» رأي
ماذا بعد 9 مارس ؟
إيمان شمس الدين - 2012-03-12 - 2:38 م
إيمان شمس الدين*
هؤلاء "شرذمة"، كلمة أطلقها الملك البحرينيّ واصفا فيها المعارضة البحرينية، صاحبة التمثيل الشعبي العريض في البحرين. وجاء الرد عليها في يوم الجمعة الموافق 9 مارس/آذار بتظاهرة حاشدة دعا لها الشيخ عيسى قاسم، خرج فيها حوالي نصف مليون نسمة من كافة أطياف المجتمع البحريني. كتظاهرة أُعتبرت الأكبر في التاريخ البحريني. من هنا يمكن القول: نعم، لقد أوصلت المعارضة رسالة قويّة للملك بأن أغلب الشعب البحريني يطالب بالإصلاح أولا.
تداعت الجمعيات السياسية المعارضة بكافة أطيافها لهذه المسيرة، مما يكرّس مدنيّة الحراك وتنوعه واحترامه لكل الأطياف، طالما أن الدعوة تتسق ومسلّمات المطالب في قيام دولة مدنيّة تعدديّة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا بعد 9مارس/آذار؟ ماذا ستحقق المعارضة واقعيّا على مستوى المطالب؟
فمن استطاع إخراج هذا العدد إلى الشارع بمقدوره أن يحوّل هذا الخروج إلى تظاهرة دائمة من خلال الطلب من هذا الجمهور البقاء وعدم العودة لحين سقوط الحكومة، خاصة مع وجود قراءات عديدة لوضع البحرين الاقتصادي على المستويات الإستراتيجية ووضعها الحقوقي، قراءات تُدلل على وجود خلل كبير يوشك على الانهيار.
إن الحراك التغييري لا يعيش على ردات الفعل في التحركات والآليات لتحقيق المطالب، وإنما يتحرك وفق دراسة دقيقة لعدد من الأمور، أهمها:
- - وضع الساحة وتمايزاتها ومقوّماتها الماديّة والمعنويّة.
- - نقاط الضعف والقوة لدى كل من المعارضة والسلطة.
- - دراسة الحراك المطروح في أبعاده وتأثيراته وانعكاساته على الحراك المطلبي.
- - تحديد الأهداف التي يراد تحقيقها من أي حراك، وتحديد الآليات المناسبة لتحقيق هذه الأهداف بحيث يكون أي حراك هو حراك يراكم المنجزات، ويطور الأدوات، ويدفع المسيرة المطلبية باتجاه متقدم وصحيح، وليس حراكا انفعاليّا يوصل رسائل كميّة وليست نوعيّة.
إن خروج هذا العدد، باعتقادي، هو نقطة قوة كميّة. هذه النقطة تحتاج لتحويلها إلى رسائل نوعيّة تُحدث تغييرا في تراكم المنجزات من جهة، وتُقدّم الحراك المطلبيّ على أرض الواقع نوعيّا من جهة أخرى.
أما الاكتفاء بالكم والعدد لإيصال رسائل أيضا كميّة، كفاعلية الداعي ومدى حضوره على الساحة الحراكيّة، وهو بحد ذاته نقطة قوة لا ننكر أهميتها بذاتها، ولكن ما نريد تحديده هو أهميتها ضمن منظومة الحراك المطلبيّ ومدى تحقيقها للمنجزات والمطالب.
ما تحتاجه المعارضة من وجهة نظري بعد 9مارس/آذار هو دراسة منجزات هذا اليوم وما حقق من نقاط قوة وما شابهُ من نقاط ضعف وتقييمه وفق رؤية استراتيجية تراكم عليه ولا تصادره أو تحيّده باعتباره مجرد مسيرة يُراد منها الرد على كلمة "شرذمة".
وأقوى رسالة اليوم باعتقادي هي القدرة على الحشد الجماهيري للداعي، خاصة أن الداعي أي الشيخ عيسى قاسم اليوم يبدي تطورا واضحا في منجزاته للقراءة الفقهية للحكم والدولة ويتماهى مع الحراك المطلبي للجمعيات والشعب ويعطي للشعب سلطة كبيرة في تحديد مصيره، بينما نجد الدولة غيبت الشعب عن الواقع السياسي وابتعدت عن هموم الإنسان البحريني ومازالت تدعي أنها دولة ديموقراطية.
وهذه القدرة نقطة قوة ورصيد لدى الحراك كي يحوّلها لمنجزات واقعيّة عمليّة تدفع باتجاه تحقيق المطالب، وتغيير الواقع المفروض بحكم قوة الاستبداد والعسكر من دول الجوار إلى واقع تفرضه الجماهير التي تُطيع العقول الحكيمة والإرادات العادلة التي تحترمها كجمهور وتعيش مأساتها الإنسانية وتكون في المقدمة معها وبينها دوما.
* كاتبة كويتية.
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق