صندوق فبراير: المقداد يروي كيف أصبح رئيس الخلية والشيخ المحروس ذراعه العسكرية
2016-02-29 - 11:50 م
مرآة البحرين (خاص): ليس خافياً أن الفيلم المخابراتي "صندوق فبراير" يأتي في سياق التصعيد السعودي ضد حزب الله في لبنان، وضمن الخطة السعودية لإرهاق الحزب، هذه يعرفها الجميع.
وليس سراً أن المطلوب من هذا الفيلم أن يبرز "يد حزب الله الإرهابي في ساحاتها المحلية عبر تجنيد خلايا مواليه له، والتحرك في هذه الساحات بما يخدم المشروع الإيراني على أرض الآخرين" وفق ما أوضحته صراحة صحيفة الأيام البحرينية اليوم (29 فبراير 2016).
وفي الحقيقة ليس في هذا ما يتعارض مع السياسة السعودية الطائشة التي بلغت أوجها خلال العام الأخير، وليس في استخدام الوضع البحريني ما يُستغرب في ظل امتثال النظام البحريني الأعمى لولي أمره السعودي، لكن ما لم يحسب له صندوق المخابرات الحساب، أنه لم يفتح النار على الحراك البحريني بربطه بحزب الله وإيران كما يظن، وهي حكاية سئم العالم سماعها وتكرارها ولا جديد فيها، بل فتح النار على نفسه.
لقد كان ملف اعترافات الرموز السياسيين المنتزعة تحت التعذيب خامداً. فبعد تقرير السيد بسيوني الذي أكّد أن الشهادات التي أخذت في فترة الطوارئ جميعها تم انتزاعها تحت التعذيب وقام بتوثيق جميع هذه الحالات، ومع اعتبار بسيوني وجميع المنظمات الحقوقية للرموز أنهم سجناء رأي، هدأ الشارع العام عن تناول هذه الشهادات وعرضها أمام الرأي العام المحلي والدولي، واعتبر أن ما جاء في تقرير بسيوني حفظ الحد الأدنى من حق رموزه المعتقلين.
لكن فتح صندوق فبراير بنواياه السوداء، أعاد للبحرينيين حماسة فتح ملف الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب مجدداً وإعادة نشرها، خاصة فيما يتعلق بـ(الرموز) المعتقلين، وراح يعيد تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والعودة الدقيقة لقراءة تقرير بسيوني الذي وثّق شهادات السياسيين، وهو ما أعاد فتح وجه النظام البحريني الهمجي والوحشي. لقد تفاجأ الكثير من البحرينيين أثناء هذا الفتح بتفاصيل لم يكونوا ملتفتين لها. تفاصيل متعلقة بالتعذيب الوحشي الذي تعرض له السياسيون للإدلاء باعترافات مقررة عليهم.
في الشهادة التي قدمها الشيخ محمد حبيب المقداد في دوار اللؤلؤة في 2011 إثر الإفراج عنه، ما يكفي لفضح خواء صندوق قناة العربية الذي ادعى أنه يقدم كشفاً خطيراً!!. في هذا المقطع يروي لنا الشيخ المقداد الحكاية ذاتها، التهمة ذاتها، التعذيب ذاته، انتزاع الاعتراف ذاته، تصوير الاعتراف ذاته، المتهمون ذاتهم، المعذبون ذاتهم، لا شيء جديد. لقد كشفه لنا المقداد بنفسه وطوعاً وعلناً قبل أن يكشفه لنا صندوق العربية الساذج. إنها فوبيا تجاوز عمرها الـ30 عاماً، وستبقى اتهاماً لصيقاً بشيعة البحرين عند النظام الأسود.
لقد قدّم الشيخ المقداد شهادته بعد الافراج عنه في فبراير 2011، قبل أيام من إعادة اعتقاله واتهامه بمحاولة قلب نظام الحكم مع مجموعة من القادة السياسيين. لقد أطلق شهادته في الفضاء العام، ودون تصوير من خلف القضبان، ودون الحاجة إلى أفلام مخابراتية تدعي سبقاً وكشفاً.
يقول المقداد "وإذا في ليلة من الليالي أؤخذ في السجن تحت الأرض في القلعة، وأفاجأ بأن يحقق معي بتهم كبيرة ومنها: أين السلاح الذي معكم؟ طلّع السلاح يا شيخ المقداد. يكمل: أنا استغربت وابتسمت في البداية (يضحك الجمهور)، ثم يكمل مستنكراً: يسألوني عن سلاح؟! من أين سلاح؟ يردف: عندما ابتسمت رأيت وجوه المحققين (ماخذينها صدق).. يضحك الجمهور. يكمل المقداد: عذبونا عذااااااب يا إخواني وأخواتي على مسألة السلاح. يطلبون مني أن أخرج السلاح الذي لدي، ليس هذا فقط بل والمجموعات المدربة على السلاح، والأدهى أنه عليّ أعطيهم أسماء المجموعات التي أخذناهم للتدريب العسكري في لبنان والذين دربناهم على السلاح هناك.
يكمل المقداد بابتسامة تمتزج سخريتها بالتعجب: وهل تعلمون من هو المسؤول العسكري؟ هو أخي الشيخ ميرزا المحروس (يقهقه الجميع).. يكمل: وطبعاً الفقير المسكين (يعني المحروس) بعد الضرب والتعذيب الذي ناله اعترف على نفسه والاعتراف مصوّر لديهم، وقال بلى أنا المسؤول العسكري للتدريب في البحرين والمسؤول عن العمل كاملاً هو الشيخ المقداد (يضحك الجميع).
ثم يتحدث الشيخ المقداد عن الورطة التي وقع فيها الشيخ المحروس بعد هذا الاعتراف الذي أراد به الخلاص من التعذيب، إذ كان مطلوباً منه بعدها أن يدلي بأسماء من أرسلهم للتدريب، وهنا وجد نفسه متورطاً، فمن أين يأتي لهم بأسماء، وكيف يوقع بأبرياء في هذه التهمة. اضطر المحروس أخيراً لأن يقول لهم: قال لهم حسناً أنا المسؤول العسكري لكن ليس لدي أحد في هذا المعسكر ولم أدرب أحد (يضحك الحضور).
ثم يوضح المقداد حجم التعذيب الوحشي الذي تعرض له الشيخ المحروس: ضربوا الشيخ وعذبوه عذاب حتى اشتكى من ألم بطنه. إلى درجة أني عندما أذهب بين الخلاء أجلكم الله أجد دماً في بيت الخلاء وأعرف أنه الشيخ المحروس. كان ينزف بسبب الضرب والتعذيب. وبقوا يعذبونه حتى يأتي بأسماء الأبرياء والشرفاء أنه أخذهم إلى لبنان للتدريب العسكري.
يكمل المقداد: وأما أنا يا إخواني فقد تعرضت إلى التعذيب وخصوصاً بالكهرباء حتى أني اعترفت وقلت بلى عندي سلاح (يضحك الجمهور)، نعم أنا اعترفت يا جماعة وقلت لدي سلاح. اعترفت وأنا معلّق. لقد رأيت الموت من كثر العذابات وجسدي إلى الآن فيه آثار الكهرباء. ولما رأيت الموت وأنا معلق قلت لهم نعم عندي سلاح. سألوني ماذا عندك قلت عندي كلاشينكوف (يضحك الجميع).
يكمل المقداد: سألوني أين السلاح، قلت لهم دفنته في البيت بس نزلوني نزلوني خلوني أنزل. أنزلوني ومجرد أن نزلت أُغمي علي. بعدها سألوني أين دفنت السلاح؟ قلت لهم عند شجرة الرمان في حديقة المنزل. يردف المقداد: قلت في نفسي خل يروحون شوي يبحثون فقط أرتاح من عذاباتهم بعض الوقت. يكمل: طبعاً هم ذهبوا البيت حتى البلاط كسروه ولم يجدو شيئاً.
بعد هذا، يتوقف الشيخ المقداد عن الكلام للحظة، ثم يقول: هكذا نظام الآن سأعترف له، وأنا أعلم بأنه يسمع كلامي.. أقول له إن السلاح الذي كنت تبحث عنه، والسلاح الذي عذبتني عليه، والسلاح الذي جعلت الصاعق الكهربائي على جسدي من أجل أن تصل إليه، سلاحي هو: تكاتف وتعاطف جماهير شعبي، يرفع صوته عالياً: هذا هو سلاحي.. (يصفق الجمهور).
يكمل: إخواني وأخواتي هذا سلاحنا وعلينا أن لا نفرط فيه. وعلينا أن لا نكون في المعركة إلا وسلاحنا بأيدينا. أخاك أخاك إن من لا أخ له كساع إلى الهيجاء بغير سلاح. أخوتنا.. تكاتفنا.. تعاضدنا.. تلاحمنا.. وحدة صفنا.. رص صفونا.. هذا هو سلاحنا..