التعليق السياسي: عدوان السعودية على اليمن يؤجج ذاكرة البحرينيين: من ذاق عرف!
2015-04-01 - 3:16 ص
مرآة البحرين (خاص): منذ بدء العدوان السعودي الخليجي (عدا عمان) على اليمن فجر 26 مارس/ آذار 2015، والبحرينيون يخرجون في مسيرات احتجاج يومية منددة بالتدخل العسكري في الدولة الشقيقة، غير مكترثين بتهديدات السلطة بحبس ومعاقبة كل من يدلي برأي مخالف للموقف الرسمي المتورط في المشاركة بالعدوان. التهديد أطلقته وزارة الداخلية مساء 26 مارس/ آذار واعتقلت بعده بساعات أمين عام "التجمع الوحدوي" فاضل عباس ونائبه المحامي محمد المطوع على خلفية إصدار التجمع لبيان يدين هذا العدوان.
قد يكون البحرينيون، هم الأكثر معرفة وتأثراً بما يدور في اليمن الشقيق، تجربتهم في 2011 هي أكثر التصاقاً بوضع الشعب اليمني الآن، فالتدخل العسكري لقوات درع الجزيرة بطلب من النظام البحريني لقمع الحراك السلمي المطالب بالعدالة والديمقراطية ليس بعيداً زمنياً ولا جغرافياً، وكل ما استخدمه النظام البحريني ودرع الجزيرة في تبرير ذلك التدخل العسكري وشرعنته ليس ابتكاراً. هكذا برّر النظام البحريني استقدامه جيوش درع الجزيرة لقمع الانتفاضة الأكبر في تاريخ البحرين: هؤلاء ليسوا محتجين.. هؤلاء إرهابيون.. إننا أمام مؤامرة/ مخطط إيراني صفوي تابع لولاية الفقيه ولحزب الله والمد الشيعي الذي يستهدف القضاء على السنّة ...إلخ. هذه الكذبة لا تزال حاضرة في إعلام السلطة وعند خطباء بلاطها كل يوم. والغطاء الإعلامي والاقتصادي الذي وفره المال الخليجي بقيادة الجارة الكبرى السعودية للتغطية على الجرائم المنتهكة في حق الشعب البحريني لا يزال يمارس دوره بضخٍّ كبير.
يعرف البحرينيون من واقع تجربتهم التي ما زالوا يناضلون من أجلها، كيف أن أي حراك شعبي مطالب بالديمقراطية في أية واحدة من دول الخليج سيتم ضربه بذات اليد الكبرى. اليد التي لا تتحرك إلا لتدمّر. تلك التي تمتلك المال القادر على تجيير الاصطفافات الطائفية والسياسية كما تشاء، والقادرة على توفير غطاء إعلامي مشوّه وكاذب، وشراء المواقف الدولية والذمم الإنسانية بلا رقيب ولا حسيب. فأي حراك ديمقراطي أو شعبي مناهض للاستبداد أو مطالب بالديمقراطية يمثّل تهديداً لاستقرارها وأمنها: استقرار استبدادها، وأمن سيطرتها الشمولية. والوسيلة الوحيدة التي ستتبعها في هذه الحالة، هي ضربه عسكرياً بهدف القضاء عليه، بينما لن تفكرّ لوهلة واحدة في احتوائه بأية طريقة ممكنة.
التدخل الخليجي العسكري واحد وإن اختلفت شدّته وطريقته. ليس هناك فرق في أن يكون الحراك سلمياً كما في البحرين، أو مسلّحاً كما اليمن. ففي البحرين استنفرت دول الخليج جيوشها لتهاجم شعباً أعزل يعتصم في دوار صغير في أصغر دولة خليجية، زعم ملك البحرين حينها أنه بهذا التدخل العسكري قد أحبط (مؤامرة إيرانية في البحرين عمرها 30 سنة) قبل أن يأتي تقرير لجنة تقصي الحقائق التي عينها لتلميع صورته أمام الرأي العام العالمي، لتخلص إلى أنه: لم تخلص اللجنة إلى أية علاقة بين أحداث البحرين وإيران.
يفهم البحرينيون تماماً ما يعيشه اليمنيون الآن؛ ضريبة المؤامرة المزعومة ذاتها، العدوان الخليجي ذاته، التبرير ذاته، التهمة ذاتها، الغطاء الإعلامي ذاته، مع توسيع دائرة التجيير والاصطفاف الدولي الإقليمي كونها تقوم بتنفيذ حرب جوية عاصفة هذه المرة، ضد جماعات مسلّحة، لم تحتج لها في القضاء على الحراك السلمي البحريني قبل 4 سنوات.
منذ اليوم الأول لشن الغارات الجوية السعودية الخليجية (عدا عمان) على اليمن، أعلن وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة أن بلاده تشارك في "حرب في سبيل الله" وهي عبارة اعتادت الجماعات التكفيرية استخدامها في شرعنة قتلها للشيعة في سوريا والعراق. وقال في حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" مخاطباً جماعة "أنصار الله" التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء: انتهت النزهة.
يذكر البحرينيون تماماً يوم 15 مارس/ آذار 2011، عندما دخلت جيوش الجزيرة أرض البحرين عبر "جسر الملك فهد"، قيل لهم ما يشبه عبارة "انتهت النزهة". رئيس الوزراء الذي طالبت الاحتجاجات بإقالته من منصبه الذي شغله على مدى أربعة عقود، قال للبحرينيين فيما دبابات درع الجزيرة وجيوشها تمشط شوارع البحرين وتمعن في الناس إذلالاً: "لن نقول عفا الله عما سلف".
وكما أشعلت السلطة خطابات الكراهية إعلامياً ومنابرياً، ومضت تجرّم المعارضين وتشيطنهم وتصفهم بكل ما هو سافل ووضيع، وتؤجج الرأي العام ضدهم وتصورهم بالمفسدين الخونة الذين عاثوا في البلاد تخريباً، وأنه لا بد من جيش درع الجزيرة ليعيد النظام وليعيد كل شيء في مكانه الصحيح، فها هم خطباء المنابر ذاتهم يكررون اليوم: "معركة عاصفة الحزم انطلقت لتردع المعتدين، وتعيد الحق إلى نصابه، ولتثبت أنها قادرة على كبح جماح من تسوّل له نفسه، وتغريه أحلامه، وتداعبه أوهامه وخرافاته في استعادة إمبراطورية أجداده المجوس البائدة المندثرة على حساب أمتنا العربية الإسلامية"، كما يقول عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى.
وكما تم وصف المحتجين في البحرين بأنهم فئة/ ثلّة صغيرة مندسة عميلة، كذلك يصف الفاضل الحوثيون "الفئة الضالة من الحوثيين ومن يساندهم من الخونة والمندسين عملاء الفرس الصفويين".
يقف البحرينيون اليوم ضد العدوان على اليمن لأنهم يعلمون أن ما يجري الآن في اليمن، هو صورة مطورة لما جرى في البحرين قبل 4 أعوام، وأنه لا جديد لدى درع الجزيرة يخفيه تحت شمس تدخله العسكري.