عيد الدراز.. الأُضحية أن تضع نفسك حيث تؤمن
2016-09-13 - 6:41 ص
مرآة البحرين (خاص): هناك في الدراز، حيث الاعتصام الذي يوشك على إكمال 90 يوماً، للعيد طعم آخر وطقس آخر. المعتصمون المرابطون يصنعون أجواء فرحهم الخاص، يستأنسون ببعضهم بعضًا بعد أن توطدت بينهم العلاقات طوال هذه المدة حتى صاروا مثل عائلة كبيرة واحدة. إنهم يشتركون في هدف يجمعهم؛ أن جميعهم مستعدون للتضحية دون شيخهم السبعيني.
وفيما يقضي الآخرون العيد مع عوائلهم وأطفالهم وزوجاتهم، فإن هؤلاء آثروا أن يكون عيدهم في الدراز، قريباً من شيخهم الذي يخشون عليه يد الغدر، نعم هم يعلمون أن بقاءهم هنا يأتي على حساب عوائلهم التي انقطعوا عنها طوال هذه المدة، وصاروا يتراودونها بين الحين والآخر فقط، لكنهم مؤمنون بشكل أكبر، أن وجودهم هناك له رسالة وهدف يستحق هذه التضحية. إنهم يعتقدون أن الأضحية أن تضع نفسك حيث تؤمن، والعيد أن تكون حيث يطمئن قلبك، وبعيداً عن الشيخ لا اطمئنان لقلوبهم.
بدأ المعتصمون برنامج عيد الأضحى منذ يوم عرفة، قضى الكثير منهم صياماً، وبعد صلاة الظهرين قاموا بإحياء يوم عرفة عبر الصلوات والدعاء في (حي الحيدرية) في الدراز حيث ساحة الاعتصام. وقد تزايد توافد الناس الذين وجدوا في إجازة العيد فرصة لهم للتواجد في الساحة. في الليل قام المعتصمون بأعمال ليلة العيد وإحيائها بالدعاء والقرآن، قبل أن يباشروا تجهيز المكان وتهيئته لصلاة العيد التي ستقام صباحاً. كما أعدّ المعتصمون عدداً من اللافتات الجديدة والبنرات التي سيتم تزيين المكان بها يوم العيد.
قرابة 20 خروفاً للذبح صبيحة عيد الأضحى، تم إحضارهم إلى ساحة الاعتصام، وقد قام المعتصمون بتجهير ما يشبه حضيرة صغيرة لهم.
كان ذلك كلّه ليلة العيد، ومنذ الصباح وتحديداً بعد صلاة الصبح، ابتدأ برنامج العيد عند المعتصمين. اصطف المعتصمون لقراءة دعاء الندبة وزيارة الإمام الحسين، ثم تأدية صلاة العيد، وقد كان الحضور حاشداً، هتف المصلون بتكبيرات العيد مهللين فرحين، وتبادلوا التهاني والتبريكات، قبل أن ينطلقوا في مسيرة حاشدة شاركت فيها النساء والرجال، نددوا باستهداف الشيخ وعبروا عن دعمهم له.
بعد انتهاء المسيرة، فُرشت مائدة الإفطار، وتناول المعتصمون والمصلون (ريوق العيد) في طقس من الحيوية والمرح والنشاط.
ثم جاء وقت الأضحية، أخرج المعتصمون عدد من الخرفان التي أُحضرت خصيصاً للمناسبة وتم ذبح عدداً منها في الساحة المقابلة لبيت الشيخ، وذبح أحدها مقابل بيت الشيخ مباشرة، ثم نقلت الخرفان المذبوحة للصلخ، فيما أخذت باقي الخرفان للذبح بعيداً.
لبس المعتصمون المعايدون ثيابهم الجديدة، وتبادلوا التهاني والتبريكات فيما بينهم، ثم قاموا بالتنقل بين المجالس المفتوحة مشاركين أهالي الدراز فرحتهم بالعيد، فيما غادر البعض نحو عوائلهم في المناطق الأخرى ليقضوا معهم بعض الوقت في يوم العيد، قبل أن يعودوا مرة أخرى إلى محل اعتصامهم.
وعبر وسائل التواصل المجتمعي، تناقل المعتصمون الصور والتهاني مع الحجاج (الذين قطعوا اعتصامهم مؤقتاً من أجل أداء فريضة الحج)، وقد أرسل الحجاج صورهم بعد حلق رؤوسهم ليضفي ذلك جواً من المرح والدعابة بين الطرفين وسط تبادل الصور والرسائل الصوتية.
إنهم يصنعون الفرح كما يصنعون أسطورة الصمود، كما يصنعون حكاية الشيخ الذي تكثفت فيه حكاية الوطن الكبير، لا يعرفون نهاية الحكاية، لكنهم يدركون جيدًا أنها مختومة بأرواحهم وهي تشهق بالفرح، فرح النهايات السعيدة المفتوحة على هنا أو هناك.