السنابس الابتدائية للبنات بعد أن تحولت الأرض المخصصة لها إلى ملك خاص: مرتع آمن للفئران وكل شيء متهالك

2015-03-11 - 11:05 م

مرآة البحرين (خاص): "النجدة.. النجدة.. فأر في البيت.. فأر في البيت".. تلك ليست الجملة التي سمعناها ورددناها صغاراً ونحن نشاهد أفلام الكارتون، بل هي الجملة الأولى التي تتعلّمها تلميذات مدرسة السنابس الابتدائية للبنات، والمعرفة التي تكبر معهم كل يوم، دون أن يجدن من ينجدهن من غزو الفئران الناتج عن إهمال صيانة المدرسة منذ سنوات. تصرخ التلميذات الصغيرات بشكل يومي: النجدة.. النجدة.. نتعلّم مع الفئران في المدرسة. المدرسة التي نتعلّم فيها مرتع آمن للفئران، لكنها ليست مكان آمن للبشر، ولا صالح للتعلم.

أهالي التلميذات اعتصموا يوم الاثنين الماضي في 9 مارس/آذار 2015 احتجاجاً على وضع المدرسة المزري صحياً ونفسياً، دون أن يحظوا بأية استجابة، لم يتعجبوا من هذا التجاهل، فهم يعلمون أنهم من منطقة مغضوب عليها، وليسوا من مواطني الدرجة الأولى ولا الثانية لكي تهتم وزارة التربية والتعليم باستدراك مصيبتهم، ولا من (الشرفاء) كي يسارع الإعلام الرسمي بفزّاعته لنجدتهم. تم إهمال الشكاوي المرفوعة وتجاهل الاعتصام، ولهذا قرّر الأهالي إيقاف بناتهن عن الدراسة يوم غد الخميس 12 مارس/ آذار 2015 حفاظا على صحة فلذات أكبادهن، كما قرروا تنظيم اعتصام ثان أمام المدرسة سيعلن عنه في وقت لاحق، وخطوات تصعيدية في حال استمر تجاهل وزارة التربية لطلباتهم.

متعهد المدرسة الحالي يرفض تنفيذ أي أعمال صيانة بالمدرسة. السبب أنه يريد استرجاع المبنى المؤجر لوزارة التربية؛ مضى على استئجارها قرابة 47 سنة، تكاد تكون المدرسة الوحيدة القديمة في المنطقة تشاطرها مدرسة السنابس الابتدائية للبنين، لكن الوزارة ترفض إخلاء المبنى.

تتعلّم التلميذات في مدرسة أسطحها مهدمة، وسلالمها مكسّرة، وحماماتها لا زالت على النمط العربي القديم ما يجعل الفئران تتكاثر فيها بشكل كبير وملفت، إضافة إلى أن الكهرباء تكون مقطوعة طوال الوقت في الصيف، أما في الشتاء فسقوط المطر يجعل الصفوف والغرف تسبح في بركة من الماء.

ورغم أنه كان قد تم تخصيص ثلاث أراض لإقامة مدارس حديثة في السنابس، إلا أن جميعها، وفي لمح البصر، انتقلت من ملكية الدولة إلى ملكية خاصة في العام 1993 من ضمنها مدرسة ابتدائية للبنات كان قد كشف عنها النائب السابق عبدالجليل خليل ضمن ملف "أملاك الدولة" في العام 2010. أي أن الأرض التي كانت مخصصة للمدرسة البديلة تم بيعها.

الغريب، أن مدرسة السنابس الابتدائية للبنات واحدة من "مدارس المستقبل"، يفترض أن تكون نموذجاً في بيئة التعلّم وطرق التعليم، لكنها عوضاً عن ذلك تحولت لبؤرة كبيرة جدا للفئران التي اتخذت منها مقراً لإقامتها، وقامت بقرض كتب المعلمات، وأكل أوراقهن، والقفز على التلميذات والمعلمات عند دخولهن المدرسة، والتواجد في الصفوف وداخل الحمامات، واقتحام الأدراج التي امتلأت من أوساخها، والتسلل إلى أجساد الطالبات والمدرسات مخلّفة حالة هستيرية من شدة الهلع والخوف.

مدرسة السنابس

صورة لجحور الفئران في أرضية السنابس الابتدائية

للبنات

كما أصبحت طاولات المعلمات والتلميذات وأدراجهن مسرحا للفئران ولقاذوراتها، لم تترك الفئران أي زاوية في هذه المدرسة المتهالكة إلا وطبعت بصماتها عليها، من غرفة المديرة مرورا بغرف المعلمات وصفوف التلميذات والمرافق الصحية في المدرسة.

مشاهد الرعب اليومية أصبحت تخيف التلميذات الصغيرات، فصرن يخشين الذهاب إلى المدرسة، دخول الحمام أصبح رعبا حقيقيا لأن الفئران ستخرج من المجاري للتلميذات، وباتت كل تلميذة تأخذ معها زميلتين ترافقانها إن اضطرت لدخول الحمام، المعلمات هجرن غرفهن فهي لم تعد صالحة للاستخدام، ولم يعد هناك مكان تلجأن إليه.

إدارة المدرسة ضاعفت من جهودها لحل هذه المشكلة، وكان الحل الأمثل بالنسبة إليها اللجوء إلى وزارة الصحة، قامت بسد جحور الفئران الممتلئة في المدرسة المتهالكة، ورشّت مبيدا حشرياً، لكن مشكلة أخرى وقعت، فالمبيد الحشري كان قويا جدا، أدى إلى انتشار رائحة كريهة في المدرسة لا يعرف ما إذا كان مصدرها الفئران الميتة أم المبيد. الرائحة أثّرت على تنفس المعلمات والتلميذات اللاتي أصبحن في خطر حقيقي على حياتهن، فصرن يشتكين من الصداع ووجود حرقة في الحلق، والرغبة في التقيؤ.

أما وزارة التربية والتعليم وبدلا من أن تتخذ إجراءات عاجلة للوقوف على هذه المشكلة، أو ترسل مبعوثا من قبلها ليطمئن الأهالي المعتصمين راحت تستجوب إدارة المدرسة عن الاعتصام ومن قام بتنظيمه ومن شارك فيه، في حين بدا واضحا خشية المعلمات وجميع العاملين في المدرسة من الحديث عما يعانون منه خوفا من استهداف الوازرة لهم بقطع أرزاقهم.

وعند البحث عن أسباب عدم صيانة المدرسة والوقوف على احتياجاتها وجدنا أن متعهد المدرسة الحالي يرفض تنفيذ أي أعمال صيانة بالمدرسة بسبب رغبته في استرجاع المبنى المؤجر للوزارة، وقد مضى على استئجارها قرابة 47 سنة، وهي تكاد تكون الوحيدة القديمة في المنطقة تشاطرها مدرسة السنابس الابتدائية للبنين، لكن الوزارة ترفض إخلاء المبنى.

ونتيجة لذلك أصبحت المدرسة غير لائقة تماما كبيئة تربوية فأسطحها مهدمة، وسلالمها مكسّرة، وحماماتها لا زالت على النمط العربي القديم وهو ما يجعل الفئران تتكاثر فيها بشكل كبير وملفت، إضافة إلى أن الكهرباء تكون مقطوعة طوال الوقت في الصيف، أما في الشتاء فسقوط المطر يجعل الصفوف والغرف تسبح في بركة من الماء.

وفيما يتعلّق بالأراضي التي خصصت لمدراس في منطقة السنابس قبل أن يتم تحويلها لملكية خاصة، فتظهر إحدى الوثائق التي نشرت سابقا أنه في 7 فبراير/شباط 1993، وهب الأمير الراحل عيسى بن سلمان، شقيقه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان قطعة أرض العقار رقم (6499) الكائنة في منطقة السنابس من المنامة وسجلتها هذه الإدارة ملكية، يحدها من الشمال البحر ومن الشرق والجنوب والغرب أملاك رئيس الوزراء خليفة بن سلمان.

وتبلغ مساحة هذا العقار 109 آلاف و595 متراً مربعاً (حوالي مليون و179ألفاً و680 قدما مربعا) في حين أن معدل سعر الأرض 176 مليونا و952 ألفاً و87 دينارا بحرينيا (حوالي 469 مليون دولار أمريكي).

وثيقة 2

خريطة إحدى أراضي الدولة المغتصبة في منطقة السنابس

وثيقة 22

وثيقة تثبت مصادرة الأرض وتحويل ملكيتها إلى رئيس الوزراء


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus