كل البحرينيين قلبك يا ناصر

2016-09-21 - 5:07 ص

بالحب تحرك المتحرك وسكن الساكن،

وبالحب تكلم المتكلم وصمت الصامت .

ابن عربي    

"لست ضامنًا عمري، لكني لست خائفاً، وإذا رحلت من هذه الدنيا فكل ما أتمناه هو أن أترك أثراً.. بودي أن أرفع هذا الظلم الذي رأيته في البحرين".

كان هذا ما قلته يا ناصر لمرآة البحرين في حوار معك في 2015،  بعد أسبوع واحد فقط من إخبار الأطباء لك أن قلبك صار متعباً جداً، ولا يستطيع المشي أكثر من 100 متر، وأن عليه الجلوس على كرسي متحرك، ووضع أنبوب الاكسجين في أنفك بشكل دائم.

لقد صار قلبك بهذا القدر من التعب، لكن عشقك للبحرين لم يتعب، قلبك الذي أضحى أضعف من أن تقدر معه على الحركة والنشاط مثل أي شاب في مثل عمرك، لم يضعف عن الاستمرار في حمل همّ البحرين وقضيتها التي سكنتك. إنه الحب الذي يتوهّج لا القلب الذي يتعب، إنه الحبّ الذي به يتحرّك المتحرّك ويسكن الساكن ويتكلّم المتكلّم وينطق الناطق، لا الجسد ولا اللسان.

لم يُوقف الكرسي المتحرك وأنبوب الأوكسجين حركتك يا ناصر، ولم يقعداك حبيساً لهما وللمرض، ولم يجعلك ذلك تقول في نفسك لقد أديت ما استطعته تجاه القضية التي آمنت بها، وأن وضعي الصحي لم يعد يحتمل المزيد من التعب والقلق والصراع، لم تفعل ذلك يا ناصر، بل العكس، لقد أحلت كل من الكرسي المتحرك وأنبوب الأوكسجين إلى رفيقي نضال.  صرت تذهب بهما إلى جلسات حقوق الإنسان وكل مكان تستطيع أن تنقل إليه شهادتك حول البحرين: ما رأيته بعينيك في دوار اللؤلؤة، وما سمعه بأذنيك من صرخات تعذيب الشهيد فخراوي حتى صمت إلى الأبد، وما عشته من صعق الكهرباء والتعذيب الوحشي في السجون البحرينية، وما يعانيه البحرينيون مع هذا النظام الباطش. صار كل من كرسيك المتحرك وأنبوب الأوكسجين شريكان لك في الطريق الصعب لا يكلان ولا يتعبان كما رفيقهما العنيد.

لقد قلتها يا ناصر "لن أكون ضعيفاً، لن يرى الذين عذبوني وظلموني ضعفي أبداً، أنا قوي بمن حولي، قوي بكم"، ونحن نشهد لك أنك بقيت قوياً حتى في أضعف لحظات ضعف قلبك، لقد علمتنا أن القوّة الحقيقية ليست في قلب نبضه قوي، بل في قلب حبّه قوي، لقد أضعفت أعداءك يا ناصر ولم يقدروا على أن يضعفوك لحظة.

كان بودك أن ترفع الظلم الذي تعرّض له البحرينيون، وكانت كل أمنيتك أن تترك أثراً، آه لو تعلم بالأثر الذي تركته في قلوب البحرينيين، آه لو يتصل لك خيط الأرض بخيط السماء لترى كم أفجع موتك البحرينيين وجعلهم يضجون بنعيك في مواقع التواصل الاجتماعي، ليتك تستطيع أن تُلقي نظرة واحدة لترى كم أنك الحاضر الوحيد في كل ما كتبه البحرينيون اليوم، إن أثرك في البحرينيين أكبر من أن يعرفه غيرهم، فالحب حركة في المحب، لقد أعطيت البحرينيين قلبك، حبك الصادق الذي لا ينتظر ثمناً، والبحرينيون حملوا قلبك في قلوبهم، وأغلقوا عليها صورتك الباسمة، ووجهك الصبوح، فكل البحرينيين قلبك يا ناصر، إن لك أثراً لا يزول ولا يُمحى، فلتنم مطمئناً قرير العين، فقد آن لقلبك أن يرتاح..

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus