النّفط والنّسيان: أوباما و العلاقة "المنسية" للسّعودية بأحداث الحادي عشر من سبتمبر

روبرت فيسك - موقع كونتر بانش - 2016-04-23 - 2:49 ص

ترجمة مرآة البحرين

مسكين أوباما العجوز. يذهب سريعًا إلى الرّياض لإجراء محادثات مع حليفته المزعومة السّعودية. منذ زمن بعيد، نفد صبر المملكة السّنية الوهابية مع الرّئيس الأمريكي، الذي أصبح صديقًا لإيران الشّيعية وفشل في القضاء على النّظام العلوي (والمقصود به الشّيعي) في سوريا. إذًا لماذا يكلف أوباما نفسه  حتى عناء المجيء إلى الخليج؟ هل بقي لديه أي صديق بين الملوك والأمراء في السّعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان؟

لن يدخل أوباما عرين الأسد في السّعودية. لم يكن السّعوديون يومًا بشجاعة الأسود -وهذا السّبب وراء تركهم أسامة بن لادن، الذي لا ينتمي للأسرة المالكة، يقود الفيلق العربي في أفغانستان- ولكن الأشبال الصّغيرة التي تحاول الآن إدارة البلاد غاضبة جدًا.

محمد بن سلمان، نائب ولي العهد ووزير الدفاع الطّموح الذي لا يرحم،  شن الحرب المجنونة للمملكة ضد الثّوار الحوثيين في اليمن العام الماضي، مقتنعًا (من دون دليل) بأن إيران كانت تسلحهم. ولا يتردد وزير الخارجية السّعودي الشّاب عادل الجبير -وهو سفير سابق لامع في واشنطن، ورجل فصيح اللّسان على نحو خطير -  أبدًا في استنكار الضّعف الغربي.

ووفقًا لصحيفة النّيويورك تايمز، هدّد السّعوديون حتى ببيع أصول لهم في الولايات المتحدة تبلغ قيمتها مليارات الدّولارات في حال أقر الكونغرس مشروع قانون يسمح بتحميل الحكومة السّعودية مسؤولية الجرائم ضد الإنسانية في أحداث الحادي عشر من أيلول في المحاكم الأمريكية.

وهذا في الواقع أساس الفوضى في العلاقات بين السّعودية والولايات المتحدة في الوقت الحالي. من بين الخاطفين التّسعة عشر المتورطين في أحداث الحادي عشر من أيلول، كان هنااك سعوديون، وهي حقيقة تم تجاهلها دبلوماسيًا في السّنوات التي أعقبت مباشرة الهجمات. لقد موّل السّعوديون طالبان لعدة سنوات.

يعتقد الأمريكيون، وهم محقون في ذلك، أن داعش نفسها تتلقى اليوم الكثير من الدّعم من داخل السّعودية، على الرّغم من أنهم لم يذهبوا إلى حد القول إن الحكومة وراء ذلك. بعبارة أخرى، يُنظَرفي واشنطن إلى السّعودية على أنها دولة مراوغة جدًا لتكون حليفًا.

لكن توجب على أوباما الادعاء أمام الملك سلمان (والد ولي العهد) أن الولايات المتحدة تقف بكامل فريقها وراء أمن المملكة وسيادتها -وبالكاد يمكنه القول إنّه سيدعم "الدّيمقراطية" السّعودية لأسباب واضحة - ومن الواضح أن الاحتياطيات الهائلة للنّفط في البلاد، مع إنتاجها مليون برميل من النّفط يوميًا، وموقعها الاستراتيجي، وسيطرتها على الاقتصاد الإسلامي السّني،  تعني أنّه على الغرب الذهاب إلى تأدية فروض الطّاعة لكل الرؤوس الكبيرة في المنطقة.

مما لا شك فيه أنّه عند وفاة الملك سلمان (وقد يعيش لعدة سنوات)، سيُنزِل ديفيد كاميرون علم الاتحاد الأوروبي مرة أخرى حدادًا كما فعل عند وفاة سلفه.

المشكلة الحقيقية هي أنه -بعد عدة سنوات من الخيال الذي أقنع الأمريكيون فيه أنفسهم، بعكس كل الأدلة، بأن السّعوديين كانوا "قوة اعتدال" في الشّرق الأوسط- ، قرّرت إدارة أوباما أن إيران الشّيعية والتّأُثير الهائل الذي تمارسه على الحكومات الشّيعية في سوريا والعراق (وعلى حزب الله الشّيعي في لبنان) هي رهان أفضل من السّلفيين السّنة في شبه الجزيرة العربية. فمنذ الاتفاق النّووي مع القادة الجدد لطهران وإنهاء العقوبات ضد إيران، يتبلور الإدراك  تدريجيًا لدى السّنة بأن واشنطن ستتحمل استمرار حكم بشار الأسد في دمشق.

بإمكان إيران أن تصبح شرطي الخليج كما كانت في عهد الشّاه. سيتوجب على السّعوديين أن يتقاسموا السّلطة معهم. لا تريد الولايات المتحدة المزيد من "الدّراجين الأحرار*" (كما يصف أوباما على نحو متغطرس السّعوديين) الذين يدعمون داعش.

نهج أوباما، الذي  ستتم ممارسته بشكل كبير هذا الأسبوع، هو أنّه على الدّبلوماسية، بدلًا من الحرب، أن تحل الصّراع السّني-الشّيعي؛ وأن أمريكا لن تخوض المزيد من المغامرات العسكرية في الشّرق الأوسط (ولن تعطي، كما يتوقع المرء، المزيد من الدّعم لمغامرة ولي العهد الأمير محمد في اليمن).

سيكون من الجيد أن نعرف ما قالته الصّفحات الـ 28 المحظورة من التّقرير الرّسمي الأمريكي بشأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عن السّعوديين. هل سيشير أوباما إلى ذلك في الرّياض؟ أي كلام إضافي عن سحب مليارات من الأصول الأمريكية سيقنع فقط الأمريكيين بفتح الكتاب ولنُلقِ نظرة خاطفة على تلك الأسرار.

* "الراكب أو الدّراج الحر" عبارة تستخدم للدّلالة على الفرد الذي يستفيد من المصادر أو البضائع أو الخدمات من دون أن يدفع أجرًا لهذه المنفعة.

التّاريخ:  22 أبريل/نيسان 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus