نيل بارتريك: استعادة البحرين

2015-02-19 - 11:05 م

نيل بارتريك، مدونة مركز الشرق الأوسط، موقع كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية

ترجمة: مرآة البحرين

عقب مقاطعة الانتخابات التشريعية من قِبل الوفاق (الجمعية المعارضة الأساسية، الشيعية بالدرجة الأولى)، تتوجه البحرين مجدّدًا نحو المستقبل: أزمة محلّية على مر عقد ونصف العقد من عملية الإصلاح السياسي، ولكن قليلًا من التّهديد لأسرة آل خليفة الحاكمة. البحرين، الدولة الخليجية الصغيرة، ذات الاقتصاد الضعيف نسبيًا، ولكن المهمة استراتيجيًا مدعومة من حليفتها المقرّبة، السعودية، التي تؤمّن لها بعض الحماية. وتعني أهمية البحرين بالنسبة إلى البحرية الأمريكية، وبالتالي النفوذ الأمريكي، وبالنسبة إلى مطالب المملكة المتّحدة بالعودة إلى "شرق السويس"، بطريقة عملية ورمزية، أنّ القيادة البحرينية وأمنها الخارجي سليمان.

قال لي وزيرٌ إيرانيٌّ سابق مؤخرًا إنّ لبلاده "تأثيرًا" ينبغي أن يكون متوقعًا في دولةٍ ذات أغلبية شيعية كالبحرين. وأضاف: "إنّه تأثير وليس تدخلًا"، مؤكّدًا أنّ إيران ركنٌ أساسي لأي حل سياسي في البحرين. توافق إيران، كما تفعل جمعية الوفاق المحظورة حاليًا، على الإصلاح في ظل "ملكية دستورية". فبالنسبة إلى هذا الوزير الإيراني السابق، هذا يعني أنّه لا ينبغي فقط عزل رئيس الحكومة الذي لا يزال يشغل هذا المنصب منذ استقلال البحرين عام 1971، بل أيضًا تولّي شيعي لرئاسة الحكومة التي ستكون سلطتها مستمدّة من انتخاباتٍ حرّة ونزيهة.

ومع مقاطعة أهم جمعية سياسية معارضة، الوفاق، للانتخابات الأخيرة في البحرين، وهو الأمر الذي أدّى إلى تدخل قانوني مشبوه، ومن ثمّ اعتقال زعيم الوفاق الشيخ علي سلمان، يعتبر الحديث حاليًا عن الإصلاح من دون جدوى. إذ احتجّت جمعية الوفاق على أنّه في أعقاب انتفاضة العام 2011 والقمع المثير للقلق جدًّا (بمؤازرة قوّاتٍ سعودية على الأرض)، لم تكن الانتخابات إلّا دورة جديدة لبرلمانٍ يتمتّع بـ "السلطة" القديمة نفسها. فأصوات الشيعة تُعَدّ، عمليًا، أقل من أصوات السنّة، ولن تتأثر تركيبة الحكومة بعملية التعبير عن الإرادة الديمقراطية المزعومة للشعب. كانت جمعية الوفاق محقّة في هذا الأمر على الأقل.

تؤكّد حكومات الدول الغربية، بما في ذلك المملكة المتّحدة التي لا تزال تملك نفوذًا، والحكومات الخليجية، بما في ذلك السعودية صاحبة السلطة المؤثّرة للغاية، على أنّ الملك البحريني وابنه، ولي العهد، ملتزمان بالحوار وتحقيق إصلاح حقيقي. وفي الماضي القريب إلى حدٍّ ما، أعربت المملكة المتّحدة عن قلقها من التدخّل السّياسي الإيراني، وليس غريبًا أنّ السعودية أيضًا ادّعت ذلك. ويعبر مسؤولو الوفاق، سرًّا، عن قلقهم من الشباب البحرينيين الشيعة الذين ينفذ صبرهم من الحوار، على حدِّ قولهم. وبالتأكيد، تشعر السلطات البحرينية بوجود تطرّف عنيف بين الشباب وكثيرًا ما تربطه بإيران. وتقول الوفاق، ربما على نحو متهكم، إنّها إيجابية تجاه تأثير السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. وتحاجج أنّه بإمكان السعودية ممارسة ضغط سياسي إيجابي على البحرين، وأنّ اتّحاد مجلس التعاون الخليجي الذي اقترحته السعودية يتطلّب موافقة مواطني هذه الدول، الأمر الذي سيكون جيدًا لشيعة البحرين. كما يلقي ناشطو الوفاق الضوء على التناقض، بحسب زعمهم، بين بغض السعودية الواضح للإخوان المسلمين وبعض السلفيين الأجانب كذلك، ودعمها (وآل خليفة) لكل أطياف الإسلاميين السنّة في البحرين. وقد تمّت الإشارة إلى التناقضات السعودية المماثلة مؤخّرًا، ولكنّها ليست أمرًا جديدًا. في الوقت الراهن، لا يتركون للسعودية إلا حيزًا قليلًا للعب في اليمن، في حين يعملون بشكل فعال على طرفي الصراع في سورية.

تحقيق حل سياسي، في البحرين على الأقل، يتطلّب موافقة أسرة آل خليفة كلّها والمعارضة الشيعية السائدة، وكلٍّ من السعودية وإيران، على ضرورة مشاركة السّلطة في البحرين. تكون المشاركة في السلطة أقل من حكم الأغلبية ولكن لا بد أن تكون أكثر واقعية من الألاعيب المسرحية التي ميزت معظم سياسات الحكومات الخليجية المنفتحة. وفي الوقت الحالي، ستتّسم البحرين بالجمود والاضطراب المرحلي على الأرجح. هذا بالإضافة إلى احتضان وشيك، وأكثر رمزية، من قِبل بريطانيا، التي تنوي إعادة إحياء وجودها البحري الدائم، في ظل الحديث المستمر للأصدقاء الخليجيين الأثرياء عن دمج عسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المرجح أن يعني هذا أن البحرين ستستمر في التّحديق إلى الماضي مع امتلاكها فكرة بسيطة عن كيفية مواجهة المستقبل. تعتقد إيران أنّه من الضروري إجراء تقدم سياسي في الشام والعراق والخليج. ولكن مع صفقة نووية أو من دونها، لا يمكن لإيران أن تقرّر، بمفردها، ما سيحدث في البحرين، ولا يمكن للسعودية، أو الغرب، أو أي طرف من أطراف الصراع في البحرين فعل ذلك أيضًا. لذلك، توقّعوا استمرار الوضع على ما هو عليه.

 

19 يناير/كانون الثاني-2015
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus