نيويورك تايمز: في شهادة أمام المحكمة... "زكريا موسوي" يتّهم الملك السعودي وأمراء بينهم الوليد بن طلال برعاية تنظيم القاعدة

2015-02-13 - 7:18 م

سكوت شاين، صحيفة ذي نيويورك تايمز

ترجمة: مرآة البحرين

في شهادة استثنائية للغاية من داخل سجن سوبرماكس الفدرالي، وصف عنصر سابق في تنظيم القاعدة  أفرادا بارزين من الأسرة الملكية السعودية بأنّهم كانوا من أهم ممولي الشبكة الإرهابية في أواخر التسعينات وزعم أنّه ناقش خطّة لقصف طائرة الرئاسة الأمريكية "إير فورس وان" بصاروخ "ستينغر" مع أحد موظّفي السفارة السعودية في واشنطن.

كتب العضو في القاعدة، زكريا موسوي، رسالة في العام الفائت إلى القاضي جورج بي. دانيلز من محكمة المنطقة الجنوبية لولاية نيويورك الأمريكية، الذي يشرف على القضية المرفوعة ضد السعودية من قبل أهالي الذين قتلوا في هجمات 11 سبتمبر،2001 الإرهابية. وقال موسوي إنّه يريد أن يدلي بشهادته في هذه القضية، وبعد مباحثات مطوّلة مع مسؤولي وزارة العدل والمكتب الفدرالي للسجون، تمّ السماح لمجموعة من المحامين بدخول السجن واستجوابه على مدار يومين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي بيانٍ أصدرته السفارة السعودية مساء الإثنين، قالت السفارة إنّ لجنة 11 سبتمبر المحلية نفت المزاعم التي تقول إنّ الحكومة السعودية أو المسؤولين السعوديين قد موّلوا تنظيم القاعدة.

وقال البيان إنّ: "موسوي مجرمٌ مختل وقد قدم محاموه أدلة على أنه غير كفء عقليًا، وأنّ أقواله ليس لها أي مصداقية".

لقد تمّ تشخيص موسوي بإصابته بمرض عقلي من قبل طبيب مختص بعلم النفس الذي شهد لصالحه، ولكن تبيّن أنّه مؤهّل للمثول أمام المحكمة لمحاكمته بتهم متعلّقة بالإرهاب. فحكم عليه بالسجن المؤبّد عام 2006 وهو محتجز الآن في السجن الفدرالي الذي يتلقّى أشد حراسة، والذي يقع في فلورانس في ولاية كولورادو. ولم يمكن التحقّق من الاتّهامات التي وجّهها موسوي.

موسوي 33

وتأتّي ادّعاءات موسوي في وقتٍ حسّاس للعلاقات الأمريكية-السعودية، عقب أسبوعين من وفاة الملك عبد الله الذي حكم البلاد لفترة طويلة واعتلاء أخيه الملك سلمان العرش.

وكثيرا ما حصلت توترات بين القادة السعوديين والإدارة الأمريكية منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 وبذل جهود لمعالجة الاضطرابات المترتبة عنها في المنطقة. وذكر موسوي أنّه اجتمع في السعودية مع سلمان، الذي كان أميرًا آنذاك، وأفرادا آخرين من الأسرة الملكية السعودية لتسليمهم رسائل من أسامة بن لادن.

ولطالما ظهرت أدلة على دعم أثرياء السعودية لبن لادن، وهو ابن شخصية سعودية كبيرة، ودعمهم تنظيم القاعدة قبل هجمات العام 2001. وقد عملت السعودية بشكلٍ وثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية على تمويل المقاتلين الإسلاميين وتدريبهم لمحاربة الجيش السوفييتي في أفغانستان في الثمانينات. وقد استقطب تنظيم القاعدة أعضاءه من هؤلاء المقاتلين.

ولكن لطالما كان مدى تورّط السعودية مع القاعدة وطبيعته، وإذا ما تطوّر الأمر ليشمل التخطيط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول وتمويلها، موضع خلاف.

إذا اعتبرت شهادة موسوي جديرة بالثقة، فإنّها تؤمّن تفاصيل جديدة حول حجم ذلك الدعم في الفترة ما قبل 9/11 وطبيعته. ويعطي نص الشهادة الذي يفوق حجمه الـ 100 صفحة، والذي قُدّم إلى المحكمة الفدرالية في نيويورك الإثنين، انطباعا أنّ زكريا هادئ ومتماسك إلى حدٍ كبير، رغم أنّ محاميي المدّعين الذين كانوا يستجوبونه لم يعترضوا على إفادته.

المحامي شون بي. كارتر من مكتب كوزن أوكونور في فيلادلفيا الذي شارك في الإفادة باسم المدّعين، قال إن "الانطباع الذي تركه في نفسي أنّه سليم العقل تمامًا-وشديد التركيز والانتباه". وقال إنّ المحامين احتاجوا للحصول على إعفاء خاص من "الإجراءات الإدارية الخاصّة" التي تمنع الكثير من المدانين بأعمال إرهابية في السجون الفدرالية من التواصل مع أشخاص في الخارج.

ألقي القبض على موسوي الفرنسي المولد قبل أسابيع من أحداث 11 سبتمبر/أيلول بتهمة الهجرة غير الشرعية في ولاية مينسوتا، ممّا يعني أنّه كان داخل السجن في وقت تنفيذ الهجمات. ولكن في وقت سابق من العام 2001، تدرب على كيفية قيادة الطائرات وتم تحويل مبلغ له بقيمة 14000 دولار أمريكي من خلية إرهابية في ألمانيا، وهذا دليل على أنّه ربمّا كان يستعد لأن يكون من ضمن مجموعة الخاطفين.

سلمان 3

قال موسوي في إفادة أدلى بها في السجن إنه تلقى أوامر من زعماء القاعدة في أفغانستان عام 1998 أو 1999 لإنشاء قاعدة بيانات معلوماتية للجهات المانحة للمجموعة. من بين الذين قال إنّه تذكّر إدراج أسماءهم في قاعدة البيانات الأمير تركي الفيصل، الذي كان رئيس الاستخبارات السعودية آنذاك، والأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي في واشنطن الذي خدم لفترة طويلة، والمستثمر الملياردير البارز، الأمير الوليد بن طلال، وعدد كبير من رجال الدين البارزين في البلاد.

وقال موسوي- في لغة إنكليزية مكسّرة- "إن الشيخ أسامة بن لادن أراد الاحتفاظ بسجل الأشخاص الذين يدفعون المال إلى التنظيم، الذين ينبغي أن نستمع إليهم، أو الذين تبرّعوا في سبيل الجهاد".

وشغل موسوي منصب الساعي الشخصي لبن لادن، فحمل رسائل شخصية إلى أمراء ورجال دين سعوديين بارزين. وتحدّث عن التدريب الذي تلقّاه في معسكرات القاعدة في أفغانستان.

وقال إنّه ساهم في عملية تجريبية لتفجير قنبلة تزن 750 كيلوغرامًا كاختبار لهجوم مخطط له أن ينفّذ من خلال تفجير شاحنة مفخخة في السفارة الأمريكية في لندن، باستخدام السلاح نفسه الذي استخدم في هجمات تنظيم القاعدة عام 1998 على السفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا. كما درس أيضًا إمكانية شن هجمات بطائرات رش المحاصيل.

فضلًا عن ذلك، قال موسوي: "تحدّثنا عن إسقاط طائرة الرئاسة الأمريكية".

وبالتحديد ذكر أنه التقى بمسؤول من قسم الشؤون الإسلامية في السفارة السعودية في واشنطن، عندما زار المسؤول قندهار. إذ قال إنّه: "كان من المفترض أن أذهب معه إلى واشنطن لإيجاد مكان قد يكون مناسبًا لإطلاق صاروخ ستينغر والتمكن من الهرب بعدها".

وقال موسوي إنه اعتقل قبل أن يتمكن من تنفيذ المهمة الاستطلاعية.

كان تصرف موسوي أثناء محاكمته في العام 2006 غريبًا في بعض الأحيان. فقد حاول أن يطرد محاميه، الذين قدّموا أدلّة على أنه يعاني مرضًا عقليًا خطيرًا. غير أن القاضية ليوني برنكيما، التي ترأست الجلسة أعلنت أنها "مقتنعة تمامًا أن السيد موسوي يتمتع بكامل الأهلية" ووصفته "بالرجل الفائق الذكاء".

وأضافت أنّه "كان لديه معرفة بالنظام القانوني أكثر من بعض المحامين الذين رأيتهم في المحكمة."

وكذلك قدّمت يوم الإثنين شهادات في الدعوى القضائية للناجين، من قبل السيناتور السابق بوب غراهام من ولاية فلوريدا، والسيناتور السابق بوب كيري من ولاية نبراسكا، ووزير البحرية السابق جون ليمان، يقولون فيها إنّه لا بد من إجراء المزيد من التحقيقات بشأن ارتباط السعودية بمؤامرة 9/11. وكان السيد غراهام رئيسًا مشاركًا للجنة التحقيق التابعة للكونغرس في هجمات 9/11 بينما كان السيد كيري والسيد ليمان عضوين في لجنة 9/11.

وكتب السيد غراهام، الذي لطالما طالب بنشر تقرير الكونغرس المؤلف من 28 صفحة الذي يتطرّق لعلاقة السعودية بالهجمات والذي بقي سريًّا: "إنّني على قناعة بوجود ارتباط مباشر بين بعض الإرهابيين الذين نفّذوا هجمات 11 سبتمبر/أيلول على الأقل والحكومة السعودية".

أما السيد كيري فقال في إفادته إن الزعم بأن لجنة 9/11 قد برّأت الحكومة السعودية، ، كما فعل المحامون عن السعودية، كان "غير دقيق ومضللًا في الأساس".

ولم تتناول تصريحات المسؤولين الثلاثة شهادة موسوي.

وكانت دعوى 9/11 قد رفعت، في الأصل، عام 2002 ولكنّها واجهت سنوات من العوائق القانونية. وقد تمّ رفض القضية عام 2005 بحجة أن السعودية تتمتع بـ "حصانة سيادية"، وتمّ تأييد رفض الدعوى في طلب الاسئناف الذي قدذم إلى محكمة الاستئناف في الولايات المتحدة للدائرة الثانية.

غير أن محكمة الاستئناف تراجعت عن قرارها وأمرت بإعادة فتح الدعوى. فاستأنفت الحكومة السعودية لدى المحكمة العليا، ولكنّها رفضت الاستماع إلى القضية، فأعيدت بذلك إلى المحكمة الفدرالية في مانهاتن. وكانت إقامة الدعوى يوم الإثنين معارضة للمذكّرة الأخيرة التي رفعتها السعودية لطلب رفض الدعوى.

وقال السيد كارتر، محامي المدعين، إنّه وزملاءه أملوا العودة إلى سجن كولورادو لإجراء تحقيقات إضافية مع موسوي وإنّ مسؤولي السجن أخبروهم أنّهم سيُسمح لهم بالقيام بذلك. وقال السيد كارتر "إننا متأكدون أنه لديه المزيد ليقوله".

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus