براين دولي: سياسة أوباما الفاشلة في البحرين

براين دولي - موقع بوليتيكو - 2016-07-01 - 9:50 م

ترجمة مرآة البحرين

في أوائل العام 2011، قمعت الحكومة البحرينية بعنف المحتجين المطالبين بالدّيمقراطية مع انتشار الانتفاضات في جميع أرجاء الشّرق الأوسط. تم قمع الاحتجاجات بوحشية، واعتُقِل مئات الأشخاص. عُذِّب الكثيرون، وبعضهم حتى الموت. وقد أثارت حملة القمع التّراجع في واشنطن، التي لديها أصول واستثمارات في البحرين، بما في ذلك الأسطول الخامس الأمريكي.

في نهاية المطاف، كلّف ملك البحرين بإنجاز تقرير تحقيق بشأن حملة القمع العنيفة التي شنّتها حكومته. كانت خطوة مشجعة، تشير إلى أن الأسرة الحاكمة قد تكون مستعدة في الواقع لتحمل مسؤولية الانتهاكات التي قام بها كل من الشّرطة والجيش. وتم تقديم اللّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق رسميًا في نوفمبر/تشرين الثّاني 2011.

كانت لحظة مؤثرة: كنت هناك في قصر الصّخير، عندما عدّد رئيس اللّجنة، البروفسور شريف بسيوني، الانتهاكات التي ارتكبتها قوات أمن الملك، بما في ذلك قتل المتظاهرين، والمحاكمات العسكرية غير العادلة، وتعذيب أفراد الكادر الطّبي الذين عالجوا المحتجين المُصابين. تعهّد الملك بتنفيذ التّوصيات الواردة في تقرير اللّجنة وإصلاح سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان.

في ذلك اليوم، رحّبت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، هيلاري كلينتون، بالتّقرير، وقالت إنّنا "قلقون بشدة بشأن الانتهاكات الوارد ذكرها في التّقرير، ونحث الحكومة وكل عناصر المجتمع البحريني على معالجتها بطريقة سريعة ومنهجية".

مع ذلك، تهرب النّظام البحريني منذ ذلك الحين بشكل واسع من الوفاء بتنفيذ هذه التّوصيات، وتدهور وضح حقوق الإنسان من سيء إلى أسوأ. وفي أعقاب قرار مربك لوزارة الخارجية الأمريكية برفع الحظر عن مبيعات الأسلحة إلى الجيش البحريني العام الماضي، كلّف الكونغرس وزارة الخارجية بإعداد تقريرها الخاص عن البحرين: تقييم المدى الذي وصلت إليه حليفة واشنطن في تنفيذ توصيات تقرير اللّجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وهو محك حاسم في قياس التّقدم.

الأسبوع الماضي، قدمت وزارة الخارجية تحليلها إلى الكونغرس، بعد تأخير دام قرابة خمسة أشهر. وعلى الرّغم من استخدامه للّغة البيروقراطية، فإنّ التّقييم يؤكد بشكل أساسي أن البحرين لم تُحقق أهدافها فعلًا. ومع أنّ الدّولة لا تقول هذا، فإنّ تقريرها يقدم دليلًا قويًا على أنّه يجب عليها إعادة النّظر في حظر مبيعات الأسلحة بعد أن رفعته العام الماضي.

ويأتي تحليل وزارة الخارجية مع ازدياد مفاجئ في القمع، ما يثير تساؤلات صعبة لواشنطن بشأن علاقتها الوثيقة مع المملكة الدّكتاتورية. فعلاقة الإدارة مع النّظام المستبد معقدة -البحرين هي شريك عسكري منذ أمد طويل ومنتَهِك متسلسل لحقوق الإنسان. وعلى الرّغم من وصف التّقييم من قبل المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي بأنه "بطاقة تقييم إلى حد كبير لتقرير [اللّجنة المستقلة لتقصي الحقائق]"، فإنّه، إلى حد كبير، وثيقة وصفية تشيد بتقدم البحرين في مجال حقوق الإنسان وتنتقده في الوقت ذاته.

في العام 2013، أفادت وزارة الخارجية أن البحرين نفّذت بشكل كامل خمسة من التّوصيات، بما في ذلك إنشاء مكتب أمانة التّظلمات ودفع تعويضات إلى عوائل أولئك الذين قُتِلوا خلال الاضطرابات. تقرير العام الحالي، الذي يصدر بعد خمس سنوات من التّقرير الأساسي للّجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، هو تقييم محوري. يحتاج الكونغرس أن يعرف: هل تعمل البلاد [أي البحرين] على الوفاء بوعودها؟

يعترف التّقييم الجديد للنّظام البحريني بإحراز تقدم بشأن بعض التّوصيات الرّئيسية، لكن كان على التّقرير أن يكون أكثر انتقادًا. على سبيل المثال، التّوصية 1722 ج من تقرير بسيوني تدعو البحرين إلى القضاء على التّعذيب من خلال ضمان وجود "تسجيل سمعي وبصري لكل المقابلات مع الأشخاص المحتجزين". وتفيد تقارير وزارة الخارجية أنّ "السّفارة الأمريكية لاحظت وجود هذه الكاميرات" في مراكز الشّرطة. لكن نشطاء حقوق الإنسان ومحامييهم كانوا قد قالوا إنّه نادرًا ما يتم تسجيل الاستجوابات ولا يتم تقديمها أبدًا كدليل في المحاكمات. قد يقول المسؤولون البحرينيون إنّهم نفّذوا التّوصيات، لكن ذلك مشابه للادعاء بأنّك شاركت في ماراتون نيويورك لأنّك اشتريت زوجًا جديدًا من الأحذية. على غرار ذلك يعلن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية أنّ "النّظام القضائي في البحرين يبذل جهودًا بمساعدة من الولايات المتحدة وبريطانيا لشكل وقف الاعتماد على الأدلة المستندة إلى الاعتراف". مع ذلك، ما يزال التّعذيب مشكلة كبيرة في البحرين، مع ادعاء المتهمين بشكل روتيني أنّهم أُجبِروا على الإدلاء باعترافات كاذبة.

توصية رئيسية أخرى دعت إلى تخفيف كل الأحكام بحق أولئك المسجونين على خلفية تعبيرهم السّلمي عن الرّأي. ويقول التّقييم الجديد، بشكل مقتضب بعض الشّيء، أنّه "تم تفسير هذا الأمر تفسيرًا ضيقًا" ويحثّ بحق الحكومة البحرينية على مراجعة القضايا ذات الصّلة بهدف إسقاط التّهم. المشكلة هنا هي أنّه في حين أنّه تم الإفراج عن بعض المسجونين في العام 2011 على خلفية تعبيرهم عن آرائهم سلميًا -وليس كلّهم، فقد اعتُقِل الكثيرون على خلفية أفعال مشابهة، أو الأفعال ذاتها، و بالتّالي، من النّاحية الفنية، فإن تقرير بسيوني لا يغطي حالاتهم.

حثّ تقرير بسيوني أيضًا على تنويع قوات الأمن البحرينية المُكونة "فقط من السّنة". الفشل في تمثيل الغالبية الشّيعية في البلاد بشكل مناسب، في الجيش أو الشّرطة، أمر يدل على قصر النّظر، وقد يتسبب بانتهاكات طائفية. لكن تقرير وزارة الخارجية يتطرق فقط إلى إدراج الشّيعة في الشّرطة، غير أنّه يتجاوز عن فشلها في تنويع جيشها، وهو مؤسسة مكونة حصريًا من السّنة، تواصل الولايات المتحدة تدريبها وتسليحها وتجهيزها.

منذ عام مضى، رفعت الولايات المتحدة الحظر عن مبيعات الأسلحة إلى الجيش البحريني، ذاكرة "تقدمًا ذي مغزى في مجال حقوق الإنسان"، لكن الخطوة فشلت كما هو متوقع، وقد بدأ الوضع ينزلق في اتجاه مخيف. في الأسابيع الثّلاثة الماضية، تم استهداف المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، وتعليق الجماعة الأساسية في المعارضة، وسحب جنسية عالم دين بارز. في 16 يونيو/حزيران، حذّر السّيناتور جون ماكين من أنّ حملة القمع الأخيرة، والفشل في تنفيذ توصيات تقرير بسيوني، "قد يساهمان في المزيد من الاضطرابات والعنف". وكالبلد الأصغر في الشّرق الأوسط، تقع البحرين على الحدّ الفاصِل بين السّعودية والمنطقة الغربية وإيران والمنطقة الشّرقية.

لمستقبل المملكة الصّغيرة أهمية بالغة بالنّسبة للأمن الإقليمي، ومن المرجح أن يمتد الانعدام المتزايد للاستقرار إلى السّعودية وغيرها من الدّول الخليجية المُجاوِرة.

على مدى خمس سنوات، فشلت سياسة واشنطن "النّاعمة" القائمة على عدم توجيه الانتقاد العلني والتّشجيع على الإصلاح وراء الأبواب المغلقة. البحرين تزداد انقسامًا وخطورة. الاقتصاد الهابط للمملكة، المعتمد على النّفط، لا يظهر الكثير من الدّلائل على الانتعاش، في حين يستمر الاضطراب السّياسي. لم تعد الولايات المتحدة بعد الآن قادرة على تحمّل أن تكون استثماراتها، وليس أقلها الأسطول الأمريكي الخامس، في أيدي حليف يزداد تقلبًا.

التّقرير الجديد لوزارة الخارجية بشأن تقرير بسيوني هو أكثر دليل على أنّه لا يمكن الوثوق بوفاء الأسرة الحاكمة بوعودها.

لقد مضى الوقت، إن كان موجودًا أساسًا، على اعتماد نهج يستند إلى الدّبلوماسية النّاعمة والموعظة العلنية اللّطيفة وتجديد مبيعات الأسلحة. على الإدارة الأمريكية أن تُبلِغ حليفها القمعي أنّه سيكون هناك نتائج لسلوكه الخطير، وتبدأ بإعادة فرض حظر على مبيعات الأسلحة الصّغيرة إلى البحرين، وفقًا لمُقترح قانون من الحزبين الجمهوري والدّيمقراطي، في مجلسي الشّيوخ والنّواب.

من دون تجديد الحظر على مبيعات الأسلحة، من المُرَجح أن تواصل البحرين سلوك هذا الطّريق الخطير، القائم على خنق كل المعارضين، الذي سيؤدّي في النّهاية إلى تدميرها لنفسها، ويؤجج الطّائفية وانعدام الاستقرار اللّذين سيكونان ذات تأثير مُضاعف في جميع أرجاء المنطقة. تحتاج واشنطن إلى التّصرف بسرعة وحزم قبل أن تزداد الأمور سوءًا.

التّاريخ: 27 يونيو/حزيران 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus