موقع كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية: علي الأسود: الطريق نحو الإصلاح في البحرين

2015-02-22 - 4:09 م

علي الأسود، مدونة مركز الشرق الأوسط، موقع كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية
ترجمة: مرآة البحرين

على المستوى السياسي، كانت انتخابات البحرين البرلمانية لعام 2014 من دون معنى. إذ أدلى أقل من نصف السكّان المحليين بأصواتهم لبرلمانٍ جديدٍ عقيمٍ وعاجز ومن دون أي سلطة حقيقية. مع ذلك، لا يمكن الاستهانة بأهميّته، باعتباره مؤشرًا على تجنّب السّلطات البحرينية لأي دعوة إلى الإصلاح، ولجوئها مباشرةً إلى المواجهة الأمنية.

لم يكن يمكن لانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن تأتي أقرب بشكل كاف بالنسبة إلى المتشدّدين المتمسّكين بالسلطة في البحرين. فعلى مدى عامين على الأقل، كان هناك شعور متزايد بأنّ الاستراتيجية الأساسية للقيادة كانت عبر تأخير تنفيذ أي برنامج إصلاح حقيقي، والانتظار حتى انتهاء الانتخابات. لذلك، استُخدِمت الانتخابات كواجهة لعرض الإصلاح والانفتاح بهدف إرضاء المجتمع الدولي، من دون الاضطرار أبدًا إلى إحداث أي تغييرات فعلية.

وعلى نحو مثير للقلق، يبدو أن هذه الاستراتيجية نجحت، إذ أظهرت الحكومات الدولية دعمها للعملية الانتخابية، بما في ذلك زيارة سفير المملكة المتحدة لمراكز الاقتراع والتّغريد على حساب السفارة على تويتر طوال النهار. عملية تصوير المعارضة على أنّها "جبهة رفض"، وحشد تأييد حلفائهم الدوليين لهذا التصوّر كانت خطّة ذكية. والبديل كان سيشكل خيارًا محدودًا للمعارضة، إذ سيتم إجبارنا من جديد على الانضمام إلى برلمان كنّا قد استقلنا منه، ومع ذلك بقي عاجزًا كما كان يوم تركناه.

ومع البرلمان الجديد، عقب أيامٍ من أداء النّواب اليمين الدستورية، وشعورها بالثقة بسبب الدعم الدولي الجديد الذي حظيت به، شنّت السّلطات البحرينية حملة جديدة من القمع في محاولة للقضاء نهائيًا على المعارضة. وللمرّة الأولى منذ انطلاقة انتفاضة العام 2011، تعرّضت جمعيّتنا، الوفاق، لاستهدافٍ مباشر. وبدأ الأمر في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول عند الإعلان عن تعليق عمل الوفاق لمدّة ثلاثة أشهر، وعلى الرغم من أنّه تمّ إلغاء هذا القرار لاحقًا، يبقى خطر تعليق الجمعية أو حظرها بالكامل قائمًا. وفي أواخر العام 2014، اعتُقل الشيخ علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق، وسيمثل أمام المحكمة في نهاية هذا الشهر، في حين حُكِم على رئيس شورى الجمعية، سيد جميل كاظم، بالسجن لمدّة ستّة أشهر بسبب تغريدة.

ليست مصادفة أن يتزامن الاستهداف العدائي للوفاق مع نهاية الانتخابات. هذا أكثر من مجرّد عقاب على مقاطعتها الانتخابات، إنّه خلاصة استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى التغلّب أولًا على الاحتجاجات ومن ثمّ سحقها.

مع ذلك، ليست هذه عملية خالية من العقبات بالنسبة إلى السلطات، مع تسبب الهجمات على الوفاق بالاحتجاجات مجددًا. وبما أنّ الشيخ علي سلمان زعيم يحظى بتأييدٍ شعبي واسع فقد كان رد المجتمع المحلّي صاخبًا. واكتسبت التظاهرات الدورية زخمًا جديدًا فالشعب البحريني يأبى أن يتم إسكاته.

يترك هذا الأمر البحرين في حالة من الاضطراب المستمر، وقد أثبت البحرينيون المطالبون بالديمقراطية أنّهم لن يتوانوا عن المطالبة بحقوقهم إلى أن يتم تحقيقها. وفشلت فترة الثلاثة أشهر من الأحكام العرفية في العام 2011 في سحق هذه الحركة، وأي محاولات متجددة من قبل السلطات البحرينية لاستخدام القمع من أجل الخروج من الأزمة ستبوء بالفشل.

الطريق الوحيد الممكن نحو الاستقرار هو في اقتراح إصلاح صادق وجلي، يؤدّي إلى تحقيق ملكية دستورية حقيقية ويُحقق بالشّراكة مع المعارضة. ويحتاج الأمر فهمًا لا لبس فيه لهذه المسألة لدى كل أقسام الأسرة البحرينية الحاكمة، وأيضًا لدى حلفائهم الدوليين.

قد يؤدّي دعم برنامج إصلاحي في البحرين إلى الاستقرار، الضروري للغاية في فترة الغليان التي تشهدها المنطقة. القمع ليس الحل. وفي حال أرادت البحرين مواصلة هجومها، الذي تلا الانتخابات، على جمعية الوفاق، فمن المُرَجّح أن يؤدي ذلك إلى أزمة دائمة، لا حل لها في الأفق. مع ذلك، لم يفت الأوان بعد، وينبغي أن تكون الخطوة الأولى الإفراج الفوري عن الشيخ علي سلمان والبدء بمفاوضات سياسية حقيقية لصالح مستقبل هذه الأمّة.

علي الأسود عضوٌ في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ونائبٌ بحريني سابق. استقال و17 من زملائه من البرلمان في فبراير/شباط 2011، احتجاجًا على القمع ضد التظاهرات المطالبة بالديمقراطية. غادر البحرين خلال فترة إعلان الأحكام العرفية بعد أن وجّهت إليه تهديدات. هو يقيم حاليًا في لندن مع أسرته، حيث يواصل جهوده الداعمة للتغيير الديمقراطي في البحرين. ينشر تغريداته على @am_aswad.

27 يناير/كانون الثاني 2015

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus