ميدل إيست آي: أسماء درويش: كان بإمكان المملكة المتحدة إيقاف تعذيب زوجي في البحرين

2015-04-01 - 6:08 م

أسماء درويش، ميدل إيست آي

ترجمة: مرآة البحرين

زوجي، حسين جواد، في السجن منذ أكثر من شهر. في كل يوم، أستعيد في ذاكرتي مشاهد من تلك الليلة التي اعتقله فيها أمن الدّولة من منزلنا في البحرين.

حسين مدافعٌ عن حقوق الإنسان ورئيس المنظمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان (EBOHR).

اعتُقِل في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل في 16 فبراير/ شباط على يد 15 رجلًا ملثمًا يرتدون ثيابًا مدنية. ووجّه هؤلاء الرجال الشّتائم إليه عبر تلقيبه بالحمار والصياح: "تبًا لك ولمجال حقوق الإنسان الذي تعمل فيه".

أُخِذ حسين عندها إلى مديرية التحقيقات الجنائية وقد اتصل بي مذاك من السجن ليخبرني عن التعذيب الذي يقول إنه يتعرض له هناك. وقال إن ضبّاط مديرية التحقيقات الجنائية قيّدوا يديه وأجبروه على الوقوف في زنزانةٍ ضيّقةٍ وشديدة البرودة.

ضربه الضبّاط على ظهره وصدره ورأسه وأخبروه أنه "لن يغادر هذا المكان أبدًا" وأنه بإمكانهم تلفيق أكثر من 20 تهمة له، تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.

يقول حسين إن الضبّاط هدّدوه مرارًا بالمزيد من العنف إن لم يعترف بالتهم التي تتضمن "إثارة أعمال شغب والمشاركة في تجمعات غير شرعية وحيازة زجاجات حارقة (مولوتوف)".

قال له أحد الضباط، "إن لم تعترف بإرادتك في غضون خمس دقائق لتحفظ شرفك، سألحق بك العار".

وسأله آخر، "هل تريدني أن أعصر حليب أمك من صدرك؟"

وأخبرني أن أحد المحققين لمس أعضاءه التناسلية وسأله، "هل تريدني أن أجعلك تتبول أو أن أحرمك من إنجاب الأطفال؟"

وهدّده الرجل نفسه باغتصابه عبر إدخال أنبوب في شرجه.

بعد كل هذا الاعتداء والتخويف، وقّع زوجي على عدد من الاعترافات الخاطئة تتضمّن أربعة تهم مختلفة، إحداها "جمع الأموال لتمويل المخربين".

وعندما سألته عن سبب توقيعه على الإعترافات، أجابني بأن "مديرية التحقيقات الجنائية أسوأ من الجحيم نفسه".

هناك أدلةٌ متزايدة على تعذيب السلطات البحرينية للمعتقلين السياسيين، غير أنها تستمر في إنكار إساءتها معاملة المعتقلين.

لزوجي تاريخ طويل من النشاط في مجال حقوق الإنسان وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها للاعتقال، ولكن كان بالإمكان تجنب اعتقاله هذه المرّة.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، اعتقلت الحكومة حسين بسبب خطابٍ ألقاه في الشهر نفسه حثّ فيه على الإصلاح السلمي واتُهم على أثره "بانتقاد مؤسسات الدولة" و"إهانة علم وشعار البحرين".

وما تزال القضية قيد المداولة في النظام القضائي.

في 30 يناير/ كانون الثاني 2014، أي بعد فترة قصيرة من الإفراج عنه بموجب كفالة، هرب حسين من البحرين، طالبًا اللجوء السّياسي في بريطانيا.

اعتقدت أن قضيته كانت جيدة. اعتقاله في البحرين كان أمرًا علنيًا. وأملت أن يتم النظر بسرعة في طلب لجوئه السياسي إلى المملكة المتحدة كي يتم جمع شملنا مجددًا كعائلة لتربية ابننا الصغير برويز.

ولكن عند وصوله إلى المملكة المتحدة، أُوقف حسين أربعة أيام في مركز الاحتجاز في هارموندسورث ومن ثم حُوٍّل إلى المسار السريع للمحتجزين، وهي عملية للحالات غير العاجلة لطالبي اللجوء الذين يُرَجّح أن تتم إعادتهم إلى بلدهم.

لم أعرف ما الذي يتوجب عليّ فعله. شعرت بالعجز.

ساعدتني الجالية البحرينية في لندن، التي يعيش معظم أفرادها في المنفى، على توكيل محامين من مكتب دايتون بيرس غلين الذين رفعوا قضية ضد وزارة الخارجية للطعن في قرار رفض منح اللجوء لحسين.

عانى زوجي بشكل سيء من هذه العملية. تم الإفراج عنه من مركز الاحتجاز ولكن لم يكن لديه أي طريقة لإعالة نفسه. احتجز لأيام في الفندق، ولم يكن قادرًا على شراء الطعام، كان ينتظر، من دون جدوى، معرفة القرار بشأن طلبه اللجوء السياسي.

عندما غادر للمرة الأولى، اعتقدت بصدق أن الأمر لن يستغرق أكثر من شهرين ليعاد لم شملنا، لإيماني بقوة قضيته. اعتقدت أنه يمكننا العيش بحرية وسلام لتربية ابننا برويز، ولكن بعد ثمانية أشهر من دونه ومن دون إحراز تقدم في قضيته، بدأت أقلق بشأن سلامتنا. وخشيت أن استمرار نشاطه قد يثير غضب السلطات هنا في البحرين. قلقت بشأن ملاحقتهم لي، ومن أن لا يبقى أحد لابني.

خلال غياب حسين، احتاج برويز للخضوع إلى عملية قلب مفتوح، واضطررت للاهتمام بابني المريض في المستشفى من دون دعم والده العاطفي. لجأنا إلى استخدام سكايب ووسائل الاتصال الاجتماعي لكي نبقى على تواصل.

في 28 أغسطس/ آب 2014، عاد حسين أدراجه إلى البحرين بعد أن يئس من الحصول على اللجوء السّياسي، ورغبةً منه بجمع شمله معي ومع برويز.

غير أنه اعتُقل مجددًا بعد خسمة أشهر في منتصف الليل في منزلنا.

كان عيد مولد ابني في 28 فبراير/ شباط، وقد فوّت حسين عيدي مولد برويز الأخيرين: كان هذه السنة في السجن. أما السنة الماضية، فكان في المملكة المتحدة يأمل الحصول على اللجوء لمساعدتنا في الهرب من القمع في بلدنا.

ما يزال حسين قيد الاعتقال ومن المقرر أن تجري جلسة محاكمته التالية في 7 أبريل/ نيسان.

لا نعلم ما الذي سيحدث له، إذ هناك الآلاف من المعتقلين السياسيين في البحرين ويقضي عدد كبير منهم سنوات كثيرة في السجن بسبب جرائم لا تتعدى كونها تحديًا للنظام الاستبدادي لأسرة آل خليفة الحاكمة.

وفي الوقت التي تُعتبر فيه السلطات البحرينية المسؤولة بشكل أساسي عن معاملة زوجي- وكان يجب عليهم الإفراج عنه فورًا- كان بالإمكان تجنب اعتقاله الأخير هذا ومعاناته اللاحقة في السجن بالكامل.

لا أعلم ما إذا كانت المملكة المتحدة لم تمنح حسين حق اللجوء بسبب علاقاتها الوثيقة المعروفة جيدًا مع الأسرة الحاكمة في البحرين، ولكن من الواضح أن رفضها منح ملاذ آمن لعائلتي قد عرّض زوجي مباشرةً للتعذيب الذي يقول إنه يعاني منه في السجن.

* أسماء درويش هي رئيسة قسم المعلومات وشئون الإعلام في المنطمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان وهي متزوجة من رئيس المنظمة، حسين جواد، وأم لطفل في الثانية من عمره، برويز.

* فاتن بوشهري هي صحافية بحرينية مستقلة وداعية لحقوق الإنسان والحقوق المدنية. وقد ساهمت في كتابة هذا المقال.

التاريخ: 27 مارس/ آذار 2015
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus