إرين كيلبرايد: وصف نبيل رجب بالناشط "الشّيعي" أمر خطير

2015-07-27 - 8:16 م

إرين كيلبرايد، موقع مفتاح

ترجمة: مرآة البحرين

في الخليج، أصبح الانقسام السّني-الشّيعي التّفسير الأسهل والأشمل لمعظم أنواع الصّراعات الاجتماعية والجيوسياسية. من الاشتباكات بين المحتجين والشّرطة في القرى البحرينية إلى الغارات الجوية السّعودية على المتمردين الحوثيين في اليمن، تميل وسائل الإعلام (الغربية) إلى المبالغة في تبسيط القضايا واستخدام كلمة "الطّائفية" وإخفاء حقيقة المطالب السّياسية الشّرعية التي تكمن وراء هذه الأحداث.

في البحرين، المطالب المناهضة للنّظام الحاكم السّني، من قبل المعارضة، وغالبيتهم من الشّيعة، مرتكزة إلى الدّين. وهي تعود إلى عقود من التّهميش الذي عانت منه الغالبية الشّيعية من السّكان. ولطالما ندّد النّاشطون من أجل حقوق الإنسان في البحرين بعملية عزل الصّراع في الإطار الطّائفي وشدّدوا على أنّهم، والشّريحة التي يمثلونها، يطالبون بحقوق الإنسان الأساسية. ووصف هذا الصّراع بكونه "شيعيًا" فقط يلغي شرعية أهدافهم ويعزز الانقسام الذي يغذي السّياسات الأكثر شدّة  للدّولة.

ومع ذلك، لا يزال بعض رؤساء تحرير الصّحف الغربية لا يرون أي مشكلة في وصف المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين بــ "النّاشطين الشّيعة".

يوم الاثنين، في 13 يونيو/حزيران، عفا الملك البحرين حمد عن نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان. وبعد لم شمل نبيل رجب مع عائلته يوم الاثنين مساء، أفادت وكالة الأنباء الفرنسية أ.ف. ب.، عبر موقع ميدل إيست آي، أن "الملك البحريني يعفو عن النّاشط الشّيعي نبيل رجب لـ "أسباب صحية"".

ربّما، بعد معرفة الطبيعة الإشكالية ( وغير الملائمة) لوصف رجب بـالنّاشط "الشّيعي"، تمت إزالة كلمة "شيعي" من عنوان المقال يوم الأربعاء.

الاستخدام المستمر للّهجة الطّائفية في نقل أخبار المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان في البحرين تستوجب إجراء تفكير أدق في عبارة "ناشط شيعي". وإليكم بعض الطّرق التي يمكن فهمها بها:

شيعي كإشارة إلى دين الّناشط: "شيعي" هي صفة تقيد النّاشط نفسه، كما عند الإشارة إلى "ناشط أسود"، "ناشطة أنثى"، أو "ناشط بحريني". الكلمة تصف النّاشط نفسه ولا تفيد بالضّرورة شيئًا عن المجموعة أو القضايا التي يعمل عليها النّاشط. "امرأة مدافعة عن حقوق الإنسان"، على سبيل المثال، هي مدافعة عن حقوق الإنسان يتم تحديد كونها امرأة. قد تعمل أو لا تعمل على قضايا مختصة بحقوق المرأة. "ناشط شيعي"، في هذا السّياق، قد يعمل أو لا يعمل على القضايا المتعلقة بحقوق الشّيعة.

شيعي في إشارة إلى نوع النّشاط: تدل كلمة "شيعي" على نوع النّشاط الذي ينتهجه الشّخص. ، كـ "ناشط لا عنفي" أو "ناشط فنان"، ما يوحي بأنّه هناك نوع أو تكتيك من النشاط الذي ينحصر فقط بـ "الشّيعة".

شيعي كأساس لمطالبتهم ببعض الحقوق: "شيعي" هي الأساس للمطالبة بالحقوق، كما في "حقوق الموظفين" (الحقوق التي تمتلكها لأنك موظف) أو "حقوق الإنسان" (الحقوق التي تمتلكها لأنك إنسان).

الآن، فلننظر في كيفية تطبيق هذه الخيارات على قضية نبيل رجب:

شيعي في إشارة إلى دين نبيل رجب:  يبدو الأمر معقولًا بقدر كون "شيعي" هي الصّفة التي تسمح للقراء بفهم مضمون قصة رجب. في هذه الحال، تكون عبارات "اعتُقِل تعسفيًا"، و"بارز" و"لا عنفي" قد وصلت معانٍ أكثر من كلمة "شيعي" لقراء الوكالة الفرنسية للأنباء.

شيعي في وصف نشاطه: وهذا وصف يتداعى بسرعة. في أربع سنوات من الالتزام بدراسات السّلام، وثلاث سنوات من البحث في الحركات الجتماعية في الخليج، وساعتين من البحث عبر محرك غوغل، لم أكتشف بعد أي نوع من النّشاط "الشّيعي". قد يتم الاستناد في الشّعارات والأناشيد والرّموز إلى المعتقدات التّأريخية؟، لكن يتم تقاسم  تكتيكات المقاومة عبر الأديان والثّقافات.

شيعي كهوية تنطلق منها المطالبة بالحقوق: يعمل رجب نيابة عن السّكان البحرينيين المُهَمّشين. وهؤلاء لا يدعون أنّهم يستحقون بعض الحقوق والحرّيات على خلفية كونهم شيعة. وفي كل مسيرة، ومجموعة على الفايسبوك، ومنشور على الانستغرام، وخطبة جمعة، يطالب النّاس بالاعتراف بحقوق الإنسان الخاصة بهم، وحدها.

لا يهم كيف تبرزون الأمر، نبيل رجب مدافع عن حقوق الإنسان، يدافع عن حقوق الإنسان الخاصة بالبشر. وصفه بـ "النّاشط الشّيعي" ليس مجرد تسمية خاطئة، بل يحط من المطالب المشروعة للشّعب البحريني، وله آثار خطيرة في زيادة توسع الخطابات الطّائفية من الخليج إلى بقية منطقة الشّرق الأوسط.

في فبراير/شباط 2015، أي قبل أربعة أشهر من قتل انتحاري من داعش 23 مصليًا في مسجد شيعي في الكويت، شرحت الصّحافية نسيبة يونس في صحيفة وال ستريت جورنال كيف يمكن للخطاب الطّائفي للحكومات الخليجية أن يدوي في أماكن كالعراق:

يلوم العراقيون الشّيعة حلفاء الولايات المتحدة في الخليج لنشرهم تفسيرات متطرفة للإسلام  تبرز الشّيعة كمهرطقين. بالفعل، لا ينظر عدد من العراقيين الشّيعة إلى داعش كمشكلة منعزلة، بل كنتاج لشبكة من عدم التّسامح، تمتد في المنطقة، وتعود جذورها إلى خطابات العلماء الممولين من قبل الدّولة في الخليج.

يجب على الولايات المتحدة البدء بإدانة حلفائها في العالم الإسلامي علنًا عند قيامهم بقمع شعوبهم الشّيعية، وبالاستثمار في قطاعي الخدمات والبنية التّحتية في الجنوب الشّيعي في العراق.

وعلى الرّغن من التّحليلات الكثيرة للكاتو، والبيزنس إنسايدر وفورين بوليسي، وغيرها من الصحف، والتي تبرز الاستفادة الأساسية لداعش من التّوترات الطّائفية، تواصل وسائل الإعلام وصف عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان، كثل نبيل رجب، بـ "النّاشطين الشّيعة".

في أعقاب الهجوم الذي وقع مؤخرًا في الكويت والتّقارير عن أنّ داعش قد يكون يخطط لاستهداف الشّيعة البحرينيين في المرحلة المقبلة، فمن الأهمية بمكان أن تمتنع وسائل الإعلام الغربية عن تقويض المطالب السّياسية والحقوقية الشّرعية للنّاشطين العرب من خلال عدم الإشارة إلى مذهبهم.

الشّعب البحريني لا يطالب بـ "حقوق الشّيعة". لا أحد يقول: "لدي الحق في حرية التعبير لأني شيعي". نبيل رجب لا يدافع عن حرية التّعبير كشيعي، مستخدمًا النّشاط الشّيعي، للدّفاع عن الشّيعة الآخرين.

استخدام مذهبه للتّعريف عن عمله ليس فقط أمرًا غير ملائم، بل هو خطير - للبحرين، للخليج وللخارج.

التّاريخ: 20 يوليو/تموز 2015

النّص الأصلي:


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus