براين دولي: بعد أربع سنوات، لا بد من ضغط أمريكي على البحرين لإصلاح الجهاز الأمني

2015-02-17 - 1:40 ص

براين دولي، صحيفة الهافنغتون بوست
ترجمة: مرآة البحرين

منذ أربع سنوات، في 14 فبراير/شباط 2011، هزّت الموجة الأولى من الاحتجاجات الحاشدة أصغر دولة في الشرق الأوسط، أي البحرين. أبرز المظالم التي أثارت التظاهرات، كما في دولٍ أخرى في المنطقة، كانت بسبب أعمال الشرطة. تمّت مواجهة الدعوات المطالبة بإصلاح ديمقراطي أوسع، في ملكية يشغل فيها عمّ الملك منصب رئيس الحكومة غير المنتخب منذ أكثر من 40 عامًا، بقمعٍ عنيف من قِبل الأجهزة الأمنية، ومنذ ذلك الحين، أُشعل الكثير من المشاكل في البلاد بسبب الشرطة التي تتصرف كحامية مندفعة لمصالح الدولة على حساب حماية جميع البحرينيين وخدمتهم.

ويعود جزء كبير من السبب إلى الديموغرافيا. إذ تحكم الأقلية السنّية البلاد، ويتألّف كلّ من الجهازين الأمني والعسكري بشكل حصري تقريبًا من عناصر من الطائفية السنّية-وبالكاد تُمثّل الأغلبية الشيعية في كلا المؤسّستين. وقد أوصت لجنة بحرينية مستقلّة التي عيّنها ملك البحرين في العام 2011 بأن "تقيم الحكومة بصورة عاجلة، وأن تطبق بشكل قوي، برنامجًا لاستيعاب أفراد من كافة الطوائف في قوى الأمن". لم يتحقّق ذلك، ولا يزال الاضطراب يهز الحليف العسكري للولايات المتحدة الأمريكية.

تستمر قوى الأمن بتوظيف عناصر ينتمون، بالدرجة الأولى، إلى الطائفة السنّية، من المجتمع المحلّي البحريني أو، كما هو حال الشرطة، هم أعداد متزايدة من اليمن، وسورية، وباكستان، وبعض الدول الأخرى، الذين وصلوا مؤخّرًا إلى الجزيرة. وفي حين يقع السكّان الشيعة الأصليون ضحية بيروقراطية المواطنة ويعانون لإثبات أنّهم بحرينيّون حقًّا (البدون)، سرعان ما يتم منح السنّة الجدد الذين يعملون في الأجهزة الأمنية الجنسية البحرينية.

لذا، يرى الكثير من السكّان المحلّيين أنّ الشرطة لا تحمي حقوقهم بل تعمل على ظلمهم، فالكثير من رجالها لا يفهمون ثقافة السكان أو لغتهم. وقد تمّ الاعتداء على الشرطة من قِبل محتجّين عنيفين، وتشير وزارة الداخلية إلى أنّ حوالي 14 عنصرًا من الشرطة قُتلوا منذ العام 2011. (وتقدّر منظّمات غير حكومية محلية أنّ عدد المدنيين الذين قُتلوا في أحداث متعلّقة بالتظاهرات بلغ ما يقارب المئة).

إحجام البحرين عن معالجة عدم تكافؤ تركيبة القوى الأمنية يزيد من خطورة الانقسام والطائفية في البلاد. وعلى الرغم من أنّها تؤدّي دورًا في التحالف ضد داعش-من خلال مشاركتها في الغارات على مواقع التّنظيم في سورية واستضافة المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل داعش- فقد فشلت في إصلاح الأجهزة الأمنية التي تحرّض على الطائفية التي تساعد على إمداد داعش. ومع ذلك، تواصل الولايات المتحدة تدريب الجيش البحريني-الذي يتلقّى 90% من أسلحته من واشنطن-من دون استخدام نفوذها للحثّ على احترام الحقوق المدنية وحقوق الإنسان.

من الصعب معرفة عدد الشّيعة القلائل في المؤسسة العسكرية، لأنّ البحرين لا تصدر إحصائيات. تفيد التقديرات، المبنية على مجموعة من الحقائق، إنّ العدد الإجمالي لموظّفي مؤسسة الدفاع في البحرين يبلغ حوالي 12,000، ولأنّ التمثيل الشيعي ضئيل جدًا، فإنّه يمثّل 2% على أكثر تقدير. ومن المستحيل أيضًا التأكّد من طبيعة البنية الطائفية للقوى الأمنية (إدارة السلامة العامة وإدارة التحقيق الجنائي). والأمر المثير للاهتمام هو أنّ عناصر الشرطة الإناث يمثّلن الشيعة أكثر من الذكور. وفي إحصاءٍ أُجري في العام 2004، وسُئلت فيه النساء في جهاز الشرطة عن هويتهنّ الطائفية، قالت 3% منهنّ إنهنّ شيعة. (معدّل الردود في هذا الإحصاء شمل 40% من جميع عناصر الشرطة الإناث آنذاك). وفي العام 2005، عندما شكّلت البحرين قوّة شرطة جديدة موجّهة نحو المجتمع، كان هناك 10 مجنّدات شيعية من أصل 20. ولكن التقدّم الذي حقّقه الشيعة في وحدات الشرطة الخاصّة بالنساء والموجّهة نحو المجتمع لم يحقّق أبدًا في وحدات الشرطة والأجهزة الخاصّة بالرجال. وفضلًا عن ذلك، تمّ صرف مجموعة من رجال الشرطة الشيعة من الخدمة في ظروف مريبة عقب أحداث العام 2011.

على قوات الشرطة أن تعكس صورة المجتمعات التي تخدمها. ويشكّل هذا الأمر ركنًا أساسيًا من أركان النموذج الديمقراطي والمبني على حقوق الإنسان لأجهزة الشرطة، ومن المفترض أن تسعى البحرين-أو أي حليف آخر للولايات المتحدة- إلى تطويره والحفاظ عليه. يصف أبرز العلماء المختصين في مجال الشرطة نظام الشرطةغالبًا بأنّه ليس مجرّد انعكاس لالتزام الدولة بسيادة القانون وحقوق الإنسان بل تحقيق لهذه النتائج. وبما أنّ حفظ الأمن هي أكثر خدمة عامّة مركزية يتفاعل معها الناس، فإنّها جزء أساسي يحدّد إذا ما كان الإصلاح السياسي الأشمل سينجح أو لا.

لقد أحدثت الكثير من قوات الشّرطة تحوّلًا في مؤسّساتها بعد اندلاع صراعاتٍ إثنية، أو دينية أو رديكالية. التغيير الجذري ضروري وممكن على حدٍ سواء. كان حفظ الأمن محطّة رئيسية في الجهود المبذولة في عملية إرساء الديموقراطية التي كانت مدعومة دوليًا في البوسنة والهرسك في أعقاب اتفاقية دايتون في العام 1995. فكلٌ من اللامركزية، والبرامج الداعمة الدولية المزوّدة بالموارد، وخطّة شاملة لتجنيد غير صربيين، وتدريب أفراد من إثنيات مختلفة وإرشادهم، ومشاركة الشرطة في إرساء الأمن مع جماعات المجتمع المدني الناشئة، عوامل ساهمت في وضع الدولة الجديدة على مسار واقعي نحو الترشّح في الاتّحاد الأوروبي.

وقد حدث إصلاح جذري في تمثيل الجهاز الأمني بين العامين 2001 و2011 في شمالي إيرلندا، عندما ارتفعت نسبة التمثيل الكاثوليكي في صفوف عناصر الشرطة من 8% إلى 30%. وشمل هذا التقدّم رزمة أوسع من الإصلاحات، وعملية تجنيد فعّالة، وبرنامج تدريب متعدّد الثقافات ورفيع المستوى، ودعم تقني كبير من الحكومة الأمريكية.

للولايات المتحدة أيضًا تجربة وخبرات كبيرة تشاركها في عدّة أقسام من أجهزتها الأمنية التي سعت إلى تنويع بنيتها الديموغرافية.

وعلى الرغم من أنّ الخطوة الأولى تتمثّل في الإرادة السياسية للإصلاح، فإنّ التدريب هو أمر مركزي بالنسبة إلى أي برنامج إصلاح ذات مغزى. وبينما تحصل البحرين على تدريبات من أجل القوى الأمنية في ما يخص حقوق الإنسان، يتم إخفاء هذه الجهود في الغرف المغلقة ولا تُبذَل من أجل إخضاع القوى الأمنية لأفضل التدريبات في ما يتعلّق بممارسات حقوق الإنسان.

المعيار الذهبي هو نوع من التدريب متعدد الثقافات، تمّ تطبيقه في سلوفينيا عقب الاضطراب الاجتماعي الذي حصل بين مجتمعات روما والشرطة. وإنّ المباشرة ببرنامج تدريب مشترك-الذي عزّز مكانة قادة روما المحلّيين باعتبارهم مشاركين في التدريب- أصلح عقودًا من انعدام الثقة بين الشرطة وروما وعزّز الاحترام المتبادل والتفاهم بين الجهتين. تضمّن البرنامج جلسات بين الأطراف المتعددة وتغطية إعلامية، ما جعله في نهاية المطاف رمزًا لحركة اجتماعية أكبر نحو التسامح بين الثقافات المختلفة. ويشير تقييم لبرنامج التدريب أجراه مؤخرًا فريق من كلية جون جاي للعدالة الجنائية والسيطرة الديمقراطية على القوات المسلحة إلى أرجحية حدوث وقاية من الجرائم نتيجة لذلك أيضًا، بما أنّ الجهتين بنتا علاقات تعاون وإنتاج مشترك لحفظ الأمن، وكان لها نتائج إيجابية.

في حال كانت البحرين جدّيّة بشأن الإصلاح، قد تأخذ بالاعتبار نموذجًا مماثلًا. بإمكان حكومة الولايات المتحدة دفع حليفتها العسكرية إلى السير في هذا الاتّجاه من خلال حثّها على إصلاح الجهاز الأمني

وإيقاف تصدير الأسلحة إلى المملكة إلى حين تحقيق تقدّم. وعلى الولايات المتحدة البدء بالمطالبة بجعل نسب التمثيل الحالي للشيعة في الجهازين الأمني والعسكري متاحة للعلن من أجل إعادة تجنيد عناصر الشرطة الشيعة الذين تمّ صرفهم، وخلق فرص توظيف وترقية للجماعات التي تفتقر إلى التمثيل. على واشنطن التأكيد على إشراك قادة المجتمع الشيعي في كل التدريبات المستقبلية لعناصر قوات الأمن في البحرين في البرامج المتعلّقة بحقوق الإنسان، كجزء من بيداغوجيا متعدّدة الثقافات وحوار يدعم إصلاح حقيقي للعلاقة بين الشرطة وعامّة الناس-أي تحقيق شيء يتخطّى حملة العلاقات العامّة التي اتّسمت بها عملية "الإصلاح الأمني" في البحرين منذ العام 2011.

 

*براين دولي هو مدير برنامج المدافعين عن حقوق الإنسان في منظمة هيومن رايتس فيرست.

*شاركت ستايسي ستروبل، البروفيسورة المساعدة في كلية جون جاي للعدالة الجنائية، في كتابة المقال.

13 فبراير/شباط 2015
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus