موقع فايس: حوار مع رجلين سجّلتهما الحكومة البحرينية في قائمة الإرهابيين

2015-02-10 - 8:40 م

كايتي إنغلهارت، موقع فايس نيوز

ترجمة: مرآة البحرين

يوم الأحد، كان علي عبد الإمام البالغ من العمر 37 عامًا يتحدّث مع أصدقائه من البحرين على الإنترنت عندما رأى تقريرًا نشرته وكالة الأخبار الرسمية في البلاد. ذكر التقرير أنّ الحكومة البحرينية أسقطت جنسية 72 مواطنًا من أجل "الحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة خطر التهديدات الإرهابية".

خضعت البحرين لضغوطات متزايدة من قبل حكومات الغرب لقمع ما يبدو أنّه بداية مشكلة جهادية في المملكة الخليجية الصغيرة. إذ يُزعم أنّ 100 بحريني انضمّ إلى تنظيم داعش حتّى الآن- ويدّعي الناقدون أنّ بعض مقاتلي التنظيم أتوا من داخل الجهاز الأمني الرسمي في البحرين.

لذا، لم يتعجّب عبد الإمام، المدوّن والناشط البحريني البارز المقيم حاليًا في المملكة المتّحدة، من رؤية خبر مماثل-غير أنّه تعجّب من رؤية اسمه في الرقم 49 من لائحة الإرهابيين المزعومين. وصرّح عبد الإمام لموقع فايس أنّه لم يكترث كثيرًا لورود اسمه في اللائحة، ولم يدرك، إلا في وقتٍ لاحق، أنّه أصبح الآن عديم الجنسية.

 

 

علي عبد الإمام

من بين 72 بحرينيًا، أسقط حاكم البحرين جنسيتي اليوم من دون توجيه أي تهم إليّ أو تقديم أي أدلة واضحة على سبب ذلك.

31 يناير/كانون الثاني 2015

تتضمّن قائمة الحكومة البحرينية مزيجًا غريبًا من مجرمين مزعومين: دعاة داعش المتشدّدين، بالإضافة إلى صحافيين وأعضاء في منظمات غربية تُعنى بحقوق الإنسان.

وقالت جاين كيننمونت لفايس نيوز، وهي من كبار الباحثين في مركز تشاتام هاوس البريطاني للبحوث في لندن: "إنّهم قاموا بالحيلة القديمة، إذ مزجوا مشاكلهم المحلية بالحرب الدولية على الإرهاب". وأضافت كيننمونت أنّ البحرين استعارت ربما صفحة من (تاريخ) الكويت، التي استعانت بتكتيكات مماثلة في الماضي-  فحظيت بالتقدير على المستوى الدولي "لاتّخاذها إجراءات ضد داعش" ولكنّها كانت تتجنّب الانتقادات بشأن سجلها السيء في مجال بحقوق الإنسان. "ويستخدم هذا الأسلوب في الإمارات العربية المتحدة وعمان...الممالك تتعلّم من بعضها البعض نوعًا ما".

تمّ اتّهام البحرينيين الـ72 بارتكاب جرائم مختلفة ضد "مصالح المملكة،" بما في ذلك "التجسّس لصالح دول أجنبية وتجنيد أشخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة في أعمال إرهابية"، و"السعي إلى زعزعة الحكومة من خلال التحريض ونشر الأخبار الكاذبة"، و"الانضمام إلى خلايا إرهابية"، و"الاعتداء على دول شقيقة".

واحتواء القائمة على أسماء أفراد سنّة وشيعة على حدٍّ سواء أمر ذو أهمّية. فغالبًا ما نظّم المعارضون الشعية تظاهرات مندّدة بالنظام ممّا تسبب بمعظم أعمال النظام الانتقامية. ويُعتَبَر إشراك شخصيات سنّية بارزة في اللائحة علامة على جدّية البحرين في مكافحة مخاطر تنظيم داعش الذي يقوده السنّة. فعلى سبيل المثال، الرقم 17 في القائمة هو تركي البنعلي، وهو من أبرز مُنَظّري ودعاة التّنظيم.

ولكنّها ليست المرّة الأولى التي تسقط فيها أسرة آل خليفة الحاكمة في البحرين جنسيات مواطنيها منذ انطلاق الانتفاضة التي قادها الشيعة ضد النظام الذي يحكمه السنّة في العاصمة المنامة في العام 2011. غير أنّها أكبر خطوة من نوعها.

وفي العام 2013، أقرّت البحرين قانونًا يسمح للنظام بسحب الجنسية من البحرينيين الذين يرتكبون الأعمال "الإرهابية". وفي العام 2014، تمّ توسيع هذه السّلطة وتطبيقها على الأفراد الذين ينتهكون "واجب الولاء" للمملكة. وقد انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش صياغة تعديلات العام 2014 المبهمة، التي "توفّر ذريعة قانونية إضافية للإسقاط التعسفي للجنسية".

وأتت هذه الخطوة الأخيرة عقب بضعة أيام فقط من قيام وزير الخارجية البريطاني بالثناء على البحرين للتقدّم الذي حقّقته في سجلها المتعلق بحقوق الإنسان. إذ قال أمام مجلس العموم البريطاني في 20 يناير/كانون الثاني إنّها: "دولة تسير في الاتّجاه الصحيح. إنّها تحقّق إصلاحات مهمّة".

وخلال زيارة له إلى البحرين في مايو/أيّار الماضي، أشاد الأمير أندرو أيضًا بالبحرين، إذ قال: "أعتقد أنّ ما يحدث الآن في البحرين مصدر أمل للكثير من الناس في العالم ومصدر فخر للبحرينيين."

غير أنّ تقرير هيومن رايتس ووتش السنوي للعام 2015، الذي نشر الأسبوع الفائت، يرسم صورة مغايرة. يذكر التقرير أنّ المحاكم البحرينية تستمر بإدانة المعارضين السلميين وزجّهم في السجون على خلفية "تهم مبهمة متعلقة بالإرهاب،" وتستخدم السلطات "قوّة مميتة وغير متكافئة على ما يبدو" ضدّهم.

فرّ عبد الإمام من البحرين عام 2013 في حاوية شحن واستطاع الوصول إلى بريطانيا، حيث طلب اللجوء السياسي.  في البحرين، ازدادت شهرة عبد الإمام حين  أصبح محرّر موقع بحرين أونلاين المطالب بالديمقراطية. وفي العام 2005، صرّح عبد الإمام لفايس نيوز أنّه اعتُقل على خلفية تهم مثل  "نشر خطاب الكراهية [و] أخبار كاذبة"، ولكنّ أطلق سراحه بعد أسبوعين. وفي سبتمبر/أيلول عام 2010، قال إنّه اعتُقل مجدّدًا-وتعرّض للتعذيب.

وأضاف: "ضمّوني إلى مجموعة قالوا إنّها كانت تخطّط للإطاحة بالنظام. أهانوني وضربوني...كنت معصوب العينين ومكبّل اليدين. وهدّدوا زوجتي، وتوعّدوا بصعقي بالكهرباء".

وفي فبراير/شباط 2011، أطلق سراحه. ولكن يقول عبد الإمام إنّ الشرطة اقتحمت منزله بعد أسبوعين، ما دفعه إلى التواري عن الأنظار. ولم يرَ زوجته وأولاده الثلاثة لسنتين، إلى أن تمكّن من مغادرة البلاد.

رجل آخر على لائحة البحرين الإرهابية المزعومة هو سيد الوداعي البالغ من العمر 28 عامًا، المدير التنفيذي لمعهد البحرين للحقوق والديمقراطية. علم الوداعي بقرار سحب جنسيته من موقع تويتر. وقد صرّح لفايس نيوز أنّ "حوالي 50" شخصًا على لائحة النظام هم "معارضون للحكومة يطالبون بالديمقراطية"، بينما هناك حوالي 20 شخصًا "مرتبطين بداعش".

يعتقد الوداعي أنّه لفت أنظار الحكومة البحرينية العام الماضي، عندما تظاهر خلال مهرجان ويندسور الملكي للفروسية في بريطانيا، حيث كانت الملكة إليزابيث تستضيف ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة كعضو في وفد تجاري بحريني إلى المملكة المتحدة. اجتاز الوداعي مكان العرض رافعًا العلم البحريني في محاولة لحثّ الملكة على إنهاء علاقاتها مع ملك البحرين. فسحبته الشرطة بسرعة من هناك واحتجزته لساعات عدّة.

وقال الوداعي: "ذهبت إلى هناك لأنه، كوني ضحية أعمال تعذيب وكون الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان قابعون في سجون البحرين، كان من المهين بعض الشيء رؤية [الملك آل خليفة] يجلس هناك مع الملكة".

وصل الوداعي إلى بريطانيا عام 2012 وطلب لجوءً سياسيًا. وهو ناشط بارز مطالب بالديمقراطية، قال إنّه  تعرّض للضرب من قِبل الشرطة البحرينية في تظاهرة في فبراير/شباط 2011 التي شكّلت انطلاق الانتفاضة المناهضة للنظام في البلاد. أصيب الكثيرون بجروح، والوداعي، الذي درس في بريطانيا بمنحة دراسية ويتكلمّ باللغة الإنكليزية بطلاقة، قد قدّم نفسه كمتحدث للصحافيين النّاطقين بالإنكليزية في المنامة.

وخلال العام التالي، قال الوداعي إنّه اعتُقل مرتّين وتعرّض للتعذيب. وقال أيضًا إنّ حرّاس السجن كانوا أجانب من سورية، وباكستان، وغيرهما.

لا تزال الاحتجاجات في البحرين اليوم مستمرة. لقد قتل 89 معارضًا على الأقل حتّى الآن، واعتُقل 15,000 آخرين. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قاطعت الجمعية المعارضة الأساسية في البلاد الانتخابات الوطنية. وفي الشهر التالي، تمّ اعتقال قائد التيار المعارض الرئيسي في المملكة.

وتأتي حملة القمع هذه في فترة حسّاسة في علاقات البحرين مع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة. في العام الماضي، أعلنت البحرية الأمريكية أنّها ستوسّع منشأة أسطولها الخامس في الخليج، بكلفة تبلغ 580 مليون دولار أمريكي في البحرين. وفي ديسمبر/كانون الأول، أعلنت بريطانيا عن صفقة "بارزة" لبناء قاعدة للبحرية الملكية تبلغ كلفتها 22.8 مليون دولار أمريكي في ميناء سلمان في البحرين لتستوعب حاملات الطائرات البريطانية الجديدة من نوع الملكة إليزابيث. ويُزعَم أنّ الحكومة البحرينية ستتولّى تكاليف بناء القاعدة، وقد لاقى هذا القرار معارضة من قبل سياسيي حزب العمّال والحزب الديمقراطي الليبرالي.

تعتبر البحرين حصنًا استراتيجيًا في وجه إيران. وهي أيضًا شريكة الولايات المتحدة وبعض الدول الخليجية في حملة الغارات الجوية ضد تنظيم داعش، الذي يسيطر الآن على مساحات واسعة من سورية والعراق.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، صرّح الناشط البحريني البارز في مجال حقوق الإنسان نبيل رجب لفايس نيوز أنّ البحرين، عبر عرضها لدفع تكاليف بناء القاعدة البحرية البريطانية، كانت "تشتري الصمت".

وقالت الباحثة كيننمونت إنّ قمع البحرين للناشطين المعارضين "لم يشتد إلا منذ الإعلان عن القاعدة...لقد  منحت القاعدة الحكومة ربما المزيد من الثقة".

وفي تصريح لفايس نيوز، قال متحدّث باسم وزارة الخارجية إنّ: "حكومة المملكة المتحدة تدعم حكومة البحرين في برنامجها الإصلاحي، بما في ذلك العمل على مساعدة البحرين على تقوية قطاعها المتعلّق بحقوق الإنسان والعدل".

 

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus