المسؤولية لتحمي أم لتقتل: واشنطن تعطي الضوء الأخضر"للإرهاب السام" في البحرين

2012-02-08 - 9:14 ص



 فينيان كننغهام*، صحيفة Global Research
ترجمة: مرآة البحرين


في الوقت الذي يتعرض البحرينون للتسميم في منازلهم بسبب الغازات المسيلة للدموع والتي تطلقها عليهم قوات النظام بشكل عشوائي وبكميات كبيرة، فإن واشنطن تبدي موافقتها  للمضي قدما بتزويد النظام البحريني  بصفقة أسلحة جديدة.

ارتفع عدد القتلى من المدنيين بشكل كبير منذ تعيين أمريكي وبريطاني كقادة للشرطة في البحرين في ديسمبر/كانون الأول، ولقد تمّ تعيينهم بشكل رسمي لتحسين سجل حقوق الإنسان في القوات البحرينية.

في العام الماضي أوقفت حكومة أوباما عقد أسلحة بقيمة 53 مليون دولار للبحرين وسط ضجة من قبل جماعات حقوق الإنسان.

ظاهريا، قال البيت الأبيض إن صفقة الأسلحة لن تتم إلا إذا قامت الحكومة البحرينية المدعومة أمريكياً بإصدار تشريعيات إصلاحية لصالح الغالبية الشيعية التي تتعرض للتمييز بشكل كبير. وعلى ما يبدو أن تعيين رئيس شرطة ميامي السابق جون تيموني ونظيره البريطاني جون ييتس كان جزءاً ضمنياً من هذه الاصلاحات.

منذ اندلاع الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية والتي بدأت في شباط/فبراير الماضي، قام الحكام غير المنتخبين من أسرة آل خليفة  بقمع المظاهرات السلمية بوحشية. فقتل أكثر من 50 شخصاً على يد قوات النظام، وجرح وسجن الآلاف – إنها  أعداد كبيرة بالتناسب مع عدد السكان الأصليين الذين هم أقل من 700 ألف نسمة.

لكن، بدلا من تحسين حالة حقوق الإنسان، صعد النظام البحريني القمع على مدى الشهرين الماضيين فقتل تسعة أشخاص في الأسبوعين الماضيين وحدهما.

التغيرالملحوظ في تكتيكات النظام هو الزيادة الهائلة في الغاز المسيل للدموع التي يتم رميها من قبل شرطة مكافحة الشغب المدعومة سعودياً. كل ليلة تغمر كل القرى بالأدخنة السامة مما أدى إلى عدد من الوفيات، خاصة بين صغار السن والمسنين.

 أصغرالضحايا سناً الطفلة ساجدة فيصل البالغة من العمر 5 أيام من قرية البلاد القديم. والأكبر سنا  سلمى محسن البالغة من العمر 82 عاما من قرية باربار. كلا الضحيتين، ككثيرين غيرهم، توفيتا اختناقاً في منازلهما. عندما يحاول الناس إخراج إسطوانات الغاز المسيل للدموع التي رشقتها قوات الأمن داخل المساكن تقوم قوات الأمن بإعادة رشقها مرة أخرى. ليس هناك شك في أن قوات النظام تتصرف بناءً على أوامر ممنهجة. إن البحرينيين مقتنعون تماماً أن من يقوم بإعطاء الأوامر هما تيموني وييتس وهذا بدوره يعني واشنطن ولندن.

 الغاز المسيل للدموع الذي يستخدم الآن هو أكثر سميةً من الغازات التي استخدمت سابقاً. هذا النوع الجديد يعطي أدخنة صفراء ويعتقد أن يكون أقوى عشر مرات من غاز CS العادي. يقول السكان إن منازلهم تمتلئ بشكل كبير بالروائح النفاذة حتى بعدما تقوم شرطة مكافحة الشغب بإخلاء المنطقة. إن عدد القتلى لا يعكس آلاف الجرحى من التسمم. هناك تقارير بأن العديد من النساء الحوامل فقدن أطفالن بسبب الإجهاض.

كما تشير حملة ضد تجارة الأسلحة ومقرها لندن، أن من المفترض أن يستخدم الغاز المسيل للدموع في حالات مكافحة الشغب، وليس في المناطق الضيقة، وبالتأكيد ليس في منازل المدنيين.

في البحرين، يستخدم الغاز كسلاح كيمياوي ضد المدنيين. إن استخدامه المكثف وبدون تمييز في القرى الشيعية بشكل رئيسي والأحياء السكنية في العاصمة المنامة، تبين بشكل واضح سياسة "الإرهاب السامة" و"العقاب الجماعي" ضد 70%  من السكان  الذين يطالبون النظام المدعوم من الغرب بأن يمهد الطريق أمام حكومة ديمقراطية.

وعندما تم الإعلان عن تعيين تيموني وييتس من قبل ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في نهاية العام الماضي، في ذلك الوقت تم طرح الخطوة على أنها  مبيض لتلميع صورة النظام المتسخة بشدة. وهي حقاً ما تبدو الآن.

 تظهرالإحصائيات الأخيرة بأن أكثر من نصف وفيات التسمم بالغاز المسيل للدموع في البحرين، والتي بلغ عددها 21 حالة وفاة خلال العام الماضي، وقعت منذ وصول تيموني وييتس إلى مناصبهم.

ليس من المستغرب تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين حيث إن كلا المسؤولين ليسا نموذجاً للسلوك الحسن. في العام الماضي اضطر جون ييتس إلى الاستقالة من شرطة سكوتلاند يارد بسبب فضيحة التنصت على الهاتف، مصادر في الشرطة البريطانية تقول إنه قام بالعديد من عمليات الفساد والاختلاس. ويقول المصدر نفسه إن ييتس كان المحرك الأعلى في عملية نصب واحتيال مالي في جزر كايمان.

أما بالنسبة لجون تيموني الأمريكي من أصل أيرلندي المعروف باستخفافه غير المبرر بالحريات المدنية واستخدام تكتيكات شرطية وحشية. قبل خمس سنوات صحيفة ميامي نيو تايمز أطلقت عليه اسم "أسوأ شرطي أمريكي".

إذا كان الضوء الأخضر للقمع في البحرين يحتاج لأن يكون أكثر إشراقا، فواشنطن قامت بتحويل الزر مع آخر موافقة لها لصفقة الأسلحة للبحرين والتي تبلغ 53 مليون دولار. فمن غير المعقول، اصرار واشنطن على أن هذه الأسلحة لا تتضمن وسائل للقمع الداخلي، والادعاء على أنها فقط للدفاع الوطني. (وكان للحكومة البريطانية رواية مماثلة ساخرة حول مبيعات الأسلحة الى مستعمرتها السابقة). والسؤال المهم هنا هو ما هي الحاجة لمثل مواد  "الدفاع الوطني" والأسطول الخامس الأميركي يرسوعلى شواطئ البحرين؟

والآن تضيف حيل إدارة أوباما بعدا جديدا. فالحكومة الامريكية تبيع الأسلحة للبحرين في سلسلة من حزم قيمتها حوالي مليون دولار لكل منها بدلا من شحنة كاملة قيمتها أكثر من مليون دولار، حتى لا تكون ملزمة للكشف عما تتضمنه جردة الأسلحة.

وبالطبع، من غير المنطق أن نؤمن بخطاب واشنطن ولندن الذي يدعي دعم الحرية وحقوق الإنسان. فالبحرين هنا حالة نموذجية تقليدية توضح كيف أن المصالح الجيوسياسية الغربية ترتبط ارتباطاً بالقمع وانتهاكات حقوق الإنسان، وكما توضح مدى عمق الخداع الخطابي لواشنطن ولندن.

والحقيقة هي أن مصالح واشنطن النفطية تتشابك مع الأنظمة القمعية في الخليج وهم بشكل أساسي يعارضون حدوث ديمقراطية في هذه المشيخات. والعامل الآخر يشير اليه ميشال  كسودوفكسي  في كتابه "سيناريو الحرب العالمية الثالثة " كيف أن واشنطن تقوم بتعزيز وإعداد الدول العربية كجزء من خطة حربها في المنطقة تجاه إيران وما بعدها.

وبالتالي فإن الفكرة القائلة بأن واشنطن تحاول جاهدة إقناع النظام البحريني (أو أي نظام آخر) لأجل سن إصلاحات ديمقراطية هو من قبيل الوهم الفج. في الواقع، لا بد من خنق أي تحرك من جانب الشعب البحريني من أجل ترسيخ الديمقراطية في جزيرتهم  وذلك برمي كميات هائلة من الغاز المسيل للدموع على منازلهم، ومن الواضح أن عميل واشنطن في الخليج ينفذ الأوامر بالحرف الواحد.

 4 فبراير 2012

*فنيان كننغهام هو مراسل صحيفة الأبحاث العالمية للشرق الأوسط وشرق أفريقيا.

وصلة  المقالة الأصلية.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus