وزير الداخلية "يُكوّك" ماكنات الكراهية.. خطاب التكفير والإبادة يعود تحت وسم #لا_للتدخلات_الإيرانية
2015-07-26 - 2:07 ص
مرآة البحرين (خاص): أطلق وزير الداخلية البحريني راشد بن عبدالله آل خليفة حملة إعلامية لإدانة تصريحات إيرانية حول البحرين. لكن بعد ساعات من ذلك تبيّن أنها حملة ضدّ الشيعة. وتحوّل وسم #لا_للتدخلات_الإيرانية الذي اختير ليكون عنواناً للحملة على شبكات التواصل الاجتماعي والمنابر الحكومية الأخرى إلى رافعة لتجديد خطاب التكفير والكراهية ضدّ المواطنين الذين يشكلون أغلبية البلاد ويعانون من التمييز والفقر.
وصلة عالية من الشتائم يشترك فيها رجال دين ومسئولون وموالون للحكومة بلغت حدّ المطالبة بإبادة الشيعة.
ويقول عضو مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين أحمد المالكي إن الحل إلى أتباع الولي الفقيه هو "الإبادة".
أما البرلماني السابق ورجل الدين المتشدد الشيخ جاسم السعيدي فقد وجد في دعوة وزير الداخلية سانحة للعودة إلى منبره السابق كرأس حربة على جبهة الحرب المذهبية. إذ صرح في أحدث خطبة له بأن "ولاية السفيه (الفقيه) جندت أناساً في الداخل، دفعت لهم وسلحتهم ومع ذلك نحن نمكّنهم على رقاب أهل التوحيد"، مضيفاً "نحن نتكلم على مسألة عقدية وعدو عقيدتنا لن يتغير".
يبدو أن السعيدي يلبي حاجة مكتومة لدى السلطات كلما أرادت تصويب السهام إلى الشيعة. لقد أوقف في 5 يونيو/ حزيران الماضي حواليّ أسبوعين إثر خطبة هاجم فيها الشيعة تزامنت مع تفجيرات في مساجد بالسعودية نفذها تنظيم "داعش". وتدخل وزير العدل والشؤون الإسلامية خالد بن علي آل خليفة في 8 يوليو/ تموز 2015 ليأمر بإعادته لإمامة المصلين والخطابة في جامع سبيكة النصف بمدينة عيسى جنوب غربي البلاد. فيما اعتبرت إدارة الأوقاف السنية أن التصريحات التي نسبت له اقتطعت من سياقها ونقلت بشكل مجتزأ.
لم يكد يمر أسبوعان على ذلك حتى عاود السعيدي التصويب على أهدافه المفضلة. ويقول في خطبته ليوم الجمعة 24 يوليو/ تموز 2015 التي خصّصها بالكامل لدعم الحملة التي دعا لها وزير الداخلية "هؤلاء (الشيعة) حتى لو أعطيتموهم وزيرا أو أكثر من وزارة لن يكونوا معكم، سيخدعونكم باسم التقية. التقية دينهم الذي ارتبط بحياتهم"، على حد تعبيره.
حتى ما قبل أسبوعين من الآن كانت السلطات تتظاهر بنيّتها التصدي لحملات الكراهية الموجهة. وبدا أن قيام "داعش" بتفجير أحد المساجد الشيعية في الكويت قد أيقظ حساً لديها بمستوى الخطورة العالي في مواصلة اللعب بورقة الجماعات المتطرفة. وقادت لذلك دعوات لإقامة صلوات موحدة بين السنة والشيعة. لكنّ ذلك لم يدم سوى أسبوعين فقط.
وتكشف الحملة المستجدّة على شيعة البلاد عن أن تلك الدعوات التي قادتها شخصيات محسوبة على ولي العهد ليست سوى ألاعيب لتمرير أزمات مؤقتة وتبرئة ساحة السلطات.
يشغل أحمد المالكي عضوية مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، وهي هيئة حكومية أنشئت بقرار من الملك في 2013 لمراقبة السجون بعد حوادث التعذيب التي تطرّق لها تقرير لجنة تقصي الحقائق. المالكي يشغل أيضاً منصب أمين عام جمعية "كرامة" لحقوق الإنسان، لكنّ لديه رأياً لافتاً في كيفية التعامل مع الشيعة. بدلاً من إدانة الممارسات التمييزية ضدهم فهو يدعو إلى إبادتهم. نعم الإبادة.
إذ علق رداً على تقرير نشرته "مرآة البحرين" وحوى نقداً لوزير الداخلية قائلاً "لا يمكن أن يكسب نظام ولاء الصهاينة لذا قرر هتلر إبادتهم، وأنشأت بريطانيا مستعمرتهم في فلسطين، وهذا ما يجب فعله مع ولاية الفقيه".
أما عبير الجلال العضوة السابقة في "تجمع الوحدة الوطنية" و"ائتلاف شباب الفاتح" فلديها حل آخر "سحب جوازاتهم والترحيل. عملاء إيران لا نتشرف بهم".
لقد لاحظات إحدى المغرّدات بأن هاش تاغ #لا_للتدخلات_الايرانية أفرز المزيد من الفتنة والبذاءة والطائفية. في الحقيقة إن هذا ما كُرّست له الحملة إلى حد بعيد. إن كلمات مثل أتباع "ولاية الفقية" أو "ولاية السفيه" أو "المجوس" و"الصفوية" و"الرافضة" و"أبناء المتعة" و"عملاء إيران" ما هي إلا توريات بلاغيّة لتفادي القول بشكل صريح "شيعة". وتتفنن جماعات الحكومة في ابتكار هذه الصيغ البديلة لتلافي إحراج السلطات أمام دعوات المساءلة.
ويقول البرلماني السابق الشيخ ناصر الفضالة عضو جمعية "المنبر الإسلامي" الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في البحرين "نقول لجرذان إيران وعملائها الذين أزعجهم هاشتاغ #لا_للتدخلات_الإيرانية كشفتم عوراتكم بعويلكم وسبابكم الوقح. ما أكبر صولة التومان في قلوبكم".
ويضيف في السياق نفسه "لا مكان بين أبناء شعب البحرين لهرطقات الولي الفقيه ولا لغطرسة ملالي فارس وطغيانهم"، وفق تعبيره.
يشغل خطاب الشتيمة حيزاً مهماً في الدعاية الحكومية الموجهة ضدّ الشيعة منذ اندلاع الاحتجاجات. وقد أقرّت لجنة تقصّي الحقائق التي ترأسها القاضي محمود شريف بسيوني للتحقيق في أحداث العام 2011 باستخدام التلفزيون الوطني والإذاعة الوطنية في كثير من موادهما "لغة مهينة وتحريضيّة للأحداث". كما أشارت إلى أن المحتجين "تعرضوا للتعذيب وهددوا بالاغتصاب وإهانة طائفتهم الشيعية". ورغم نفي اللجنة في تقريرها العثور على أي دور لإيران في الاحتجاجات إلا أن الحكومة ما تزال تعتمد على اصطناع هذا الدور كوسيلة للتشكيك في ولاء المواطنين الشيعة.
ويخاطب موقع "المنامة برس"، وهي شبكة إخبارية على مواقع التواصل يديرها عاملون إلكترونيون يتبعون بشكل مباشر مستشار الملك للشئون الإعلامية نبيل الحمر من يسميهم "عملاء إيران" قائلاً "مرشدكم عراكم أمام العالم ولم يتبق لكم سوى جوازات سفركم تغطون بها عوراتكم فهي فقط ما يربطكم بهذا الوطن". أما المغرد ناقد حر فيقول "البحرين جزء لا يتجرأ من دول الخليج والدم واحد.. يا أيها الصفويون (أنتم) أنجس من وطأ على (هذه) الأرض". لقد أطلقت دعوة وزير الداخلية المكبوت من عقاله ووجد المتطرّفون فرصتهم للتنفيس. على الأقل إلى أن تتم الدعوة إلى صلاة موحدة جديدة.