السفير الصيني يبحث عن إجابات: البحرين لم تتواصل معنا قبل إلغاء الاعتراف بالجامعات، ولا أعلم لماذا قاموا بذلك!
2015-03-19 - 5:44 ص
مرآة البحرين (خاص): أقدمت الحكومة البحرينية على إلغاء الاعتراف بمؤهلات ما يفوق عن 100 جامعة صينية، بما فيها كلّيات الطب، وفقا للتقارير الإعلامية. ونُقل عن السفير الصيني لي تشين قوله إنّه "تفاجأ من اتّخاذ وزارة التربية هذا القرار من دون التواصل مع السلطات، أو السفارة أو الجامعات الصينية من أجل تبرير خلفية هذا القرار".
وأكّد السفير في وقتٍ لاحق عبر مكالمة هاتفية مع أحد الصحافيين أنّه لم يتلقّ أي تحذير مسبق ولم يتم إعلامه بأي سبب وراء اتّخاذ هذه الخطو "لا أعلم لماذا قاموا بهذا الأمر وأحاول أن أتواصل مع البحرينيين للحصول على المزيد من المعلومات".
ويطال هذا القرار الذي أكّدته وزارة التربية البحرينية في بيانٍ صادر عنها حوالي 500 طالبًا، الذين يرتاد أغلبهم كلّيات الطّب. غير أنّ الوزارة لم تكشف إلّا القليل عن خلفية قرارها، إذ صرّح متحدّث باسمها أنّه تمّ "تشكيل لجنة للنظر في مخرجات الجامعات الصينية، ودراسة مخرجاتها وارتباطها باحتياجات سوق العمل في مملكة البحرين".
ولكنّ أحد الصحفيين نقل عن أحد المصادر أنّ غالبية الطلّاب البحرينيين الذين يتلقون تعليمهم في كليات الطب الصينية هم من الطائفة الشيعية، ملمّحا إلى أنّ هذه خطوة اتّخذتها السلطات البحرينية من أجل معاقبة فئة من فئات المجتمع البحريني، تحمّلها الحكومة تبعة الاضطراب المستمر في البلاد.
وفي بلدٍ يشكّل الشيعة غالبية السكّان الأصليين فيه، يمنع أفراد هذه الطائفة من العمل في المؤسسة العسكرية ولا يمكنهم أيضًا العمل إلّا في قسم "شرطة خدمة المجتمع" في جهاز الأمن. في حين تعد مهنة الطب من المهن التي فتحت أبوابها للشيعة في البحرين على مر تاريخها.
قرار تعليق الاعتراف بالجامعات الصينية أعقب اعتقال طالب بحريني في كلية طب صينية
قرار تعليق الاعتراف بالجامعات الصينية، أعقب اعتقال طالب بحريني في كلية الطب بموجب قانون مكافحة الإرهاب، إذ اعتقل عبدالله حسن القلاف في الساعات الأولى من صباح 19 فبراير/شباط من منزله في مشارف العاصمة البحرينية المنامة. ووفقًا لمحاميه، اعتقل القلاف على خلفية قضية تعود إلى العام 2014.
وفي مقابلة معه في العام 2013، صرّح الطالب لقناة الـ BBC في فبراير/شباط من ذلك العام عن تعرضه للاعتقال خلال عودته من منزل صديقه، وأنّه ضُرِب وأجبر على توقيع اعتراف كاذب. وتمّ الحكم عليه بالسجن لمدّة أربعة أشهر. وعندما سُئل عن سبب اعتقاله، وعما إذا كان يقوم بأعمال شغب أم لا، قال: "على خلاف ذلك، كنت أحمل كتبي عائدًا إلى المنزل بعد أن أنهيت المذاكرة. لم أكن أعلم بحدوث اضطراب في المنطقة".
حُرِم عبدالله من فرصة إجراء امتحانين خلال فترة سجنه. وخضع لهما لاحقًا ونال علامات مرتفعة جدًا ووفقًا للتقارير، ما يزال طالبًا متفوّقًا. وكانت والدته قد توفّيت في العام 2011، عقب إطلاق الغاز المسيل للدموع على شقّتهم خلال الاضطراب الذي حدث عقب قمع تظاهرات سلمية، وأسرة عبد الله مقتنعة بأن وفاتها ناتجة مباشرةً عن حادثة الغاز المسيل للدموع.
عبدالله ظل عازمًا على إكمال امتحاناته والعمل على تحقيق حلمه بأن يصبح طبيبًا. ولكنّ هذا القرار، نظرًا لتاريخ البحرين الحديث، محفوف بالمخاطر.
الأطّباء في الجبهة الأمامية
وعندما اقتحمت قوّات الأمن البحرينية دوار اللؤلؤة في 17 فبراير/شباط عام 2011، سارع أطبّاءٌ وممرضون ومسعفون من مجمع السلمانية الطبي، وهو المستشفى العام الرئيسي في البلاد، إلى معالجة الأشخاص الذين أصيبوا بالرصاص وتعرّضوا للضرب وأطلق عليهم الغاز المسيل للدموع.
وبعد قيام قوّات الأمن بمنع الجرحى من دخول المستشفى، نظّم الطاقم الطّبي احتجاجًا، وحين نجح المتظاهرون في الاحتشاد في الدوار مجددًا، نصب الأطبّاء خيمة لتوفير الرعاية الطبية لآلاف المحتجّين الذين يخيّمون في المكان من أجل الدعوى إلى تحقيق مطالبهم.
وقد ظهر بعض المسعفين في وسائل الإعلام الدولية وانتقدوا الحكومة وقوّات الأمن. وفي 14 مارس/آذار 2011، قادت السعودية قوّات أرسلت إلى البحرين وتمّ إعلان فترة السلامة الوطنية. تمركزت القوّات السعودية في مواقع رئيسية، في حين أخلت الشرطة والجيش البحريني دوار اللؤلؤة بالقوّة.
وبعد يومين، أرسلت السلطات الجيش إلى مجمع السلمانية الطبي. وفي ذلك الوقت، ادّعت الحكومة أنّها أجبرت على اتّخاذ هذه الخطوة لأنّ المحتجّين يهدّدون الطاقم الطّبي والمرضى. وزعمت أيضًا أنّه يتم تخزين الأسلحة في مبنى المستشفى. وفي الأسابيع التالية، بدأت السلطات باعتقال الأطباء والممرضين خلال سلسلة من عمليات الاقتحام الليلية. تعرّض الأطباء البحرينيون للتعذيب وأجبروا على اعترافاتٍ كاذبة قبل أن تتم إدانتهم في محاكمة عسكرية والحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة.
وما يزال ثلاثة من طاقم مستشفى السلمانية الطبي وراء القضبان. ولم يسمح للكثير من الذين تمّت تبرئتهم بالعودة إلى مناصبهم السابقة في مستشفى السلمانية بينما تخلّى بعضهم عن المهنة كليًّا.
السفير غاضب جدا والصين لن تنسى هذا القرار
لا شكّ في أنّ القرار الاستثنائي بإلغاء الاعتراف بمؤهلات الجامعات الصينية الطبية من دون التشاور في الأمر أحدث بلبلة وأغضب الجانب الصيني وراء الكواليس. إنّه خطأ ديبلوماسي وعمل مخزٍ، لن تنساه الصين على الأرجح. وبما أنّ المنامة عملت جاهدة على تعزيز علاقاتها مع بكين- في العام 2013، كان الملك حمد أوّل حاكم بحريني يزور الصين- فإنّ هذه الخطوة تبدو غريبة جدًّا.
القيام بإلغاء مؤهلات الكثير من الجامعات في الصين، التي تحظى غالبيتها بسمعة حسنة، خطوة غريبة أيضًا. فعلى سبيل المثال، حصلت جامعة وينزو التي يدرس فيها الطالب عبدالله القلّاف على اعتماد من الولايات المتّحدة. وقد صرّح السفير الصيني قائلًا "نحتاج إلى معرفة المزيد من المعلومات في الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين ونعم نحن قلقون". ويقول أحد المصادر إنّ السفير، بعيدًا عن العلن، "غاضب جدًا" ويتوقّع أن يقدّم البحرينيون تفسيرًا ما.
مع ذلك، تقول الدكتورة ندى ضيف إن البحرينيين الشيعة الذين منعوا من بناء مستقبل مهني في مجال الطب، وجدوا فرصة لتحقيق أحلامهم من خلال الجامعات الصينية، وضيف من أفراد الطاقم الطبي الذي عالج المصابين في الدوار، الذين يشكّلون مثالا آخر على قمع النظام للشيعة في مجال الطب.
وتقول ضيف أنّه يتم رفض إعطاء منح دراسية للطلّاب الشيعة بشكل دوري، ويعد هذا الأمر عائقًا كبيرًا نظرًا لتكاليف كلية الطب الباهظة. وتوضح "المقابلة تشكّل نسبة 60% والعلامات [الجامعية] 40% وغالبًا ما يتم طرح هذا السؤال على الطلاب خلال المقابلة، وفقًا لشهادات بعض الطلّاب، "هل كنت حاضرًا في دوار اللّؤلؤة؟""
من دون المنح الدراسية لا يبقى أمام الطلاب إلّا خيار واحد: "الصين، فهي الخيار الأفضل للذين حرموا من فرص التعليم العالي لأنّ تكلفة الدراسة في جامعاتها معقولة".
أمّا بالنسبة إلى عبدالله، الذي تعرفه الدكتورة ضيف جيّدًا، فتقول إنّه: "غير قادر على الاحتجاج العنيف. فهو متحفّظ جدًّا."
ما يزال عبدالله معتقلًا ويبقى تحصيله العلمي معلّقًا ومستقبله مبهمًا.
وفي هذه الأثناء، على الصعيد الديبلوماسي، يمارس السفير الصيني المنذهل الضغط من أجل الحصول على أجوبة في خصوص القرار التعسفي الشامل الذي قد يحبط العلاقات بين البحرين والصين، والذي سبق أن أثّر سلبًا على مئات الشبّان البحرينيين.
- 2024-12-23علي حاجي: انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في سجن جو المركزي بعد فض الاحتجاجات
- 2024-12-21“سلام” تطالب بالتدخل العاجل لوقف الانتهاكات المتفاقمة في سجن جو المركزي بعد الأحداث الأخيرة
- 2024-12-18ندوة "حقوق الإنسان تحت التهديد": البحرين لم تغيّر منهجها في القمع بل ابتكرت أساليب جديدة للتحايل على المنظمات الدولية والإعلام العالمي
- 2024-12-14السيد عبدالله الغريفي: ما حدث في سوريا فتح شهية الكيان الصهيوني للتوسع والتمدد
- 2024-12-13المرشد يوقع "صعصعة محارب عابر للزمن" في لندن: نحن في حرب هويات