موقع مفتاح: إرين كيلبرايد: رسم خارطة الشّرق الأوسط: السّنة والشّيعة وحدهما لا يفيان بالغرض

إرين كيلبرايد - موقع مفتاح - 2016-01-14 - 12:06 ص

ترجمة مرآة البحرين

في أعقاب إعدام السّعودية لرجل الدّين الشّيعي البارز الشّيخ نمر النّمر، في 2 يناير/كانون الثاني 2016، هاجم المحتجون في إيران السّفارة السّعودية في طهران، ما دفع السّعودية وعدد متزايد من حلفائها الخليجيين والعرب والجنوب أفريقيين إلى قطع أو خفض العلاقات مع إيران. وردًا على ما دُعِي بـ "الأزمة الإيرانية-السّعودية الأكثر خطورة منذ عقود"، استغلت وكالات الأنباء الفرصة لتقديم ما يبدو ظاهريًا على أنه القصة التي تستحق النشر عندما يتعلق الأمر بالعلاقات السّعودية-الإيرانية: قصة الانقسام السّني-الشّيعي.

في 6 يناير/كانون الثاني، قدمت الإيكونوميست لقرائها دليلها إلى المسلمين السّنة والشّيعة. ونشرت الفاينانشيال تايمز مقالها: السّنة والشّيعة: شرح الانقسام. كما شاركت صحيفة النّيويورك تايمز خارطة واسعة الانتشار تهدف إلى شرح "خلفية الانقسامات السّياسية الحادة". الخارطة بحد ذاتها رائعة، كما تلك التي نشرتها مدونة زيرو هيدج وتلك من جامعة كولومبيا، التي نشرتها ذا انترسبت. المشكلة، بالطبع، تكمن في ما لا تظهره هذه الخرائط.

في 5 يناير/كانون الثاني، نشر ماكس فيشر، الكاتب في فوكس، مقالًا بعنوان "الجذور الحقيقية للصّراع السّني-الشّيعي: ما وراء أسطورة الكراهيات الدّينية القديمة"، في محاولة منه لتخفيف إساءة الفهم السّائد بأن كل السياسات في الشّرق الأوسط يمكن تلخيصها بالدّين:

نعم، هذه هي القضية التي أدّى فيها النّزاع على الخلافة في القرن السّابع إلى صدع في الإسلام بين السّنة والشّيعة. لكن هذه قصة قديمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. الانقسام اليوم بين السّنة والشّيعة ليس في المقام الأول بشأن الدّين، وليس قديمًا: إنه حديث جدًا، وأغلبه قائم على السّياسة وليس الدّين.

مع ذلك، حتى المقالات والخرائط التي تحاول تعقيد الفهم الحالي لـ "الانقسام السّني-الشّيعي" أو إيجاد فوارق بسيطة فيه أو إعادة تنظيمه، من خلال التّأكيد على الأهداف السّياسية للسّعودية أكثر من قناعاتها الدّينية، على سبيل المثال-ما تزال تتبنى فكرة أن السّعودية وإيران هما خصمان بالضّرورة على خلفية الطّائفية.

لكن الخرائط والمقالات وأهداف السّياسة التي تقبل على نحو أعمى "الحقيقة" المزعومة للطّائفية في الشّرق الأوسط محكومة بالفشل منذ البدء. لطالما استخدمت الأنظمة العربية اللّغة الطّائفية لإسكات الحركات السّياسية المعارضة على المستوى المحلي. وحين تعيد وسائل الإعلام الغربية استخدام هذه اللّغة، فإنها تدعم الحكام المستبدين الذين يعتمدون عليها. ليس فقط هذا، بل إنها مُعرضة لخطر إضاعة القصة الحقيقية.

اليوم، تستخدم السّعودية الورقة السّنية-الشّيعية أولًأ وقبل كل شيء كوسيلة لتشويه صورة جماعات المعارضة الشّيعية وقمعها على أراضيها. ووفقًا لما أظهره وثائقي أعدته الصّحافية صفا الأحمد، لم تكمن خطورة الشّيخ نمر النّمر في آرائه بشأن الصلاة بالنّسبة للسّعودية، بل في آرائه السّياسية.

 


خلال حكم صدام حسين، منع الطّاغية العراقي العبادة في المقامات الشّيعية الرّئيسية في البلاد، ليس لأنه كان سنيًا، بل لأن هذه المقامات تكتظ بمئات آلاف المصلين الأجانب الذين يخشى دعمهم لجماعات المعارضة العراقية.

الطّائفية تعكس الاختلافات الدّينية الرّئيسية، لكن يتم استغلال هذه الاختلافات لأسباب بعيدة جدًا عن كونها دينية. وللحصول على خريطة سنية-شيعية ذات قيمة فعلًا، يجب أن تتضمن بيانات تبرز قوة التّصويت والتّهميش الاقتصادي والفرص التّعليمية والموارد الطّبيعية والعلاقات مع الحلفاء الأجانب. أي شرح لتاريخ وجغرافية السّنة والشّيعة يفتقر إلى هذا السّياق لن يفي بالغرض.

التّاريخ: 9 يناير/كانون الثاني 2016

النّص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus