غلوبال فويس: المعارضة البحرينية، من طاولات الحوار إلى الزنازين

2015-09-02 - 7:18 م

بتول الموسوي، موقع غلوبال فويس

ترجمة: مرآة البحرين

تُضيق الحكومة البحرينية الخناق على جمعية الوفاق الإسلامية، أكبر جمعية سياسية في البلاد، التي يقبع أعضاؤها الرّئيسيون في السّجن. آخر المعتقلين هو الشّيخ حسن عيسى، الذي قبض عليه في مطار البحرين الدّولي، عند عودته من زيارة لإيران في 18 أغسطس/آب وهو متهم بتمويل "الإرهاب".

استغرق لإعلان عن اعتقاله أخيرًا من قبل وزارة الدّاخلية خمسة أيام. لم يتم الإعلان عن أي معلومات، على الرّغم من الغضب الشّعبي، والاحتجاجات اليومية المطالبة بإطلاق سراحه. في اليوم السّادس، أعلنت وزارة الدّاخلية أن الشيخ عيسى، وهو عضو سابق في البرلمان، اعتُقِل على خلفية "تمويل الإرهاب" -وهي تهمة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى سجن هذه الشّخصية المعارضة لسنوات.

وزارة الدّاخلية:

اعتقال نائب سابق وعضو في جمعية الوفاق على خلفية تمويل الإرهاب

وفي بيان صادر عنها، قالت الوزارة إنه:

"اعتُقِل على خلفية تمويل الإرهاب من خلال تمويله إرهابيين فارين وآخرين على علاقة بأعمال إرهابية.

وقال المدير العام إن المشتبه به استلم تبرعات من مصادر مختلفة، بما في ذلك أموالًا من المشاركين في المسيرات ووزعها كذلك على الفارين المطلوبين. وقد أعطى أيضًا أموالًا لمجموعة إرهابية وأحد أعضائها على الرّغم من إدراكه لنشاطاتهم الإرهابية وساعد في التّغطية على جرائمهم. كذلك أمن ملجأ لأعضاء في المجموعة على الرّغم من اطلاعه على أهدافهم الإرهابية".

عقب هذا الإعلان، احتج كثيرون على الاتهامات المُوجهة ضد النائب السابق الذي فاز في انتخابات العام 2010 بنسبة 92 بالمائة من الأصوات في دائرته الانتخابية في سترة. ونشرت جمعية الوفاق صورًا للاحتجاجات اللّيلية في مدينته.

#البحرين مسيرة في شوارع سترة احتجاجًا على اعتقال الشّيخ حسن عيسى الذي مثلهم في البرلمان في العام 2010.

امرأة بحرينية مجهولة الهوية، تحمل اسم صديقة على تويتر، سلطت الضوء على ملاحقة الحكومة للمعارضين الّناشطين المطالبين بحكم ديمقراطي في المملكة الخليجية:

 

 

في رد سريع، استهدف عشرات الأشخاص على شبكات التّواصل الاجتماعي وزارة الخارجية بصور لشخصيات موالية للنظام جمعت الأموال علنًا وذهبت للقتال مع الجماعات المسلحة في سوريا.

النّاشط البحريني حسن الشّارقي نشر الصورة، قائلًا:

 

ويشير الشّارقي إلى تصريح وزارة الدّاخلية البحرينية بأن الشّيعة ليسوا مواطنين من الدّرجة الثّانية، وهو ما  قاله النّاطق باسمها في مؤتمر صحافي ردًا على النّقد الواسع النّطاق للتّمييز المُنتهج من قبل الدّولة ضد الشّيعة، الذين يشكلون أغلبية المواطنين في البلاد.

بعض الأشخاص الظّاهرين في الصّورة من جهة اليسار كانوا أعضاء في البرلمان البحريني، وقد ذهبوا آنذاك للقتال في سوريا. لقد عادوا الآن إلى البحرين، لكن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات بحقهم حيث إنهم يشغلون حاليًا مناصب حكومية، ويتمتعون بالحصانة. هذا على الرّغم من كون الحكومة جزءًا من التّخالف ضد داعش.

لن يكون صعبًا، بالنسبة لأي مراقب للوضع البحريني، الرّبط بين هذا التّصعيد ضد جمعية الوفاق المعارضة، وبين المحاولات السّابقة للنّظام البحريني لوقف الجمعية وتجريم قادتها.

في يونيو/حزيران الماضي، حكمت محكمة بحرينية بالسّجن أربع سنوات على زعيم جمعية الوفاق الشّيخ علي سلمان. وستعيد محكمة الاستئناف النّظر في الحكم في 15 سبتمبر/أيلول. اتُّهِم سلمان بالتّحريض العلني على الكراهية والإخلال بالسّلم الأهلي والتّحريض على العصيان المدني للقانون، وإهانة المؤسسات الرّسمية والتّرويج لتغيير النّظام عن طريق القوة العسكرية، بالإضافة إلى تهم أخرى. دانته المحكمة على خلفية التّهم الثلاث الأولى، ووجدته غير مذنب بالتّهم الأخيرة التي يعاقب عليها بالسّجن لمدد أطول. تعرض الحكم لنقد دولي حاد. خليل المرزوق، المساعد السّياسي للشّيخ سلمان، سُجِن لأكثر من شهر في أواخر العام 2013 إلى أن استجابت المحكمة أخيرًا للضّغط الدّولي وأسقطت التّهم الموجهة إليه. اتُّهِم المرزوق أيضًا بالتّحريض على العنف والإرهاب. لكن المحاكمة لوقف جمعية الوفاق ما تزال جارية.

ومع وجود اثنين من قادة الوفاق البارزين، الشّيخ حسن عيسى ومجيد ميلاد، وكلاهما نائبان سابقان، خلف القضبان، جنبًا إلى جنب مع الأمين العام، سألت غلوبال فويس خليل المرزوق عما يمكن أن تؤدي إليه هذه المحاكمات في البحرين.

وقال المرزوق إنه "يمكن لتشويه صورة الوفاق أن يؤدي إلى عزلها داخليًا ودوليًا، وهذا من شأنه أن يضع الحكومة في موقف أقوى للتّهرب من الإصلاح الحقيقي". لكه بدا واثقًا بأن الحال لن يكون كذلك.

وأضاف المرزوق أن "السلطات البحرينية تضلل نفسها باتهامها قادة الوفاق بتهم زائفة لا يستطيع أحد تصديقها. هذا لوجود ثقة بكون الوفاق انتهجت مسلكًا وطنيًا غير عنيف وأجندا إصلاحية منذ تشكيلها. هذا على الرّغم من الظّروف الصّعبة على مدى السّنوات الأربع الماضية".

يعتقد كثيرون أن الحكومة تريد إبعاد الوفاق عن أي تسوية سياسية في المستقبل، بهدف إجراء أقل كمية ممكنة من التّنازلات.

 

أُسقطت جنسيات نواب سابقين تابعين للوفاق و/أو اعتُقِلوا وعُذّبوا منذ العام 2011. بدأ الأمر عندما استقالت كتلة الوفاق النّيابية من البرلمان احتجاجًا على القمع الوحشي للتّظاهرات الواسعة النّطاق المطالبة بالحقوق السّياسية والاقتصادية، وانطلاق الاحتجاجات المناهضة للحكومة في البحرين، عند بدء ما دُعي بالربيع العربي.

ليست الوفاق الوحيدة في خطر مع استمرار الحكومة بقمع كل أشكال المعارضة. ما يزال أعضاء بارزون، من جماعات معارضة أخرى، معتقلين في حين تتم محاكمتهم على خلفية تهم مماثلة. يواجه ابراهيم شريف، المعارض العلماني البارز تهمًا بمحاولة إسقاط الحكومة، والتّرويج للتّغيير السّياسي من خلال اللّجوء إلى القوة والتّحريض على الكراهية في خطاب ألقاه الشّهر الماضي، في تأبين صبي يبلغ من العمر 16 عامًا، قُتِل برصاص الشّرطة. وتمتد اللّائحة لتشمل مدافعين عن حقوق الإنسان وصحافيين ومصورين وأفراد من الكادر الطّبي، ورياضيين وآلاف المواطنين العاديين محتجزين جميعهم في زنازين مكتظة في السّجون.

يمتلك اللنّظام البحريني سجلًا هائلًا بـ "تجريم المعارضة".

هل يكون من المفاجئ اتهام شخصية بارزة من الوفاق بتهم متعلقة بالإرهاب لدى عودتها من إيران؟ فكما المملكة العربية السّعودية والعراق وسوريا، إيران موطن للمقامات الإسلامية المقدسة التي يزورها آلاف البحرينيين كل عام. هي أيضًا مركز لجامعات إسلامية مشهورة. مع ذلك، بدلًا من تخفيف التّضييق على الحريات، أعلنت الحكومة البحرينية مؤخرًا عن أنّها ستنظم السّفر إلى مناطق النّزاعات على وجه الخصوص، مع وضع أنظمة سفر خاصة بالأفراد تحت الـ 18 عامًا.  

    Zaid Benjamin

✔@zaidbenjamin

البحرين ستنظم سفر مواطنيها إلى مناطق النّزاع وأولئك الذين لا يتجاوز عمرهم 18 عامًا.

لا يعني هذا فقط المزيد من التّضييق على الحريات الدّينية وحرية التّنقل، لكن يمكن اعتباره نية لعزل شيعة البحرين عن نظرائهم الأيديولوجيين في المنطقة، وتجريم أي محاولة تحصل لتجاوز هذا الحاجز الجديد.

يلوم المدافعون عن حقوق الإنسان الولايات المتحدة على خلفية تساهلها الشّديد مع "حليفها الاستراتيجي" منذ فترة طويلة، البحرين، التي تشكل موطنًا للأسطول الأمريكي الخامس. في يونيو/حزيران، رفعت الولايات المتحدة الحظر الذي كانت قد فرضته على المساعدات العسكرية للبحرين، متذرعة بـ "إصلاحات ذي مغزى" حتى مع ازدياد حدة المأزق السّياسي. ومع الزّج بقادة المعارضة "المعتدلة" الذين كانوا حاضرين مرة على طاولات الحوار في السّجن، واحدًا تلو الآخر، لا يظهر أي بصيص لتسوية سياسية في الأفق.

التّاريخ: 28 أغسطس/آب 2015

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus