الهافينغتون بوست: رسالة من النّاشط البحريني المعتقل نبيل رجب إلى لجنة توم لانتوس في الكونغرس

نبيل رجب - الهافينغتون بوست - 2016-10-30 - 5:04 ص

ترجمة مرآة البحرين

وجّه الناشط البحريني المعتقل نبيل رجب الرّسالة التّالية من السّجن إلى رئيسي لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان في الكونغرس الأمريكي، النّائبان جيم ماكغفرن وجوزف بيتس. وكانت اللّجنة قد عقدت عددًا من جلسات الاستماع بخصوص البحرين في السّنوات الأخيرة، لا سيما في سبتمبر/أيلول 2016،  حيث قدمتُ [براين دولي] شهادتي في قضية نبيل رجب.

وإليكم نص الرّسالة:

جانب السّيدان ماكغفرن وبيتس،

أكتب إليكما من زنزانتي في سجن الرفاع الشّرقي، حيث تحتجزني حكومتي تعسفيًا منذ 13 يونيو/حزيران 2016 على خلفية عملي كرئيس لمركز البحرين لحقوق الإنسان. وعلى الرّغم من أنّها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اعتقالي بسبب عملي كمدافع عن حقوق الإنسان، أواجه حاليًا تهمًا متعلقة فقط بممارستي حقي في حرية التّعبير. هذه المرة، قد يصل الحكم بحقي إلى السّجن 15 عامًا بسبب التّغريدات. وبعد أن كتبت رسالة مفتوحة تصف وضعي في صحيفة النّيويورك تايمز، وجهت السّلطات إلي تهمة أخرى تتعلق بـ "نشر أخبار كاذبة"، الأمر الذي قد يزيد الحكم الصادر بحقي عامًا آخر في السّجن. لكن مهما كانت التّهم التي ستوجهها الحكومة لي لدفاعي عن حقوق الإنسان، لا أستطيع الصّمت.

مع ذلك، لدي قلق بالغ بشأن التّدهور السّريع لوضع حقوق الإنسان في بلادي، ولدي أمل كبير أيضًا بأن تستطيع الولايات المتحدة -كواحدة من أقرب الحلفاء إلى البحرين- الدفاع كبطلة من أجل الدّيمقراطية والمجتمع المدني الحر.

منذ العام 2011، سجنت السّلطات البحرينية آلاف الأفراد على خلفية تهم تتعلق فقط بممارستهم حرية التّعبير، والتّجمع وتكوين الجمعيات. وبسبب هذا العدد الكبير من سجناء الرأي، تمتلك البحرين العدد الأكبر من السّجناء نسبة للفرد الواحد في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. الاعتقالات التعسفية والتّعذيب والاختفاء القسري أمور تحدث بشكل شبه يومي.

قضيتي تمثل واحدًا من الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى عن الفشل المنهجي للنّظام القانوني في البحرين في ضمان إجراء تحقيقات نزيهة، وضمان حقوق المتهمين في الحصول على الإجراءات القضاء السّليمة، وتنفيذ المعايير الأساسية في المحاكمة العادلة. على سبيل المثال، إحدى التّغريدات التي أُحاكم حاليًا بسببها تصف وباء التّعذيب داخل السّجون ومراكز الاحتجاز البحرينية.

في الأعوام منذ العام 2011، عمق النّظام البحريني اعتماده على الانتهاكات لانتزاع اعترافات كاذبة. عدد من الضّحايا الذين التقيت بهم أفادوا أن المحاكم استخدمت الاعترافات المنتزعة بالإكراه كدليل أولي أو حتى وحيد لإدانتهم وسجنهم.

المحاكم البحرينية تشير بانتظام إلى الآليات الجديدة التي يمكن من خلالها للضّحايا تقديم شكاوى عن التّعذيب والانتهاكات الأخرى كأدلة على الإصلاح الإيجابي. على الرّغم من ذلك، هذه المؤسسات شائنة للغاية وتؤدي غالبًا إلى المزيد من الانتهاكات. آليات المساءلة الحكومية، مثل مكتب أمانة التّظلمات، التّابعة لوزارة الدّاخلية، ليست محايدة، ولا مستقلة. في الواقع، بدلًا من الحد من الانتهاكات، بدا أن أمانة التّظلمات أخفتها. لقد وثقنا حالات انتقمت فيها السّلطات من الضّحايا الذين حاولوا استخدام إجراءات الشّكاوى في أمانة التّظلمات. وحين حاول المتهمون إثارة ادعاءات التّعذيب في المحكمة بدًلا من فعل ذلك من خلال شكوى رسمية، تجاهل القضاة عادة الادعاءات أو هددوا بإخراج المتهمين من القاعة، ومواصلة المحاكمة غيابيًا.

وتمنع السّلطات البحرينية المعتقلين بشكل روتيني من الحصول على محامٍ. وليس مطلوبًا من المدعين العامين إبلاغ المعتقلين بحقوقهم، وفي حال طلب معتقل وجود محام، يطل المسؤولون عادة أن يصل المحامي فورًا، وإن لم يستطع محامي المتهم الوصول إلى الموقع في غضون نصف ساعة، يمضي التّحقيق أو المحاكمة قُدُمًا، من دونه. وفي عدد من الحالات، هددت السّلطات بتعريض المتهمين للمزيد من التّعذيب والانتهاكات على خلفية مطالبتهم بالمساعدة القانونية.

وبمجرد بدء إجراءات المحاكمة، يكون المتهمون خاضعين لرحمة قضاء منحاز، يفتقد إلى الاستقلال الكافي عن الحكومة. القضاة معينون بموجب مرسوم ملكي، وكثيرون منهم هم أعضاء في أسرة آل خليفة الحاكمة. بالإضافة إلى ذلك، عدد كبير من هؤلاء القضاة الذين لا ينتمون إلى العائلة المالكة هم متعاقدون أجانب. هؤلاء القضاة الأجانب يخدمون عادة من خلال عقود قصيرة الأمد، قابلة للتّجديد وفقًا لتقدير الأسرة الحاكمة. وبالتّالي، فمن مصلحة القضاة إصدار أحكام ترضيها [الأسرة الحاكمة]. ومع تجريم معظم أشكال حرية التّعبير والتّجمع وتكوين الجمعيات فعليًا بموجب القانون البحريني، وتحول المحاكمات بسرعة إلى "محاكمات صورية" حيث يصدر القضاة أحكامًا قاسية على التّهم، تنتهك [الأحكام] القانون الدّولي وتبرر الاعتقال التّعسفي. ما يزال عدد من المدافعين البحرينيين البارزين عن حقوق الإنسان مسجونين مدى الحياة لمشاركتهم السّلمية في الحراك المطالب بالدّيمقراطية في العام 2011، على سبيل المثال، صديقي، أحد مؤسسي مركز البحرين لحقوق الإنسان، عبد الهادي الخواجة. الحكومة قامت بالأمر ذاته لمعظم الشّخصيات السّياسية البارزة في البلاد، بمن في ذلك الدّكتور عبد الجليل السّنكيس، وهو ناشط وزعيم حركة حق المعارضة.

على الرّغم من الوعود المتعددة بالإصلاح، بما في ذلك قبولها للّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فشلت الحكومة البحرينية في تنفيذ مقترحات لزيادة استقلال القضاء، وحماية الإجراءات القانونية، وضمان المحاكمات العادلة. وبخرقها حقوق الإنسان الأساسية والإجراءات القانونية، زادت الحكومة البحرينية من تقويضها للمجتمع المدني المحاصر في البلاد، الأمر الذي أثار احتجاجات وانعدامًا في الاستقرار غير مسبوق في البلاد منذ العام 2011.

الولايات المتحدة والبحرين حليفان عسكريان وثيقان، لكن لم يعد من الممكن أن تسيطر وجهة نظر أمنية قاصرة على هذه العلاقة بعد الآن. اعتقالي الحالي إشارة إلى هجمة أوسع نطاقًا، وغير مسبوقة تقريبًا على المجتمع المدني في البحرين في الأشهر الأخيرة، تضمنت اضطهادًا قضائيًا جماعيًا للزّعماء الدّينيين  وحل الجمعية المعارضة الأكبر، الوفاق. في مايو/أيار، ألغت محكمة استئناف بحرينية تبرئة الأمين العام للوفاق، الشّيخ علي سلمان من تهم "محاولة الإطاحة بالحكومة" المتعلقة بخطاب سلمي كان قد ألقاه. هذه الحالة الواضحة من التّجريم المزدوج زادت حكم السّجن بحقه من أربع إلى تسع سنوات. زعماء الجمعيات المعارضة الرئيسية الأخرى، مثل الأمين العام لجمعية الوحدوي السّياسية، فاضل عباس، ما يزالون في السّجن على خلفية تهم تتعلق فقط بممارستهم حرية التعبير. وعلى الرّغم من أن السّلطات أفرجت مؤخرًا عن زعيم جمعية وعد، ابراهيم شريف، بع أن قضى حكمًا بالسّجن امتد لعام على خلفية خطاب سياسي، أفيد أن النّيابة العامة تسعى إلى استئناف الحكم الأساسي لضمان حكم إضافي بالسّجن ضده. حملة الحكومة ضد المجتمع المدني وحرية التّعبير، ولا سيما القمع "القانوني" من خلال نظام العدالة الجنائية، خفضت احتمال الحوار النّاجح والمصالحة السّياسية بشكل قياسي.

لضمان استقرار طويل الأمد في البحرين والمنطقة، على الولايات المتحدة  امتلاك وجهة نظر أكثر شمولًا عن الشّراكة الأمنية، والتحرك للدفاع ببطولة عن شخصيات المجتمع المدني، وتعزيز فرص حوار سياسي ديمقراطي سلمي. ولذلك أحث الكونغرس الأمريكي على وقف مبيعات الأسلحة إلى البحرين إلى أن تفرج الحكومة عن كل المعتقلين السّياسيين وتنفذ فعلًا إصلاحات حقوق الإنسان مثل تلك التي أوصت بها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في العام 2011. أدعو كذلك الكونغرس إلى مطالبة وزارة الدّفاع الأمريكية علنًا بخطط طوارئ لنقل الأسطول الأمريكي الخامس، حيث إن الحكومة البحرينية تعرض القاعدة للخطر بشكل متواصل. وأخيرًا، على الولايات المتحدة الضغط على البحرين لإدخال تعليم حقوق الإنسان في التّعاون الأمني الثنائي لمعالجة الاتجاهات الإشكالية، بما في ذلك التّمييز الدّيني، الذي يعمق الانقسام داخل المجتمع ويزيد العنف المرجح للشّرطة. وفي غياب إصلاح مماثل، فإن المساعدات العسكرية الأمريكية ستعزز فعليًا قدرات قوات أمن طائفية غير متناسبة ومكونة من أجانب، تستبعد بشكل منهجي الأغلبية الشّيعية في البلاد.

الحكومة الأمريكية في وضع فريد لقيادة الإصلاح في مجال حقوق الإنسان في البحرين، وأعتقد أنه حان الوقت، جنبًا إلى جنب مع قيادة الكونغرس، لتمارس هذا النّفوذ والتّأثير لتعزيز تغيير إيجابي في بلادي. من دون الدّعم القوي للولايات المتحدة لإصلاحات حقوق الإنسان، ستواصل الحكومة البحرينية تقويض حل سلمي لأزمة سياسية وتتسبب بالمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. ويعود إلى الكونغرس أمر ضمان أن الحكومة الأمريكية ستتخذ كلًا من الخيارين الأخلاقي والاستراتيجي في البحرين، لأنهما واحد في قرارتيهما. تحتاج الولايات المتحدة إلى الوفاء بالتزاماتها المعلنة لتعزيز حقوق الإنسان والحرية لدى كل الدّول، وخصوصًا لدى حلفائها الأقرب.

مع كامل احترامي

نبيل رجب

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus