مارك أوين جونز: تزايد الانقسام في البحرين ما بعد الانتخابات

2015-02-06 - 12:42 ص

مارك أوين جونز، مدونة مركز الشرق الأوسط، موقع كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية

ترجمة: مرآة البحرين

رأى البعض في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني في البحرين منافسة بين الحكومة والمعارضة؛ فالمشاركة تعني الموافقة على الوضع الراهن، في حين تعني المقاطعة تثبيت خيار المعارضة. من جهتها، بذلت الحكومة أقصى جهودها لتشجيع الناس على الاقتراع، فتمت مكافأة الذين شاركوا بعملية التصويت بتنظيم سحوبات على أجهزة آيفون، ولكن عند تبيّن فشل المكافأة الموعودة، لجأت الحكومة إلى الاستفادة من نقاط الضعف، إذ ذكر تقرير في صحيفة الأيام أن الذين اقترعوا سيحظون بمعاملة أفضل في ما يتعلق بالتوظيف العام وتوفير الخدمات. وبعد وقتٍ قصيرٍ من الانتخابات، صدر إعلان وظائف عن وزارة الداخلية يشترط على المرشحين المحتملين تقديم إثباتٍ على مشاركتهم فيها.

وعلى الرغم من ذلك، كان مفهوم البحرين "ما بعد الانتخابات" مفهومًا تعسفيًا إلى حد ما، مع اعتبار أن معنى الانتخابات يعتمد عادةً على قدرتها على تأمين إمكانات تغييرية جوهرية للدولة ومواطنيها سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي. وفي ظل المأزق السياسي ومجموعة التشريعات القمعية، يبدو أن الحكومة لا تزال متمسكة بموقفها. في الواقع، ما يزال مجلس النواب المنتخب بمثابة مكان للمناقشات فقط وصاحب سلطة ضعيفة، وما تزال الحكومة تعيّن من قبل الملك بناءً على توصيات رئيس الوزراء صاحب مدة الخدمة الأطول في العالم، وما تزال الغرفة العليا التي يعيّنها الملك أيضًا تعمل كشبكة أمان لحماية سيطرة آل خليفة. في الواقع، لم يتم عمليًا تطبيق أي من الإصلاحات التي طالبت بها المعارضة في وثيقة المنامة. ليس هناك برلمان منتخب أحاديّ التمثيل ذي قوة تشريعية كاملة ولا يبدو أن هناك نهاية للتجنيس السياسي للأجانب السنة. وهناك فقط مؤشر صغير على استقلالية القضاء عن الأسرة الحاكمة.

والتنازل الحقيقي الوحيد للحكومة مؤخرًا تمثّل في إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية لمواجهة التحيز الصارخ في توزيع الدوائر الانتخابية، الذي ضعف الأصوات الشيعية. غير أن الأمر تم من دون استشارة الجمعيات السياسية في البحرين. وعلى الرغم من أن الترسيم الجديد يتّبع مبدأ "شخص واحد، صوت واحد"، تزعم جمعية الوفاق أن هذا الأمر تم على حساب تبديد دوائرهم الانتخابية؛ بمعنى آخر، تحوّل تصويت الشيعة من مشوّه إلى مُبَدّد. ونظرًا لمقاطعة جمعية الوفاق للانتخابات، باستثناء المرشحين الشيعة الثلاثة عشر المستقلين ومن بينهم ثلاثة نساء، فإن تمثيل شيعة البلاد ناقص في البرلمان. هذا النقص في التمثيل واعتقال الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق ساهم في تأجيج الفتنة الطائفية في فترة ما بعد الانتخابات.

مع ذلك، خسرت معظم الجمعيات السياسية المنافسة أمام المرشحين السنة المستقلين الموالين للحكومة، وعلى الرغم من أن خسارة جمعيات كالمنبر والأصالة لمقاعدهم قد تعود ببعض الراحة على أولئك الذين يخافون من النزعة التوسعية للإسلاميين، فإن شبح الدولة الإسلامية يلوح بقوة في أفق البحرين. فبعد انضمام عدد من البحرينيين إلى الدولة الإسلامية، من بينهم عناصر في المؤسسات الأمنية، تزايدت المخاوف من هجوم على البحرين. علاوة على ذلك، وفّر شبح الطائفية الذي أطلقته السلطات، بالإضافة إلى الفساد الحكومي والتآمر الملحوظين، أرضًا خصبةً للسنّة االمنقسمين عن كل من المعارضة الشيعية وحكومة آل خليفة. وظهرت حسابات لداعش على تويتر، تهدد البحرين، في حين أفاد موقع مرآة البحرين أن الدولة الإسلامية فجرت منزلًا في سوريا يعود لشخصٍ يعمل في الجيش البحريني.

وفي حين يساهم صغر حجم البحرين، وسيادتها موضع التساؤل، في جعلها أكثر عرضةً لتأثير اللاعبين الخارجيين، قد تتسبب الحرب الباردة الجديدة بين إيران والسعودية بالمزيد من التوتر الداخلي. فعلى سبيل المثال، دفع اعتقال الشيخ علي سلمان أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، إلى انتقاد الحكومة البحرينية، وانطبق الأمر على عالم الدين المؤثر الشيخ عيسى قاسم أيضًا. وأدّى ذلك إلى ازدياد المخاوف من امتداد الصراع من سوريا والعراق إلى البحرين مسببًا المزيد من الانقسام في المجتمع واستمرار الاضطرابات.

ومن موقعها الحالي، لا يبدو أنّ الحكومة تمتلك استراتيجية واضحة لتجاوز أزمة البحرين. سلطّت نشاطاتها الأخيرة الضوء على ميل لمعاداة الشريحة الشيعية في البلاد، في حين كانت مشاركة البحرين في الضربات الجوية ضد داعش خفيفة بسبب نقص الجهد لمعالجة مشكلة بحرينيي الدّاخل، المتعاطفين مع داعش.

في النهاية، فشلت الانتخابات فعليًا في تحقيق أي نتائج إيجابية للحكومة البحرينية، إذ أن الانشقاق الذي عملوا على تعزيزه راكم ببساطة قضايا الانقسام. ومع عدم بروز أي حلٍّ سياسي واضح في الأفق، سيستمر التمرد بمستوى خفيف. فضلًا عن ذلك، لا يبدو احتمال هجوم داعش على البحرين مستبعداً أيضاً، وقد يدفع من دون شك الوضع المشحون أساسًا إلى شفا كارثة، خاصة في حال استهدف تنظيم داعش جماعات متطرفة من المعارضة الشيعية البحرينية.

 

20 يناير/ كانون الثاني 2015
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus