هل تتورط البحرين في معركة برية باليمن بقرار سعودي؟

2015-04-15 - 5:07 م

مرآة البحرين (خاص):

الزمان: صباح الأربعاء 25 مارس/آذار 2015

المكان: نادي ضباط قوة دفاع البحرين

الحدث: ندوة سياسية بعنوان (الأزمة اليمنية ... التطورات الراهنة وسيناريوهات المستقبل)

مرآة البحرين (خاص): كان مفاجئاً للمهتمين قراءة خبر تنظيم قوة دفاع البحرين ندوةً سياسية عن اليمن لمنتسبيها، لكن الساعات التي أعقبت هذا الحدث، جعلته منطقياً، ففي أقل من 24 ساعة من هذه الندوة وتحديداً فجر الخميس 26 مارس/آذار 2015، أعلنت دول مجلس التعاون (عدا عمان) بدء عملية "عاصفة الحزم" للقضاء على الحوثيين وإعادة ما أسمته بـ "الشرعية" لليمن متمثلةً بالرئيس اليمني الفار عبد ربه منصور هادي والذي يقيم في السعودية حالياً .

البحرين حليف تابع للنظام السعودي ومدين له. خاصة بعد الدور الذي لعبه الأخير في قمع الاحتجاجات البحرينية الأضخم في 2011 والإبقاء على النظام الذي كان على وشك الإنهيار، فضلاً عن توفير الغطاء الإعلامي والاقتصادي والدولي له. منذ ذلك الحين سيطرت الرياض على القرار السياسي في الرفاع. ووجد النظام البحريني نفسه في واجب الامتثال لأمر ولي أمره السعودي فيما يتعلّق بقرار الأخيرة في الحرب على اليمن.

عُقدت الندوة السياسية التي نظمتها وزارة الداخلية في نادي الضباط  قبل إعلان الحرب بيوم واحد. كان واضحاً أن تحركاً عسكرياً على وشك الوقوع، وأن قراراً قد تم إمضاؤه. تم دعوة ضباط الجيش، وقدم المنتدون شرحاً مفصّلاً عن اليمن وأهم الأطراف الفاعلة فيها، وبالتأكيد كان لا بد من التحشيد والتجييش النفسي والعاطفي. تم استدعاء السيناريوهات المكررة والمعاد استخدامها في تجييش مشاعر الكراهية والقتال ضد الشيعة، والتحذير من خطورة ما يسمى بالمد الشيعي ووجوب الجهاد ضد التهديد الذي تقول الأنظمة الخليجية أن إيران تمثله في المنطقة .

بطبيعة الحال ليس ذلك جديداً على المشاركين والحضور في الندوة، فذلك جزء من العقيدة القتالية التي يعتنقونها، والتي أسسها النظام البحريني لمنتسبي الداخلية والدفاع (غالبيتهم أجانب أو متجنسين) تجاه الشيعة بشكل عام، وغالبية الشعب البحريني المنتمين للطائفة الشيعية بشكل خاص. لقد أسس لذلك مستعيناً بالكتب التي توزع على العسكريين وتطبع في وزارة الدفاع (قسم الإرشاد الديني) ضد من تسميهم الرافضة (الشيعة).  ولعل تغريدات الناطق الرسمي باسم الجيش خالد البوعينين وهو يصف الشيعة بأبناء المتعة، أو يتهم رجال الدين الشيعة بالزنا. لم تكن مُفاجئة. كذلك دعوة خطيب جامع النصف، السلفي الجهادي عادل الحمد عناصر الجيش والشرطة لتقديم المساعدة العسكرية للمتطرفين في سوريا، ولا مستغرباً انضمام أفراد من الجيش البحريني لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، وهو ما عناه الحقوقي نبيل رجب حين وصف الداخلية والجيش في البحرين بأنهما تُشكلان الحاضنة الأيدلوجية الأولى للمتطرفين البحرينيين الذي يقاتلون في صفوف التنظيمات الإرهابية.

بهذه العقيدة، شاركت البحرين في الحرب على اليمن وروّجت لها سياسياً وعقائدياً (وزير الخارجية خالد آل خليفة قال إنها حربٌ في سبيل الله)، لكنها حربٌ سهلة، 12 مقاتلة من سلاح الجو الملكي، تُنفّذ طلعات جوية، تقصف أهدافاً محددة وتعود أدراجها، الأمر لا يحمل أي مخاطرة في العرف العسكري، سوى صرف بضع ملايين من الدولارات، وبالتأكيد فإن السعودية لن تبخل على البحرين، وستسدد الفاتورة دون أية مشاكل.

لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، تطورات أخرى حدثت. وجد السعوديون أنفسهم حائرين، أمام ضربات جويّة لم تحدث فارقاً في موازين القوى الداخلية باليمن، أنصارالله يتقدمون رغم الضربات، ويتوسعون شمالاً وجنوباً، يسيطرون على أماكن استراتيجية، مضيق باب المندب صار في يدهم، منشآت نفطية، مؤسسات حكومية، عدن وغيرها، لم تحقق الحرب نتائجها المرجوّة، استشعر السعوديون الخطر وبدأوا بدراسة خيار الدخول البرّي.

جرّب السعوديون الحرب البريّة ضد أنصار الله في 2009، عادوا خائبين، ولو لا وساطة قادها ذلك اليوم الرئيس السوري بشار الأسد، لبقيت مناطق حدودية سعودية محتلة من قبل جماعة أنصار الله. لذلك يريد السعوديون الآن القتال برياً مستعينين بجيوش بلدان أخرى؛ تمنّعت تركيا، ورفضت باكستان.

التقرير الذي نشرته صحيفة القدس العربي اللندنية قال إن الأردن والإمارات ترفضان المشاركة البريّة في الحرب على اليمن، وذلك يعود -وفق القدس العربي- لتقرير فني أمريكي لا ينصح بالمواجهة البريّة، ماذا عن مصر والبحرين والكويت؟ يجيب التقرير إن هذه الدول متحفظة بخجل من المشاركة البرية. وما أشيع مؤخراً عن دخول قوات برية مصرية لليمن، نفاه المتحدث باسم الجيش المصري، مؤكداً أن القوات المشاركة هي جوية وبحرية فقط.

التحفظ بخجل، هو تحفظ الابن الذي لا يجرؤ على قول كلمة «لا أوافق» أو «لا أستطيع» أو «ليست لدي القدرة» لولي أمره، وهو يعرف تبعات هذا القول وما سيقع عليه من غضب ولي أمره؛ ليس أقلها الحرمان من المصروف.

أحد أمراء حرب اليمن محمد بن سلمان نجل الملك السعودي، وزير الدفاع ووزير ديوان أبيه، والذي ينظر إليه كشاب طموح يفتقد الخبرة، وأحد من ورطوا السعودية في المستنقع اليمني، يقوم حالياً بجولات مكوكية، زار الملك البحريني، وزار مصر أيضاً للقاء المسئولين هناك، يعتقد البعض أن الهدف من الزيارة هو إقناع هؤلاء بالمشاركة البرية، لكن ليس لدينا تأكيد.

يبقى ثمة تساؤل مقلق: هل ستتورط البحرين في هذه الحرب بريّا، وهل سترى نفسها مجبرة على طاعة السعودية حتى الرمق الأخير من هذه الحرب المجنونة؟ هل يمكنها أن تخرج من (جيب السعودية) على حد تعبير روبرت فيسك للعلاقة بين البلدين؟

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus