشطين السياسيين والحقوقيين، دخلت البلد منعطفا مستجدا في أساليب الاستهداف لكل من يقول شبه "لا" للسلطات.
فانتشرت ظاهرة تخريب وحرق سيارات الفاعلين المدنيين، والقادة المعارضين ورجال الدين، ولَم يستثن من ذلك الناشطات.
كما أضحى مألوفا اعلان عدد من الحقوقيين "التقاعد الطوعي"، وما هو بطوعي، بعد استدعاء يدوم عدة ساعات لمقر الجهاز الأمني في المحرق، يحدث فيها ما لا يمكن ذكره.
الذخيرة القانونية
بموجب المرسوم رقم (١) لعام ٢٠١٧، "يكون لضباط وضباط صف وأفراد جهاز الأمن الوطني صفة مأموري الضبط القضائي"، وهي الصلاحيات التي كانت منحت في المرة الأولى للجهاز في مارس ٢٠٠٣، ثم سحبت منه بُعيد صدور تقرير بسيوني (نوفمبر ٢٠١١)، في أعقاب خلاصات التقرير الشهير بأن القتل للمساجين والتعذيب في "غرف الموت" التي سُجلت إبان سريان حالة الطوارئ (مارس - مايو ٢٠١١) "لم يكن ليحدث دون علم الرتب العليا في تسلسل القيادة داخل وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني".
كي تكتمل العدة "القانونية" لـ "غرف الموت" في حلتها الجديدة، تم في ابريل ٢٠١٧ توسيع صلاحيات القضاء العسكري ليشمل محاكمة المدنيين، وتوسيع مفهوم الإرهاب ليشمل كل نية في التعبير عن الامتعاض من اي قرار رسمي.
الأوضاع الاقليمية
كان تقدير السلطات البحرينية ان دخول السيد دونالد ترامب للبيت الأبيض، والتوجه السعودي لدك العوامية، واستمرارها في حرق اليمن، يخلق "ظروفا مؤاتية"، لإتمام مهمة إفناء المعارضين.
ويعتقد الجهاز الأمني أن البقية الباقية من الحقوقيين هم الشوكة في خاصرة النظام، بعد إغلاق الجمعيات السياسية، واعتقال قادتها.
وبالفعل تم توجيه الجهد الأمني لمنع الحقوقيين من السفر، واعتقالهم واحدا تلو الآخر، وتمديد حبس الحقوقي الدولي نبيل رجب.
الحاجة للحقوقيين
ومع غياب كثير منهم في السجون، سجن جو او سجن البحرين الكبير، لعلنا نشعر حاليا بالحاجة أكثر للحقوقيين لرصد وتوثيق الانتهاكات واسعة النطاق التي تمارسها الأجهزة الأمنية.
إن صدر تقرير "غرف الموت"، والصدى الواسع الذي لقيه، يأتي في سياق القناعات المتزايدة بأن الجهد الحقوقي ليس منه طائل، بيد أن التفاعل الإعلامي يفيدنا بأن الجهد الحقوقي والتوثيقي مهم وحيوي، لكنه ليس كل شيء، ولا يجب أن نبالغ في التقدير بأنه كفيل بتغيير المعادلة على الأرض، لكن من الخطأ الركون لما يراد لنا أن نفهمه من أن العمل الحقوقي بلا جدوى.
إن التنديد بغرف الموت لن تصل إلى منتهاها إلا بإقناع المجتمع الدولي بالضغط على النظام، لإطلاق حوار وطني، وإغلاق جهاز أمن الدولة، وتغيير عقيدة الجهاز الأمني. ولذا تبدو مهمة المنظمات الثلاث (سلام، منتدى البحرين، معهد الخليج) التي أصدرت تقرير "غرف الموت" والمنظمات الحقوقية البحرينية الأخرى عسيرة، لكنها مستحقة.
*كاتب بحريني