» رأي
ثيمات 14 فبراير.. الحاجة إليها تشتد
عباس بوصفوان - 2012-02-17 - 9:14 ص
عباس بوصفوان *
فجر 14 فبراير 2011، قاد الرجل العنيد عبدالوهاب حسين تظاهرة صغيرة العدد إلى دوار النويدرات، سيظل ينظر إليها التاريخ على أنها أول مسيرة خرجت في ثورة الرابع عشرمن فبراير، لتعلن انطلاق حدث استثتائي في تاريخ البحرين، حين قطعت المسيرة التردد بشأن ما إذا كانت التظاهرات الشعبية، التي كانت تنوي استلهام تجربتي تونس مصر، ستنطلق أم لا.
سبق ذك حملة على الاتنرنت، أذهلتني، وجعلتني أقرر التغريد في تويتر في 12 فبراير 2011.لكن ما تسبب لي بـ "صدمة" إيجابية هو تحول ملتقى البحرين (بحرين أون لاين) المعروف بتسيد خطابات "التشدد" فيه، وربما غوغائيتها أحيانا، إلى فضاء جامع كل الطيف الوطني المعارض، لتبادل الأفكار حول مجمل الحالة الوطنية، والموعد الأنسب لانطلاق "يوم الغضب" البحريني، والشعارات التي سيرفعها.
في الملتقى، الأشهر بحرينيا، تم اختيار دوار اللؤلؤة كمركز للاحتجاج، من بين مواقع أخرى تم ترشيحها، كان ذلك أقرب إلى عملية انتخاب مذهلة شعبية وحماسية لملكة جمال عبر الانترنت!.
سبق ذلك ترشيح كورنيش الملك فيصل ودوار اللؤلؤة ومواقع أخرى لتكون "ميدان التحرير" البحريني، وعرضت خرائط وصور للمواقع المرشحة، أهميتها "الاستيراتيجية"، مساحتها، سهولة الوصول لها، قدرتها الاستعابية للجمهور، مواقف السيارات المتاحة، والخدمات المتوافرة، بما في ذلك دورات المياه.
لقد تمكن الملتقى من إدارة عمليات عصف ذهني على مدى نحو أسبوعين، لوضع تصورات لمجمل الثيمات التي ستلوّن لاحقا مشهد دوار اللؤلؤة.
كان المتحدثون في "أون لاين" حريصون على تجنب استخدام لغة غير تقنية في توجيه النقد للآخر، يؤكدون على الوحدة الوطنية، وعلى وحدة المعارضة، وعلى آليات استثمار اللحظة العربية الراهنة لصنع انتصار تاريخي بحريني خالص.
وكان لما يمكن اعتباره ضوء أخضر من آية الله الشيخ عيسى قاسم وزعيم الوفاق الشيخ علي سلمان بمثابة غطاء سياسي لانطلاقة النشاط الشبابي المرتقب، يخطأ من يعتقد أن التظاهرات المزمعة لم تكن بحاجة إليه، أو يمكن أن تصل إلى مدياتها الراهنة بدون ذلك التناغم "العفوي" بين جل أقطاب الساحة الوطنية المعارضة.
عصر 14 فبراير 2011، كنت في السنابس، حيث خرجت تظاهرة ضمت العشرات، لكنها أكبر مما اعتاد الشبان تسييرها في السنوات السابقة، حين بدا الفراق ـ رسميا ـ بين جماعات حق والوفاء من جهة، والوفاق من ناحية أخرى، على خلفية مشاركة الأخيرة في الانتخابات النيابية 2006.
في السنابس، بدت التظاهرة سلمية، الناس كاشفون وجوهم، يحمل بعضهم علم البحرين، والذي سيتحول لاحقا إلى أهم ثيمة للثورة، يصعب على النظام تغييره أو حرقه، كما فعل حين هدم دوار اللؤلؤة.
عدد من الشبان كانوا يحملون الحجارة، تم نهرهم بطريقة واضحة بأن الحدث سلمي بحت، فيما كان شاب يحمل قنينة، اعتقد البعض أن بداخلها كيروسين، ودعوه لإلقائها، لكنه أفصح أنها قنينة ماء لمواجهة مسيلات الدموع المرتقبة.
ولفتني في السنابس الحضور النسائي، الذي سيغطي ـ في حالات كثيرة لاحقا ـ الحضور الذكوري، لكنه حينها ـ 14 فبراير 2011 ـ يعد معطى جديدا في هكذا مواقف، يمكن أن تتعرض للقمع، وهذا ما حدث بالفعل، إذ بُعيد دقائق استخدمت قوات الشغب مسيلات الدموع بكثافة لتفريق المحتجين.
انتقلتُ من السنابس إلى كرزكان.. حيث التظاهرة فيها بالمئات، نساء ورجالا، يرفعون أعلام البحرين، وشعار "سير يا مشيع كل الشعب وياك"، دلالة على الخط السياسي الذي يسيطر على مزاجها.
لم ألحظ تواجدا أمنيا، كانت المنطقة "محررة" بلغة الناس، والسبب أنه قبل ليلة من ذلك كانت الشرطة قد استهدفت زواجا في إحدى الحسينيات، وقد أُغرق المكان بمسيلات وتسبب ذلك بإصابات.. مما جعل الجو مكهربا، واختار الجهاز الأمني عدم الاقتراب من التظاهرة الصاخبة.
ومن خلال بحرين أون لاين و شهود العيان من الأصدقاء، عرفت أن كل المناطق شهدت تظاهرات لم تعتدها.. ومع ذلك، فإن ما جرى لاحقا من تطورات كانت بعيدة عن المتوقع، يجلعني أقول أن الحدث الدراماتيكي سيظل لصيقا بربيع البحرين.. شرط أن يدرك ملتقى البحرين والجمعيات السياسية والقادة الدينيون وعموم الجمهور أن الحفاظ على ثيمات 14 فبراير الأساسية شرط لازم لكسب المعركة.
* صحافي بحريني