براين دولي: على إدارة أوباما أن تطابق أقوالها بأفعالها بشأن مواجهة التّطرف العنيف

2015-11-27 - 11:22 م

براين دولي، صحيفة الهافينغتون بوست
ترجمة مرآة البحرين

حلفاء واشنطن لا يصدقون أفكار الرّئيس أوباما بشأن إشراك المجتمع المدني في الحرب ضد الإرهاب. في نيروبي هذا العام، صرّح أوباما لمجموعة من النّاشطين أن "أحد الدّروس المهمة التي تعلمناها هي أنه لا يمكنك محاربة الإرهاب فقط بالشّرطة والجيش. عليك أيضًا أن تُغَير قلوب وعقول النّاس، وأن تجعلهم يحسون بأنهم يشكلون جزءًا من المجتمع وأن تجندهم في المساعدة على الحرب ضد الإرهاب. ولذلك أنا أظن فعلًا أنه من المهم إشراك المجتمع المدني في الحرب ضد الإرهاب".

للأسف الشّديد، لم يتم تطبيق كلامه إلّا في ما ندر. حوار المنامة الأخير - وهو مؤتمر يُقام سنويًا بشأن الأمن، وتستضيفه البحرين، الحليف القمعي للولايات المتحدة الأمريكية- لم يتضمن أي أصوات من المجتمع المدني، محلية أو دولية، في لائحة المتحدثين. نائب وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن مثّل الولايات المتحدة، وكان أحد المتحدثين المُدرَجين على اللّائحة، جنبًا إلى جنب مع عدة وزراء خارجية وكبار الشّخصيات العسكرية الأخرى من جميع أنحاء العالم.

وعلى الرّغم من جلسة عن "تحديات التّطرف"، وهي قضية لا يمكن علاجها بشكل مناسب من دون خبرة خبراء المجتمع المدني، لم يكن هناك أي مكان لأصوات المجتمع المدني في الأجندة. الدّكتاتور المصري الرّئيس السّيسي ألقى خطابًا رئيسيًا في المؤتمر، في حين مُنِع نيكولاس كريستوف، الصّحافي من النّيويورك تايمز، الحائز على جائزة بوليتزر، من الحصول على تأشيرة دخول إلى البحرين للمشاركة في المؤتمر. الباحثة والكاتبة اليمنية المستقلة، أسماء الهمداني، أُبعِدت بمجرد وصولها إلى مطار البحرين بعد أن تمّت دعوتها للمشاركة في حوار المنامة. لطالما كان كريستوف منتقدًا لانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، في حين استنتجت الهمداني أن انتقادها لمسار الحرب في اليمن وإفادتها عن الضحايا اليمنيين كانا السّبب وراء استبعادها.

استبعاد الخبراء المحليين، في مجالي حقوق الإنسان والتّطرف، يُقَوّض بشكل مُهلِك الحرب ضد الإرهاب، ويعارض الأهداف الأربعة لاستراتيجية الرّئيس أوباما لمحاربة التّطرف:

1. مواصلة الكفاح المُسَلّح ضد المنظمات الإرهابية وإنهاء الصّراعات التي أصبحت جاذبة للتّطرف العنيف، خصوصًا في سوريا.
2. مواجهة الأيديولوجيات التي تُلهِم الإرهابيين مثل داعش والشّباب.
3. معالجة المظالم الاقتصادية والفساد.
4. معالجة المظالم السّياسية التي يستغلها الإرهابيون، مثل الحرمان من حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

معالجة هدفين من أصل أربعة أهداف سيكون أمرًا شبه مستحيل من دون حكمة وخبرة الفاعلين في المجتمع المدني، الذين يواجهون يوميًا هذه التّحديات في عملهم في الدّفاع عن حقوق الإنسان والدّيمقراطية في بلادهم الأم. مع ذلك، يتم حرمانهم، على نحو متزايد، من المشاركة في القضايا الأساسية.

وعلى الرّغم من أن قمة البيت الأبيض، التي لطالما افتخر بها بشأن مواجهة التّطرف العنيف، كانت ملأى بحديث إدارة أوباما عن الحاجة إلى إشراك المجتمع المدني في منع ومكافحة الإرهاب، فإن المؤتمر الضّخم الذي تلاها في نيروبي استبعد جماعات المجتمع المدني التي كانت تُستَهدَف من قبل الحكومة الكينية على خلفية انتقادها لأفعال الشّرطة من تعذيب وقتل -وهي ممارسات تؤجج المظالم التي يتغذى عليها التّطرف العنيف.

وكان أكثر من مؤسف أن نرى زعماء القمة التي عقدها الرّئيس أوباما في الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول يركزون على "مواجهة داعش"، محيلين الجوانب الوقائية لاستراتيجية مواجهة التّطرف العنيف إلى مكان أقل أهمية على الأجندة. مرة أخرى، لم يكن ناشطو المجتمع المدني على لائحة المتحدثين، لكن تمكنت عدة حكومات قمعية من التحدث فيه.

في حال كان خطاب أوباما بشأن إشراك المجتمع المدني في محاربة التّطرف جديًا، فإنّه يحتاج إلى دفع حلفائه القمعيين لإيقاف استهداف الأصوات الشّرعية للمعارضة بحجة مكافحة الإرهاب- في كينيا والسّعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة وغيرها. عليه أن ينتقد علنًا استبعاد مثل هذه الأصوات في المؤتمرات الأمنية التي يستضيفها حلفاؤه (كما فعلت وكيلة وزارة الخارجية سارة سيوال في مؤتمر نيروبي في يوليو/تموز، لكن لم يفعل ذلك أي أحد في البحرين الأسبوع الماضي).

على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يضع قريبًا خطة عمل لتجنب التّطرف العنيف، ومن المُتَوقع أن تتضمن استراتيجية تركز على حقوق الإنسان. وقال بان كي مون في قمة مواجهة التّطرف العنيف في فبراير/شباط إن "حقوق الإنسان، والمؤسسات الخاضعة للمساءلة وتوزيع الخدمات بشكل عادل والمشاركة السّياسية. كلّها من بين أسلحتنا الأكثر قوة". على واشنطن أن تدعم مخطط الأمم لمتحدة الجديد، وتُذَكّر حلفاءها بأنهم لن يتعلموا ما يحتاجون إلى معرفته من المجتمع المدني في حال رفضوا الاستماع.

 9 نوفمبر/تشرين الثّاني 2015
النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus