الواشنطن بوست: الدّول الأكثر ثراء في العالم العربي تكاد لا تفعل شيئًا للّاجئين السّوريين

2015-09-09 - 2:17 م

إيشان ثارور، صحيفة الواشنطن بوست

ترجمة: مرآة البحرين

سيطر الذّهول على العالم في الأسابيع الأخيرة بسبب أزمة اللّاجئين في أوروبا، وهو تدفق للمهاجرين لم يشهد له العالم مثيلًا منذ الحرب العالمية الثّانية. وقد سُلّط الضّوء على محنتهم، على نحو تقشعر له الأبدان، في صورة طفل سوري غريق، كانت جثته الهامدة ملقاة، وحيدة، على شاطئ في تركيا.

وانصب قدر كبير من الاهتمام على فشل عدد من الحكومات الغربية في التّصدي لتوزيع العبء، بشكل مناسب على البلاد المجاورة لسوريا، التي تتصارع على خلفية استضافة أربعة ملايين لاجئ سوري تقريبًا، أُجبِروا على مغادرة بلادهم بسبب الحرب الأهلية.

وانتُقِدت بعض الدّول الأوروبية على خلفية تقديمها ملجأ فقط لعدد قليل من اللّاجئين، أو على خلفية تمييزها بين المسلمين والمسيحيين. وقد كانت هناك أيضًا نسبة كبيرة من الشّعور القاري بالذّنب على خلفية الخلل الوظيفي العام لأنظمة الهجرة واللّجوء الأوروبية.

ووُجّه قدر أقل من الغضب إلى مجموعة أخرى من أصحاب المصالح الذين يجب عليهم تقريبًا بذل المزيد من الجهود: المملكة العربية السّعودية والدّول العربية الثّرية الأخرى في الخليج.

ووفقًا لما أشارت إليه منظمة العفو الدّولية مؤخرًا، فإنّ "الدّول الخليجية السّت -قطر والإمارات العربية المتحدة والسّعودية والكويت وعمان والبحرين_ لم تقدم أي مكان لإعادة توطين اللّاجئين السّوريين". وقد أشار كينيث روث، المدير التّنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إلى هذا الادعاء على تويتر:

 

 

خمّن عدد اللّاجئين السّوريين الذين اقترحت السّعودية والدّول الخليجية الأخرى استضافتهم؟ صفر

 

 

الطّريقة التي تساعد بها السّعودية والدّول الخليجية الأخرى اللّاجئين السّوريين أو انظر إلى هذه الخريطة اتي نشرها على تويتر لؤي الخطيب، وهو زميل غير مقيم في معهد بروكينز، وهي تظهر عدد اللّاجئين السّوريين الذين استقبلتهم الدّول المجاورة لسوريا مقارنة بالدّول الغنية بالنّفط جنوبًا.

 

إنه لرقم مخيف، نظرًا للقرب النّسبي لهذه البلاد من سوريا، فضلًا عن الموارد الهائلة الموجودة في تصرفهم.

ووفقًا لملاحظة سلطان سعود القاسمي، وهو معلق سياسي مقيم في دبي، فإن هذه البلاد تتضمن بعض أكبر الميزانيات العسكرية في العالم العربي، وأعلى المعايير المعيشية، فضلًا عن تاريخ طويل -خصوصًا في حالة الإمارات العربية المتحدة-  من التّرحيب بالمهاجرين من الشّعوب العربية الأخرى وتحويلهم إلى مواطنين.

وعلاوة على ذلك، لا تمر هذه الدّول بهذا الموقف مرور الكرام. استثمرت عناصر متباينة من داخل السّعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والكويت،على مستويات مختلفة، في الصّراع السّوري،  ولعبت دورًا واضحًا في تمويل وتسليح كوكبة من الفصائل الإسلامية المتمردة التي تقاتل نظام الرّئيس السّوري بشار الأسد.

لم توقع أي من هذه الدّول على اتفاقية الأمم المتحدة للّاجئين في العام 1951، التي تعرف من هم اللّاجئين وتحدد حقوقهم وكذلك التزامات الدّول لحمايتهم. ولكي يدخل شخص سوري إلى هذه البلاد، سيتوجب عليه تقديم طلب للحصول على تأشيرة دخول، وهي نادرًا ما تُمنَح في الظّروف الحالية. ووفقًا للـ بي بي سي، الجزائر وموريتانيا والسّودان واليمن هي البلاد العربية الوحيدة التي يستطيع مواطن سوري السّفر إليها من دون تأشيرة-  خيار قاس أو أماكن عملية.

وصرّح النّاطق باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، لبلومبرغ، أنّه هناك حوالي 500,000 سوري يعيشون في المملكة العربية السّعودية، على الرّغم من أنهم لم يُصَنّفوا لاجئين، ومن كون موعد وصول أغلبيتهم إلى البلاد غير واضح..

وكالدّول الأوروبية، لدى السّعودية وجيرانها مخاوف من الوافدين الجدد الذين ياخذون وظائف المواطنين، ويمكن لهم أيضًا الاحتجاج بشأن الأمن والإرهاب. لكن الإنفاق على المساعدة الخليجية الحالية للّاجئين السّوريين، التي تبدو نسبة التّبرعات الجماعية فيها وهي أقل من مليار دولار (لقد قدّمت الولايات المتحدة أربعة أضعاف هذا المبلغ) قليلة- ويصبح الأمر أكثر إزعاجًا عندما نلاحظ المبالغ الهائلة التي بذلتها السّعودية والإمارات العربية المتحدة في المجال الحربي في العام الحالي في اليمن ، وهو تدخل يعتبره البعض خطأ استراتيجيًا فاضحًا.

ووفقًا لما يشير إليه بوبي غوش، مدير تحرير الموقع الإخباري كوارتز، تملك الدّول الخليجية، من النّاحية النّظرية، قدرة أكبر بكثير من البلدان الفقيرة المجاورة مباشرة لسوريا، أي لبنان والأردن، على التّعامل مع العدد الكبير من الوافدين.

وللمنطقة القدرة على بناء مخيمات للّاجئين. وينبغي التّعاقد مع شركات البناء العملاقة التي بنت الأبراج الفخمة في دبي وأبو ظبي والرّياض، لإنشاء ملاجئ للتّدفق. تمتلك السّعودية الكثير من الخبرة في تدبير أمور عدد كبير من الوافدين. فهي تستقبل سنويًا الملايين  من الحجاج الوافدين إلى مكة. وليس هناك سبب يمنع تقديم هذه المعرفة للاستخدام الإنساني.

ليس هناك سبب إلا اللامبالاة أو الافتقار الكامل إلى الإرادة السّياسية. يطالب كثيرون بالتّحرك في وسائل التّواصل الاجتماعي. والهاشتاغ العربي #استضافة_اللاجئين_السوريين_واجب_خليجي غُرّد به على تويتر أكثر من 33,000 مرة على مدى الأسبوع الماضي، وفقًا لما ذكرته الـ بي بي سي.

ويقول كاتب العمود، القاسمي، إنّه "على البلدان الخليجية أن تدرك أنه حان الوقت لتغيير سياستهم بشأن استقبال اللّاجئين من الأزمة السّورية. إنها الخطوة الأخلاقية والمعنوية والمسؤولة التي يتوجب اتخاذها".

التّاريخ: 4 سبتمبر/أيلول 2015

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus