الشيخ آل راضي يطالب بسحب القوات السعودية من اليمن والبحرين: المملكة أصبحت "منبع التكفير ورائدته"

2016-02-20 - 9:51 م

مرآة البحرين: قال رجل الدين الشيعي البارز آية الله الشيخ حسين الراضي، إمام جامع الرسول الأعظم في منطقة العمران بالأحساء شرقي السعودية إنه استدعي من قبل السلطات الأمنية السعودية الثلثاء (11 فبراير/شباط 2016) للتوقيع على تعهد، بعد مطالبته بوقف الحرب على اليمن.

وكان الراضي منع الجمعة قبل الماضية (12 فبراير/شباط 2016) من إقامة الصلاة، وقال شهود إن السلطات الأمنية أغلقت المسجد.

وفند الراضي في خطبة الجمعة أمس (19 فبراير/شباط 2016) نقاط التعهد التي رفض التوقيع عليها، مجدداً دعوته السعودية إلى وقف الحرب على اليمن، ومطالباً بسحب القوات السعودية من البحرين، قائلاً إن السعودية أصبحت "منبع التكفير ورائدته، وتؤمن به كدين تدين الله به منذ عشرات السنين بل وأكثر، والتاريخ شاهد على ذلك".

وفيما يلي نص الخطبة:

استدعيتُ يوم الثلاثاء 30 / 4 / 1437 هـ وقُدّم لي تعهدٌ معدٌ وجاهزٌ على أن أوقّع عليه، ومكتوب في آخره أن توقيعي هذا من طوعي ورضاي واختياري من غير إكراه ولا إجبار.

هذا التعهد ينقسم إلى قسمين: 1- التعهدات 2- التهديدات.

القسم الأول: التعهدات:

1- الالتزام بالآداب الشرعية.

2- إن المساجد موضوعة للهدي النبوي.

3- الالتزام بعدم التدخل في سياسة الدولة -داخلياً وخارجياً- وهذا هو بيت القصيد.

4- الالتزام بعدم إثارة النعرات الفردية والاجتماعية.

وفي صورة عدم الالتزام بما ذكر يطبق القسم الثاني.

القسم الثاني: التهديدات أو العقوبات:

1- سحب الولاية عن جامع الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

2- تُمنع من الخُطْبة والخَطَابة.

3- تُطبق عليك الإجراءات الشرعية والقضائية.

4- وفي آخره مكتوب فيه أن هذا التعهد وقعت عليه وأنا في كامل حواسي وقواي العقلية وبرضاي واختياري من غير إكراه ولا إجبار.

هذا ما علق في ذهني الآن.

حديثي الآن ليس من باب التظلم الشخصي -حتى يقال إن هذا استغلال لمنبر الجمعة- وإن كان من حق الإنسان أن يتظلم في أي وقت من الأوقات وأي حالة من الحالات.

بل حديثي عن ظاهرة مستمرة شملت عددا من العلماء والخطباء والفضلاء حيث استدعوا لسبب وآخر وأنا واحد منهم، فحديثي عن قضيتي لأني أعلم جزئياتها.

المثال الذي طرحوه للنقاش والمؤاخذة عليَّ طرحي في صلاة الجمعة المطالبة (بإيقاف الحرب على اليمن واليمنيين) ويعتبر ذلك جريمة وتدخل في سياسة الدولة.

وإن كان هذا المثال لم يذكر في التعهد بالاسم.

استمر نقاش هذه البنود معهم وإبطالها لأكثر من ساعة ونصف بلا جدوى.

مناقشة هذه البنود والتهديدات:

الجواب المختصر:

لو بدأنا من الفقرة الأخيرة التي تقول: أني وقعت على هذا التعهد برضاي واختياري.

هذا خلاف الواقع، وقد قلت لهم بكل صراحة: أنا لست راضيًا به بتاتاً، وكيف تكتبون أنه برضاي والأمر ليس كذلك؟

فهذا التعهد ساقط من الناحية الشرعية والقانونية والعرفية.

ثم إن هذه البنود كلها بنود عمومية مطاطية لا يوجد لها ضابط معين، وحينئذ لو أردت في يوم من الأيام أن أقرأ آية من القرآن الكريم وفيها تفسيران، أو حديثاً نبوياً وفيه رأيان، لقالوا هذا مخالف للآداب الشرعية أو الهدي النبوي.

الجواب التفصيلي:

الفقرة الأولى:  الالتزام بالآداب الشرعية.

يعني أنك أيها المستدعى أنت غير ملتزم بالآداب الشرعية وعليك أن تلتزم بها.

وهذا عنوان عام ومطاط -كما ذكرنا- فنسأل: ما هي هذه الآداب التي يجب أن ألتزم بها؟ وما موضوعها؟ وما حدودها؟ وعلى أي مذهب من المذاهب الإسلامية؟ لأني إلى حد الآن لم أعرف ماذا يريدون من هذا العنوان؟.

فهذا اتهام لرجل دين في دينه بعدم الالتزام الديني وإهانة له.

الفقرة الثانية: إن المساجد موضوعة للهدي النبوي.

نعم لنا الشرف كلُّ الشرفِ والفخرُ والاعتزازُ بالتمسك بهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتطبيقه والسير على منواله وفي خطاه ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾.

نعم لقد كانت خُطبي الأربع أو الخمس الأخيرة -والتي تعرضت فيها لأمور حساسة- أكثريتها إن لم تكن كلها نصوص قرآنية وأحاديث نبوية، استدللت بها من صحيحي البخاري ومسلم متعمداً ذلك، ولم أستدل بما في الكافي والتهذيب، ولم أعلق عليها إلا بالنزر القليل، حتى تحولت إلى نصوص دينية أكاديمية وحوزوية خارجة عن الخَطَابة الجماهيرية -ويمكن للسامع والمشاهد أن يراجعها- فإذا لم تكن تلك النصوص القرآنية والأحاديث من صحيحي البخاري ومسلم -وهما أصحا كتاب بعد القرآن عند أهل السنة- من الهدي النبوي فمن أين يُؤخذُ الهديُ النبوي عندكم؟

ألم يكن من هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المحافظة على أصحابه وعدم قتل واحد منهم حتى وإن أخطأ؟ كما نص على ذلك البخاري ومسلم وغيرهما، حتى لا يقال إن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم قتل أصحابه، وقد منع أصحابه أن يقتلوا ذا الخويصرة حينما قال:

(اعْدِلْ يا رَسُولَ اللَّهِ)[4] (اتَّقِ اللَّهَ يا محمد)[5] (يا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ.

قال [النبي]: وَيْلَكَ، أو لست أَحَقَّ أَهْلِ الأرض أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ.

قال [الراوي]: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ.

قال خَالِدُ بن الْوَلِيدِ: يا رَسُولَ اللَّهِ ألا أَضْرِبُ عُنُقَهُ.

قال: لَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي.

فقال خَالِدٌ: وَكَمْ من مُصَلٍّ يقول بِلِسَانِهِ ما ليس في قَلْبِهِ.

قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إني لم أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبِ الناس، ولا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ).[6]

ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم بنور النبوة أنه سوف يصبح هذا الرجلُ من الخوارج، فرسول الله يهزه قتلُ رجلٍ واحدٍ من أصحابه ويعتبر ذلك تشويها للإسلام ولا يهزكم قتل الآلاف من المسلمين في اليمن الذين كانوا في يوم من الأيام من أصحابكم؟

ولا تعتبرون ذلك تشويها لصورة الإسلام فضلا عن سمعتكم؟

لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين ظهرانينا وفي دار الدنيا فهل يذهب إلى اليمن والعراق وسوريا والبحرين ليقاتل بجيوشه فيها ويكون ذلك من الهدي النبوي؟.

أم يذهب إلى فلسطين المحتلة والتي يتساقط فيها الشباب الفلسطيني من الفتيان والفتيات على يد الكيان الصهيوني في كل يوم؟.

هل الحروب القائمة اليوم على اليمن والعراق وسوريا وليبيا والجزائر وتونس ومصر وغيرها والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من الهدي النبوي؟

وهل الفتاوى التكفيرية والشحن الطائفي والمذهبي التي تطلق من منابر الجمعة والجماعة من الهدي النبوي؟

هل الماكينة الإعلامية التي تطلقها بعض الفضائيات الفتنوية من الهدي النبوي؟

ولكن من يقول أوقفوا هذه الحروب واحقنوا دماء المسلمين ويدعو للوحدة بين المسلمين يكون مخالفاً للهدي النبوي؟!!

الفقرة الثالثة: الالتزام بعدم التدخل في سياسة الدولة -داخلياً وخارجياً- وهذا هو بيت القصيد.

الجواب: من عدة نواح 1- الدينية 2- العرفية 3- القانونية. ولكن أقتصر على الأولى.

من الناحية الدينية:

نسأل ونقول إن (النصيحة)  التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال:

(الدِّينُ النَّصِيحَةُ).

قُلْنَا [أي الصحابة]: لِمَنْ؟.

قال: (لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، ولأئمة الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ).[7]

قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: هذا حديث عظيم الشأن وعليه مدار الإسلام. أي أن الإسلام كله يدور مدار نصيحة المسلم للمسلم، ومن لم يُقَدِّم نصيحته لأخيه المسلم بصورة عامة ولأئمة المسلمين بصورة خاصة فسوف يُوضع علامةُ استفهام على إسلامه.

وعن جرير : قال أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَتَيْتُ النبي قلت أُبَايِعُكَ على الْإِسْلَامِ؛ فَشَرَطَ عَلَيَّ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ...)[8]

فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطالب كل مسلم أن يقدم النصيحة لأخيه المسلم ومنهم أئمة المسلمين، ويشترط على كل من بايعه أن يلتزم بالنصح لكل مسلم ولا يعتبره تدخلا لا في شؤون المسلمين ولا في شؤون الدول الإسلامية.

بينما أنتم تعتبرونها تدخلا في شؤون الدولة فأصبحت القضية قال الرسول وتقولون فما الذي نأخذه، بقولكم أم بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟.

اعتراض عمر بن الخطاب على صلح الحديبية

وما الذي تقولنه في اعتراض عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلح الحديبية، هل هو تدخل في نبوة رسول الله عندما قال:

(فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ الله بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟

فقال [النبي]: يا بن الْخَطَّابِ إني رسول اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي الله أَبَدًا).

ومع هذا لم يقبل من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال [الراوي]: ( فَانْطَلَقَ عُمَرُ فلم يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ ....) [9]

فهل اعتبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك تدخلا في شؤون الدولة الإسلامية وعاقبه على هذا الاعتراض بسجنه أو أخذ التعهدات عليه؟.

الفقرة الرابعة: الالتزام بعدم إثارة النعرات الفردية والاجتماعية.

ما هي تلك النعرات التي كنتُ أثيرها حتى يَصدق عليَّ مثل هذا الاتهام؟

هل كنت أعمل على الشحن الطائفي أو المذهبي للتفرقة بين السنة والشيعة؟

أم أن حياتي لأكثر من 45 سنة وسلوكي ومؤلفاتي وخطبي وكتاباتي أكثريتها تدعو للوحدة الإسلامية ورص الصف الإسلامي؟ -أترك ذلك للسامع والمشاهد هو الذي يقيم-.

أما القسم الثاني: وهي التهديدات أو العقوبات فلست بحاجة إلى مناقشاتها والجواب عليها.

الهدي النبوي والسلام العالمي

انطلاقاً من الهدي النبوي الشريف ومن خلال الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة وسيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم نرى أن الحروب التي تُشن في المنطقة من قبل المسلمين بعضهم على بعض هي حروب تكفيرية بامتياز، ولا يمكن لأي مسلم أن يبرر قتل أخيه المسلم إلا أن يكفره أولاً ثم بعد ذلك يستحل دمه وعرضه وماله.

لقد وردت عشراتُ الآياتُ القرآنية ومئاتُ الأحاديثُ النبوية في حرمة أذيةِ المسلم وإهانتِه وغيبتِه وظلمِه وهتكِ عرضه وتكفيره فضلا عن قتله وسفك دمه، فما هذا الاستهتار بهذا الدين الحنيف؟ فما هذا الاستهزاء بالرسول الرؤوف الرحيم العطوف الذي أرسله الله رحمة للعالمين كل العالمين؟ ما هذا التعدي والتجني على صاحب هذا الدين، على خالق البشر ورازقه وهتك حُرُماتُ دينه؟ ما هذه الدماء التي تجري كالأنهر من المسلمين بأيدي المسلمين أنفسهم؟.

مع الأسف الشديد لقد أصبحت المملكة منبع التكفير ورائدته، وتؤمن به كدين تدين الله به منذ عشرات السنين بل وأكثر، والتاريخ شاهد على ذلك.

إن الإرهاب التكفيري متغلل في داخل المملكة وعلى أبوابها بعد أن تمدد واستفحل في اليمن، اليوم مساجدنا وتجمعاتنا وأفراحنا وأتراحنا وشوارعنا ومرافق الحياة لدينا كلها مهددة وبين الفينة والفينة يتساقط الشهداء.

والدولة تلاحق كل من ينطق ببنت شفة وينتقد أو يعترض أو يتساءل لما يجري، يُجر إلى التحقيق والاتهامات وأخذ التعهدات الجاهزة عليه ويرغم على التوقيع ويكتب فيها أنها بطوعه ورضاه، وأكثر من ذلك أن حماة الصلاة من الشباب الذين حملوا أرواحهم على أكفهم في الحفاظ على المساجد والمقدسات والشعائر الإسلامية يجرون إلى المحاكمات لأبسط الأمور ويُؤاخذون عليها.

بينما الفكر التكفيري يسرح ويمرح في البلاد ويُكفر أكثرية المسلمين في الداخل والخارج، نعم تكفر الأشعرية والماتريدية والصوفية وهم يشكلون أكثر من 90 % من أهل السنة كما تُكفر الشيعة.

لسنا بحاجة أن نرسل الجيوش إلى اليمن والبحرين وسوريا وغيرها، نحن في داخل المملكة بأمس الحاجة إلى حماية المساجد والصلوات ليس في أيام الجمع فقط بل في سائر الأيام فإنها مكشوفة، وحتى في أيام الجمع يصل الإرهابيون إلى داخل المساجد بلا حواجز إلا بصدور الشباب العزل.

فهل الحل أن تُلغى الجماعات والصلوات والاحتفالات والمناسبات العامة والخاصة بحجة عدم الأمن؟.

إننا نعيش القلق الأمني على الوطن والمواطنين، والدولة هي المسؤولة عن ذلك فنحتاج إلى قلع جذور التكفير والإرهاب من داخل المملكة قبل خارجها.

وهذا ما لا يحصل حتى الآن.   

المطالبة بالسلام   

نحن لا نطالب بوقف الحرب على اليمن واليمنيين فقط؛ بل نطالب بوقف جميعِ الحروب وبمختلف أشكالها العسكرية والإعلامية والطائفية والمذهبية على جميع البلدان العربية والإسلامية؛ على العراق وسوريا ولبنان وليبيا وتونس والجزائر ومصر وباكستان وأفغانستان وغيرها، فإن شعوب هذه البلدان هي التي تدفع ثمن حمامات الدم التي تجري فيها ومئات الآلاف الذين يقتلون في هذه البلدان هم من العرب والمسلمين وكل الخسائر التي تجري فيها مادية ومعنوية وبشرية تتحملها شعوب هذه البلدان.

إن المسلحين الذين جاءوا من أكثر من 80 دولة يقاتلون في سوريا وقتل منهم من قتل ورجع قسم منهم إلى مختلف بلدان العالم كلهم من أولاد المسلمين على الحق كانوا أو على الباطل، والذين قتلوا منهم أو سوف يقتلون هم خسارة على الأمة كلها.

إن المستفيد الأساس من هذه الحروب والشحن الطائفي والمذهبي هو الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وهو يقتل أولادنا وشبابنا ونساءنا وإخواننا في فلسطين وينزل بهم في كل يوم أنواع العذاب منذ عشرات السنين، ولو صرف العرب على فلسطين ربع ما صرفوه على الحروب فيما بينهم لحرروا فلسطين ولقذفوا بالكيان الصهيوني في البحر.

إننا ندعو إلى السلم العالمي ونتطلع إلى انتشار السلام في جميع أرجاء العالم، ونحن ضد الظلم والعدوان والتكفير والإرهاب والحروب في العالم كله.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus