بالفيديو: السلاح خارج القانون... رشّاش أوتوماتيكي في عرس بالرفاع

2016-08-20 - 12:46 ص

مرآة البحرين (خاص): شاب عشريني يتمايل على إيقاع رقصة العرضة الشعبية. يرفع رشاشا أوتوماتيكيا في الهواء ثم يباشر إطلاق زخات من الرصاص الحي المتتالي في الهواء. يقوم بإمالة الرشاش جهتي اليمين واليسار مع التقدم لعدة خطوات إلى الأمام قبل أن يعاود الكرّة مرة أخرى. صوت إطلاق رصاص قويّ. يبدو الأمر مجرّد تعبير عن الفرح في عرس. لكنّ هذا واحد من أشكال انتهاك القوانين الذي يُقابل بغضّ النظر من قبل الحكومة البحرينيّة.

هذه قضيّة واضحة. هناك فيديو مصوّر. وجه واضح تماماً. هناك المكان: الرفاع جنوبيّ المنامة. وهناك الحدث: عرس حمد بن راشد النعيمي. وهناك رشاش روسي الصنع من نوع "AKS-74U" سرعته النظرية 650-735 طلقة في الدقيقة، جرى استعماله كنوع من الاستعراض المصاحب في مكان عام مع رقصة العرضة.

حسب مطلعين، فإن هذا هو السلاح المعتمد عند الشرطة البحرينية والحراسات الخاصة. كيف يستخدمه شخص مدنيّ في مكان عام؟ لا أحد يعلم.

تحظر القوانين المحلية على الأفراد حيازة الأسلحة. أما الأسلحة الأوتوماتيكية فإن القوانين تتشدد بإزائها فتمنع حتى إجازتها. مثلاً المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 16-1976 تنص على أنه "يحظر على كل شخص استيراد المدافع والمدافع الرشاشة والأسلحة (الأتوماتيكية) متكررة الطلقات أو أجزاء تلك الأسلحة أو ذخيرتها أو الاتجار أو التعامل بها أو إصلاحها أو حيازتها أو إحرازها أو حملها.  ولا يجوز الترخيص بذلك بحال من الأحوال".

أي أن هذا النص القانوني لا يُحرم فقط حيازة البنادق الرشاشة بل يمنع الترخيص بحيازتها.

كما تنص  المادة (13) من ذات المرسوم بقانون على أنه "لا يجوز حمل المفرقعات أو الأسلحة أو الذخائر في المحال العامة أو في الاجتماعات والأفراح وسائر التجمعات ولو كان مرخصا بها أو كان الحامل معفيا من الترخيص".

في مثل هذه الحالات؛ خاصّة عندما يتحول الأمر إلى قضية نقاش عام يحلو لوزارة الداخلية أن تعلق على حسابها في "تويتر". مثلاً، يمكن توقع صدور مثل هذا البيان في الساعات القليلة المقبلة: "الجهات المعنيّة تباشر أعمال البحث والتحرّي في حادثة إطلاق نار بأحد الأعراس". لكنّ هذا مجرّد رفع عتب. ثم لا يلبث أن يُطوى الملف في  مهبّ النسيان.

القوانين مجرّد لعبة تجيد أطراف الحكم تحريكها في الوقت المناسب ضدّ معارضي الحكومة وحدهم أو أولئك الذين يطالبون بوضع حدّ لامتيازات العائلة الحاكمة ومواليها. هناك عشرات بل المئات من القضايا الملفقة لمعارضين تتهمهم بحيازة الأسلحة. ويجري الحكم عليهم بموجب ذلك، في محاكم شكلية يجري عقدها بشكل يومي تقريباً، بالسجن عشرات السنوات.

الأمر بسيط جداً. لقد سبق لولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة أن عبّر في خلال نقاش مع السفير الأميركي السابق في المنامة، عن رأي ذي مغزى. قال بحسب مذكرة نشرها موقع "ويكيليكس": "الشيعة لديهم العدد لكن السنّة لديهم الأسلحة". تواجه العائلة المالكة البحرينية الضغط السكاني الذي يمثله الشيعة أغلبية البلاد والذين يشكلون عماد المعارضة، بمنح وسائل العنف إلى الأقليّة مثل حمل السلاح.

وتكشف دراسة أجرتها جامعة "كامبريدج" البريطانية ضمن مشروع "مسح الأسلحة الصغيرة" الذي أشرفت عليه حكومات 8 دول عن أن البحرين تحتل موقعاً متقدماً جداً بالنسبة إلى تعداد من يمتلكون أسلحة فردية خاصة مرخصة مقارنة بحجم السكان. فقد حازت البحرين على المرتبة رقم 18 على مستوى دول العالم من بين 179 بلداً شملتهم الدراسة.

وتقول الدراسة التي أجراها الباحث كارب أرون ونشرها في صحيفة كامبريدج كما نشر موقع "غان بوليسي" المتخصص في سياسات التسليح في العالم ملخصا لها إن "هناك 180 ألف قطعة سلاح مرخصة يمتلكها مدنيون في البحرين" استنثاء تلك التي لدى قوات الجيش والشرطة. وذلك بما معدله 25 قطعة سلاح إلى كل 100 شخص من السكان.

لكن الأمر لا يتعلق فقط باستخدام رشاش أوتوماتيكي من قبل موالي الحكومة للتعبير عن الفرح في عرس. فخالد آل خليفة، وهو أحد أفراد العائلة المالكة البحرينية، ما انفك يجوب مناطق الشيعة في المحافظة الشمالية للتصويب على مساجدهم بسلاح ناري وتهديدهم بالقتل. في العام الماضي 2015 توعد عبر حسابه الشخصي على شبكة "انستغرام" قائلاً "جايكم الرنج الأسود اليوم وناوي نية (...) لابد من سقوط قتلى بأسلحة جديدة تصيب من بعيد وإلى الملتقى". ولم يلبث أن نفذ تهديده بإطلاق النار على عدد من منازل القرية ومهاجمة أحد مساجدها.

وفي حادثة أخرى مماثلة حين تمكن نشطاء من تصويره بالفيديو لحظة إطلاقه النار على مواطنين، علقت وزارة الداخلية قائلة إنها "باشرت أعمال البحث والتحرّي للكشف عن ملابسات الواقعة". لكن حتى هذه الساعة لا يعرف أحد شيئاً عن نتيجة أعمال تحري مثل هذه. حادث إطلاق الرصاص الحي من سلاح أوتوماتيكي في عرس حمد بن راشد النعيمي بالرفاع لن تكون استثناء القاعدة.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus