مراسل بي بي سي: سألني الملك حمد لماذا يقول الناس إنني دكتاتور أنا لست مثل بشار الأسد

2015-05-30 - 6:31 م

مرآة البحرين: قال فرانك غاردنر مراسل الشؤون الأمنية في هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، إنه في مطلع العام 2011، بدا أن البحرين ستكون أول دول الخليج العربي التي تصل إليها حركات التغيير، فيما اصطلح عليه باسم "الربيع العربي"، حين خرج الآلاف في الشوارع، يطالبون بإصلاح، ثم إسقاط الأسرة الحاكمة. ووقعت اشتباكات مع قوات الأمن، سقط على إثرها ضحايا وحدثت انتهاكات عدة لحقوق الإنسان، وأجرت هيئة تحقيق دولية تحقيقات في هذا الشأن، لكنه اليوم وبسبب الصراعات المنتشرة في العالم العربي، اختفت البحرين من نشرات الأخبار، وأصبحت الأجواء فيها هادئة بشكل عام".

متسائلاً "ما الذي حدث للثورة والآمال في الإصلاح؟".

ونقل مراسل بي بي سي عن أحد الدبلوماسيين الغربيين قوله إن "العنف في الشارع بلغ أدنى مستوياته منذ سنوات، مما يعكس حالة التعب التي وصلت إليها القرى (ذات الأغلبية الشيعية)"، لكنه أضاف إن "منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الانسان تقول إن الأوضاع في البحرين تستمر في الانهيار".

وتابع "قال أحد معارضي الحكومة، الذي رفض نشر اسمه، "انتصرت الشرطة بقبضتها الحديدية. الكثيرون في السجون، سواء متظاهرين أو مدونين. استطاعت الشرطة إخماد الاحتجاجات، وعزل المناطق الشيعية في غضون ثلاثين دقيقة. لا يوجد حوار حول الديمقراطية، ولا مشهد إيجابي في الأفق."

وأردف "لكن الأمين العام لاتحاد المغتربين في البحرين، بيتسي ماثيسون، من اسكتلندا، ترى أن الأوضاع في تحسن، " فالاقتصاد يزدهر. نسبة إشغال الفنادق في ازدهار، والحكومة تستثمر في السياحة بشكل كبير، وعلى من يريد التغيير أن يدفع باتجاهه بشكل ديمقراطي، وليس بالشغب. تحتاج البحرين إلى معارضة قوية وموثوقة، وهي فرصة فاتتهم" موضحاً أن ماثيسون "تشير بحديثها إلى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي قاطعها حزب الوفاق، أكبر الأحزاب المعارضة، وهي الخطوة التي انتقدها المراقبون الدوليون".

وأكمل "قال الدبلوماسي الغربي "عندما قاطع حزب الوفاق البرلمان، انتخبن العضوات الشيعيات كمستقلات، وهي خطوة إيجابية".

ولفت الكاتب إلى أن "زعيم حزب الوفاق الشيخ علي سلمان، قد اعتقل في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي. ومن المنتظر أن يحكم عليه في 16 يونيو/حزيران القادم، ويخشى أن يأجج الحكم الاحتجاجات في الشوارع، وقال المتحدث باسم حزب الوفاق، على الأسود "حاليا، لا يوجد حوار بين المعارضة والحكومة. كل شيئ معلق، وقادتنا في السجون. البحرين غير مستقرة، وتوجد أزمة اقتصادية ".

وقال غاردنر إن "من بين المعارضين المسجونين، الناشط المعارض نبيل رجب، مما سبب القليل من الاحتجاج الدولي. وهو قليل لأن حلفاء البحرين، كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة، تتعامل مع الإصلاح في البحرين بهدوء، إذ يطلبون من الأسرة الحاكمة بهدوء أن يوفروا المزيد من الوظائف والفرص والحريات السياسية للغالبية الشيعية من سكان البحرين، ويسميها الدبلوماسيون "التدخل الحرج والبناء". لكن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تخشيان الإلحاح في الدفع بالبحرين باتجاه التغيير، إذ تملكان قاعدة عسكرية حيوية في هذه المنطقة، والقاعدة تعرف بميناء سلمان، وهي مقر الأسطول البحري الخامس للولايات المتحدة. وبجانبها يجري إنشاء أول قاعدة بريطانية دائمة في الشرق الأوسط منذ عام 1971".

وأشار الكاتب إلى أن البحرين "تبعث بأمراءها لتلقي التدريب العسكري في الأكاديمية الملكية الحربية في بريطانيا، حتى أن إحدى قاعاتها سميت باسم الملك حمد، حاكم البحرين الذي تلقى تدريبه هناك"، مضيفاً أن "البعض رأى السفير البريطاني السابق، جايمي بودين، شديد التودد للمعارضة، وشديد النقد للحكومة. وانتهى الأمر بأن همشته الحكومة البحرينية، لكنه شهد أثناء فترة إقامته في العاصمة البحرينية، المنامة، أسوأ موجات العنف".

وتحدث غاردنر عن زيارته للبحرين أبريل/نيسان 2011 قائلاً "عندما زرت البحرين، كانت فعليا تحت القانون العسكري. كانت المدرعات في الشوارع، وفرض حظر للتجوال من الفجر وحتى الغروب، وانتشرت دوريات الشرطة في الشوارع ومعها بنادق رصاص مطاطي، لتهدد السائقين الشيعة، وحضرت مؤتمرا صحفياً لوزيرة حقوق الإنسان، فاطمة البلوشي، نفت فيه الاتهامات بتعذيب الشرطة للمتظاهرين المحتجزين، وقد واجهتها أمام الكاميرا بأني شهدت في صباح هذا اليوم جنازة في ضاحية السهلة الشمالية، وكان المتوفى محتجزا لدى الشرطة، وقد كشف جزء من جسده، كان ظهر المتوفى مخططا كالحمار الوحشي، حيث ضربه محتجزوه حتى الموت".

وأوضح غاردنر "دفعت مثل هذه الحوادث الملك حمد إلى تكليف هيئة لتقدم تقرير شديد المكاشفة والنقد، نادى بإجراء الكثير من الإصلاحات، خاصة في الشرطة، وقد التقيت بالملك حمد في أواخر عام 2011، قرب موعد إصدار التقرير، وكان متوترا بشأن الأحداث الدائرة في البلاد، وقال لي "لماذا يقول الناس إنني ديكتاتور. أنا لست مثل بشار الأسد. أنا أستمع إليهم وأريد الإصلاح"، مشيراً إلى أن المراقبون لا زالوا يناقشون ما إذا كانت هذه الإصلاحات كافية".

وزعم الكاتب أن "انتهاكات الشرطة في أماكن الاحتجاز أصبحت أقل بكثير. وأصبح لزاما على الضباط حضور تدريب لحقوق الإنسان في أوروبا، ووضعت كاميرات مراقبة في أماكن الاستجواب. لكن الثقة محدودة في كبار المسؤولين" إلا أنه استدرك بالقول "وأصبحت أخبار البحرين غير متواجدة بشكل كاف في وسائل الإعلام، وابتعد محررو الأخبار الذين يزورون البحرين عن إظهار الصور الدرامية، إذ أن شوارع المنامة أصبحت هادئة".

ولفت غاردنر "يحتاج تصوير الاشتباكات إلى زيارة القرى الشيعية في نهايات الأسبوع، لتغطية الاشتباكات بين الشباب وقوات الشرطة، حيث يلقى المحتجون قنابل المولوتوف المحلية، في حين ترد الشرطة بقنابل الغاز والضرب بالهراوات، ولإحداث توازن في التقارير، يلجأ الصحفيون إلى تمثيل الحكومة من خلال المسؤولين الذين يجرون حوارات في مكاتبهم المكيفة، ويؤكدوا على استقرار الأوضاع في البحرين".

وتابع "بين الفريقين، يضيع آلاف المواطنين العاديين، كأصحاب المحال ورجال الأعمال، سواء من السنة أو الشيعة، الذين يريدون متابعة أعمالهم، وتقليل الفساد بين كبار المسؤولين"، مضيفاً "ويقع بذلك المواطنين البحرينيين بين مطرقة المتطرفين الشيعة، الذين تتهمهم الحكومة بتلقي تمويل إيراني، ويريدون الإصاحة بالنظام، وبين سندان المتشددين السنة الذين يريدون سحقهم بلا رحمة".

وختم مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية فرانك غاردنر بالقول "من خلال زياراتي، يمكنني القول بأن هذه الغالبية الصامتة لا تسعى إلى الثورة، ولكنها بحاجة إلى الإصلاح. وكلما حكمت البلاد بإنصاف، كلما زادت الفرص في تجنب عودة أيام 2011 المظلمة" على حد قوله.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus