رد "ميمري" على اتفاق التعاون مع البحرين: مقال تتّهم فيه النظام بـ"الخداع" وتذكّر فيه بـ"تركي البنعلي"!

2015-10-07 - 2:29 ص

مرآة البحرين (خاص): فجّر الإعلان عن توقيع اتفاق تعاون بين حملة "هذه هي البحرين" وبين معهد "ميمري" في واشنطن، فضيحة من العيار الثقيل.

المحاولة المزعومة لتوقيع هذا الاتفاق، جاءت كمسعى للحصول على مساعدة من اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، لتبييض سمعة البحرين أمام الغرب، وتلميع صورتها، بعد تصاعد الاتّهامات ضدّها باضطّهاد الأغلبية الشيعية في البلاد. لكن ماذا كان رد "ميمري" وأول خطوات هذا التعاون المزعوم؟

المنظّمة الصهيونية نشرت بعد أيام فقط من مغادرة الوفد البحريني، مقالا تحت عنوان "البحرين وسياسة الخداع"، هاجمت فيه النظام واتّهمته بالتضليل والكذب سواء حول توقيع اتفاق معها أو مع كنيس يهودي، وأشارت فيه إلى أن رجل الدين الأبرز في تنظيم داعش المتطرّف هو بحريني!

المثير للانتباه، أن المقال اعتمد في معلوماته على مصادر من بينها موقع "مرآة البحرين"، وهذا في حدّ ذاته كان ربّما أوّل فشل ذريع لأهداف حملة "هذه هي البحرين". 

يشير المقال في البداية إلى استضافة المنظمة "وفدا من مملكة البحرين"، ضمن أنشطة اعتيادية تقوم بها، حسب وصفها.

ثم يصف المقال وفد البحرين بـ"المختلف"، وقال إنه يبدو ظاهريا "كمجموعة خاصة"، مشيرا إلى أنهم جاءوا مصحوبين بطاقم تصوير، يضم مصوّرا تابعا لأجهزة الإعلام الرسمية، ومنسّقا تابعا للحكومة.

الغريب أن المقال كشف للعلن فضيحة الوفد الممثّل للبحرين: "على الرغم من أن معظم البحرينيين هم من المسلمين الشيعة، إلا أن الوفد كوّن لإعطاء انطباع على تنوع رائع، وشمل الوفد كاهنا هندوسيا، رجل دين من الكنيسة الإنجليكانية، وهو قس قبطي، وحفنة من البحرينيين الحقيقيين، ضمن مجموعة معظمهم من المغتربين".

المنظّمة الصهيونية تتحدّث عن "تركي البنعلي"!

وصفت المنظّمة تعليقات رئيسة الحملة على العرض الذي قدّموه لهم عن عملهم، بأنّها غريبة قليلا، وقالت "بدلا من النقاش حول المسائل الخطيرة كالتحدي الذي يشكّله التطرف السلفي الجهادي (رجل الدين الأبرز في داعش هو بحريني)، أوالتخريب الإيراني في الخليج، أو التحديات الطائفية، سمعنا أغنية علاقات عامة من المؤكّد أنّها ستخدع الغافلين فقط" حسب وصفها.

المنظّمة الصهيونية (التي جاء هؤلاء لطلب معونتها فانقلبت عليهم)، سخرت من الوفد وحديثه عن الحريات الدينية واحترام المرأة "يمكن للمرء حينها أن يتذكر فقط كيف أن الديكتاتوريات البائسة في العالم الثالث مثل كوبا تتباهى بأنظمة الرعاية الصحية الخاصة بها لصرف الانتباه عن عدم وجود الحريات الأساسية".

المنظّمة أشارت إلى أن زعيمة الحملة، وحال انتهاء الاجتماع، حاولت تمرير فكرة التوقيع على مذكرة تفاهم، وأنّهم ردوا عليها بشكل دبلوماسي بأنه "يمكن الحديث عن هذا في المستقبل"، دون أن يخوضوا في أية تفاصيل.

وتضيف في المقال "تخيلوا دهشتنا في اليوم التالي عندما شاهدنا تصريحات علنية من هذه السيدة الأجنبية أن ميمري قد وقعت مذكرة تفاهم مع البحرين! فكرة أثيرت فجأة من شخص واحد تحوّلت بشكل ساحر إلى وثيقة موقعة؟ صورة من الاجتماع استخدمت لتصوير التوقيع المفترض على مذكرة تفاهم أخرى، وهذه المرة مع كنيس في واشنطن العاصمة، وليس من الواضح ما إذا كان ذلك أيضا توقيع وهمي أو ربما كان كنيسا وهميا"!

ميمري 2

"ميمري": الحكومة البحرينية وراء كل القصّة

ورغم تقديمها شكاوى لزعماء الحملة، ولوسائل الإعلام البحرينية التي نقلت هذه القصّة، التي وصفتها بالمغلوطة، إلّا أن القصّة انتشرت شيئا فشيئا، بحسب المقال.

فضلا عن ذلك، اتّهمت المنظّمة الصهيونية حكومة البحرين بالوقوف خلف القصّة كاملة، وتدبيرها، وبأنّها أيضا هي من يقف وراء كل أنشطة الحملة "من الواضح أن حملة "هذه هي البحرين" الترويجية هي محاولات دبلوماسية عامة تتبناها حكومة المنامة. المشكلة التي تكشفها هي مشكلة أكبر، ولا تقتصر خاصة على هذه المملكة في الشرق الأوسط".

وسخرت المنظّمة من أساليب البحرين، وقالت إن الرد على مطالبات الإصلاح الملحة في مثل هذه الدول تكون عادة "عن طريق زيادة القمع، وعلى صعيد وسائل الإعلام، بالكذب، وجعل الفجوة بين الواقع والحقيقة أكبر" ووصفت ذلك بأنّها استراتيجية متهّورة، مستهترة، وعالية المخاطر، في البحرين وحولها.

لقد ذهب "ممثّلو البحرين" لالتقاط الصور التذكارية داخل مقر المنظّمة الصهيونية، ومن ثم أعلنوا اتقاق تعاون. لكن سرعان ما تبخر كل شيء. الصّحافي ألكس ماكدونالد كان قد أشار على موقع ميدل إيست آي إلى أنّ "البحرين نفسها كانت هدفًا لميمري في مرات عدة، إذ تم عرض مقطع فيديو يعود إلى أبريل/ نيسان 2014، يُظهر عالم دين بحريني يحذر جماعته من أن اليهود والمسيحيين كانوا يحاولون تدمير النّسيج الجميل والمتماسك للأسرة".

التاريخ الصهيوني لمعهد "ميمري"

أسس معهد الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط (المعروف اختصارا بـ "ميمري") في العام 1998 على يد ييغال كارمون، وهو عقيد سابق في المخابرات الإسرائيلية، ومستشار سياسي سابق لحكومتها، وشاركته في التأسيس ميراف وورمسر، وهي أمريكية مولودة في إسرائيل.

الكاتب البريطاني براين ويتاكر ذكر أن "نسخة سابقة من الموقع الإلكتروني للمعهد قالت إنه يهدف إلى تأكيد أهمية استمرار الصّهيونية للشّعب اليهودي ودولة إسرائيل"، لكن هذا "القول مُحِي لاحقًا عن الموقع"، وأشار ويتاكر إلى "أنّه ما يزال موجودًا في أرشيف الإنترنت".

وكان ويتاكر قد وصف ميمري بأداة البروباغندا الإسرائيلية، التي تعمل وفق "أجندة تقوم على إيجاد أسوأ التعليقات والتصريحات من العالم الإسلامي ونشرها على أوسع نطاق ممكن".

ميمري 3

إيهود باراك أحد أعضاء مجلس المستشارين ورئيس المنظمة مستشار سابق لشامير ورابين

معهد الأبحاث الإعلامية للشرق الأوسط (بالإنجليزية: Middle East Media Research Institute) وتختصر (memri ميمري)، منظّمة يقع مقرّها الرئيس في العاصمة الأمريكية واشنطن، ولها فروع في أنحاء العالم.

وإيغال كارمون، مؤسس المعهد، هو مستشار سابق لرئيسي الوزراء الإسرائيليين إسحاق شامير وإسحق رابين، أثناء حربهم مع المقاومة الفلسطينية من 1988 حتى 1993. 

اللافت أن أحد أعضاء مجلس المستشارين بالمنظّمة هو إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي شغل منصب وزير الدفاع من 2007 إلى 2013.

وبحسب الكاتب البريطاني ويتاكر، فإن المؤسس الآخر للمنظمة "ميراف وورمسر"، كانت مستشارة لنائب الرئيس الأمريكي السابق "ديك تشيني"، وأن مؤلفاتها وأبحاثها التي نشرتها مراكز أبحاث ومواقع إسرئيلية يظهر فيها حماسها للدّفاع عن الكيان الصهيوني.

وفضلا عن أعمال العلاقات العامة (كجزء مهم في اللوبي الصهيوني بواشنطن)، تترجم المنظمة مقالات مختارة من الصحافة العربية والإيرانية إلى الإنجليزية وغيرها من لغات الغرب، وتختار خصوصا مقالات ضد اليهودية خاصة، ومقالات تقول إن أمريكا، أو الغرب، أعداء أشرار للعرب أو للإسلام.

و"ميمري" منظمة مشهورة في الولايات المتحدة، وتنقل عنها صحف أمريكية كثيرة، منها نيويورك تايمز. وتثير المنظمة سخط مواقع الإعلام والناشطين العرب، وتعتبر من أهم المؤسسات الصهيونية على مستوى العالم.

"ميمري" وسياسة التحريف في الترجمات

فضلا عن كونها في خدمة أهداف إسرائيل، واللوبي الصهيوني في واشنطن، اتّهمت "ميمري" بالتزوير والتحريف في ترجمة العديد من المقالات والبيانات والتقارير، وجاء واحد من تلك الاتهامات من القسم العربي في قناة سي إن إن، كما حدثت ضجة كبيرة بعد ترجمة المنظمة مقالا لأستاذ عربي في جامعة جورج تاون.

وطبقاً لصحيفة لوموند الفرنسية، فإن ترجمات ميمري في بعض الأحيان تفرغ محتوى النص من مضمونه أو تضيف مصطلحات عربية لا توجد في النص الأصلي، بهدف جعل البيان يبدو أكثر جدلاً، منها على سبيل المثال مقاطع من برنامج "أكثر من رأي" الذي تبثه قناة الجزيرة.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus