صنقور: حرمان عائلة السجين من العلاوات الاجتماعية وسحب الوحدة السكنية ظلمٌ صريح

2016-01-30 - 5:56 م

مرآة البحرين: قال الشيخ محمد صنقور، في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس الجمعة (29 يناير/ كانون الثاني 2016) إن «الدعواتِ المناديةِ بحرمانِ السجينِ مِن حقِّه في مثلِ علاوةِ الغلاءِ والإسكانِ وتجميدِ طلبِه وسحْبِ الوحدةِ السكنيةِ منه لو كان قد حصَلَ عليها وحرمانِه من الراتبِ التقاعدي وحقوقِ المتقاعدِ بعد نهايةِ الخدمةِ وسحْبِ جنسيةِ أبناءِ مَن تمَّ السحبُ لجنسيتِهم، فإنَّ ذلك كلَّه أو بعضَه لو وقعَ لكانَ مِن الظلمِ الصريحِ لمَن لا ذنبَ له، فإنَّ المنتفعَ من هذه الحقوقِ والامتيازاتِ هم ذوو السجينِ أبناؤه وزوجتُه على نحوِ الخصوصِ، وهؤلاءِ لم يرتكبوا ما يُصحِّحُ شرعاً وعقلاً ايقاعَ العقوبةِ عليهم، فكلُّ هذه الحقوقِ والامتيازاتِ مُبتنيةٌ -كما هو واضحٌ- على انَّها حقٌّ لكلِّ أُسرةٍ، وليستْ حقاً خاصَّاً بربِّ الأسرةِ، ولذلك فإنَّ العقوبةَ لو -استُجيبَ لهذه الدعواتِ- ستقعُ مباشرةً على الأُسرةِ التي لا شأنَ لها بما أُدينَ به ربُّ الأُسرةِ».

وأضاف إلى أن «السجينَ لا يتضرَّرُ مباشرةً من حرمانِه من مثلِ علاوةِ الإسكانِ والغلاءِ وسحْبِ الوحدةِ السكنيَّةِ والجنسيَّةِ عن أبنائِه، فالضررُ من الحرمانِ يتمحَّضُ وقوعُه بأُسرةِ السجينِ والتي لا شأنَ لها بما أُدينَ به سجينُهم. ثم إنَّ هذه الدعواتِ تضرُّ بمصلحةِ الوطنِ، فهي تُسيءُ إلى سُمعتِه أولاً وهي تُعمِّقُ ثانياً من حالةِ الاحتقانِ لدى أُسَرِ السُجناءِ وسائرِ الناسِ، ولا يخفى على أحدٍ ما لِمثلِ هذا الاحتقانِ في المآلِ من تأثيرٍ على أمْنِ الأوطانِ واستقرارِها».

وشدد صنقور على أنَّ «الذين ينبغي الإصغاءُ إليهم رعاية لمصلحةِ الوطنِ هم العقلاءُ الأسوياءُ الذين لا يُضحُّون بإنسانيتِهم لخُصوماتٍ سياسيَّةٍ، فلو أنَّ إرهابيَّاً فجَّرَ مسجداً وراحَ ضحيةَ جريمتِه المئاتُ من المصلِّينَ فإنَّ أحداً لا يَسوغُ له حرمانُ أطفالِه وزوجتِه من حقوقِهم لمجرَّد أنَّ معيلَهم قد ارتكبَ هذه الجريمةَ، فكيف يسوغُ لهؤلاءِ الدعوةُ لحرمانِ أطفالِ السجناءِ وزوجاتِهم من حقوقِهم والحالُ انَّ غالبيةَ هؤلاءِ السجناءِ لم يُدانوا بما يَخرجُ من دائرةِ الخُصوماتِ السياسيَّةِ».

وتابع «الغريبُ انَّه في الوقتِ الذي تتعاظمُ فيه الدعواتُ في كلِّ مكانِ بلزومِ الرعايةِ لأُسرِ السجناءِ رعايةً خاصَّة نفسيَّةً ومعيشيَّةً؛ نظراً لفُقدانِهم مُعيلهم نجدُ في بلدِنا مَن يدعو إلى تضييقِ الخِناقِ على أُسَرِ السُجناءِ والتوسيعِ من دائرةِ النِكايةِ بهم؛ وذلك بحرمانِهم من أبسطِ الحقوقِ التي تثبتُ لهم بصفتِهم من أبناءِ هذا الوطنِ، فهل يفقِدُ هؤلاءِ في أعرافِ الدولِ وطنيتَهم لمجرَّدِ أنَّ مُعيلَهم صارَ سجيناً أو سُحبتْ جنسيتُه؟».

وتساءل صنقور «هل يعلمُ أصحابُ الضمائرِ التي تنبُضُ بالحياةِ انَّ الكثيرَ من الأُسرِ التي كانت تنعَمُ بالكفافِ أصبحتْ بعد سَجنِ مُعيلِها عاجزةً عن تأمينِ ضروراتِها المعيشيَّةِ، فحينَ يَبدأُ فصلٌ دِراسيٌّ جديدٌ أو يَحينُ وقتُ استحقاقِ ايجارِ السكنِ أو يعطَبُ شيءٌ في المنزلِ أو تطرأُ حاجةٌ لم تكنْ مُنتَظرَةً تجتاحُ الحيرةُ زوجةَ هذا السجينِ أو ذاك كيف تُؤمِّنُ لأطفالِها وبناتِها هذه الضروراتِ، ورغمَ ذلك يستكثرُ البعضُ على هذه الأُسرِ ما ثبتَ لهم من الحقوقِ بصفتِهم من أبناءِ هذا الوطنِ ومِن رعايا هذه الدولةِ».

وبين صنقور أنَّ «قضيةَ أُسَرِ السُجناءِ قضيةٌ قد استجدَّت على خلفيَّةِ الأحداثِ، وهي قضيَّةٌ إنسانيَّة، لا يصحُّ وصفُها بغيرِ ذلك كما لا تَصحُّ ملاحظتُها من غيرِ هذه الزاويةِ، وهي قضيةٌ تزدادُ تفاقماً واتَّساعاً، وتُجلِّلُها المأساةُ من كلِّ جوانبِها، وتَعاقُبُ الزمنِ وظلمةُ الأفقِ يُراكِمُ من مأسويتِها ويُضاعِفُ من أعبائِها، وذلك ما يَفرضُ على الجميعِ من جهاتٍ رسميَّةٍ ومجتمعيَّةٍ النظرَ في هذه القضيَّةِ الإنسانيَّةِ الملحَّةِ بمنتهى الجدِّيةِ من تمامِ جوانبِها بما يَخرجُ معه الإنسانُ من عُهدةِ التكليفِ الإلهيِّ المُلزِمِ الذي لا يَتمايزُ في المُساءلةِ عنه يومَ القيامةِ من أحدٍ، فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسئولٌ».

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus